في الوقت الذي ينتظر فيه الإيرانيون تفعيل العقوبات الاقتصادية من جانب الولايات المتحدة الأسبوع المقبل، تواجه طهران تحديات لإحكام السيطرة على هروب الاستثمارات ووقف نزيف الريال (العملة المحلية). كانت هذه مقدمة الافتتاحية التي كتبتها رئاسة تحرير صحيفة "وول ستريت جورنال"، والتي تناولت فيها أبرز تطورات سقوط الريال الإيراني وموقف النظام من هذه الأزمة، وكذا قبوله أو رفضه دعوة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" للتفاوض مجددًا على الملف النووي. بدأت افتتاحية وول ستريت جورنال -التي ترجمتها "عاجل"- بالإشارة إلى أن الدولار الأمريكي الواحد سجل في آخر نشاط له (الاثنين الماضي) أمام الريال الإيراني في السوق السوداء، قيمة وصلت إلى 119 ألف ريال. واستشهدت وول ستريت بتصريح للخبير الاقتصادي "استيف هونكه"، الذي أوضح فيه أن معدل التضخم في إيران يُقدر بـ 221 %، معلقة على هذا الرقم بالقول: "إن هذا المعدل ليس في دولة زيمبابوي، وإنما في إيران التي بات مواطنوها يبدلون أموالهم وممتلكاتهم إلى ذهب؛ بسبب سقوط قيمة العملة المحلية يومًا بعد يوم. وأضافت افتتاحية الصحيفة، أنه رغم هجوم العديد من الشركات الأوروبية على الأسواق الإيرانية بعد توقيع الاتفاق النووي عام 2015، إلا أن هذه الشركات تشهد حاليًا تعطيلًا لمكاسبها وأعمالها، في ظل انهيار الاقتصاد الإيراني ووابل العقوبات الذي يصيب قطاعات هذا الاقتصاد يوميًا. واستندت الصحيفة إلى تصريح مساعد وزير الخزانة الأمريكي "سيجال مندلكر"، والذي أوضح فيها بصراحة أن العقوبات الأمريكية سوف تعاقب إيران على أنشطتها غير القانونية، مثل تمويل مشاريع الحرس الثوري الإرهابية في سوريا أو دعمها لحزب الله اللبناني. وأوضحت وول ستريت جورنال، أن جميع هذه الأمور وضعت الرئيس الإيراني "حسن روحاني" في ظروف صعبة وضغط كبير من قبل المرشد "علي خامنئي"، وغيره من الملالي الحاكمين للجمهورية الإسلامية، مشيرة إلى التخبط الأخير الذي ضرب الفريق الاقتصادي لحكومة روحاني والذي تمثل في إقالة محافظ البنك المركزي واستبداله بآخر على هامش سقوط قيمة الريال. وكشفت وول ستريت نقلًا عن مصادرها، أن المسؤولين الإيرانيين ألقوا القبض على تجار السوق السوداء في العاصمة طهران، مؤكدة أن هذا الأمر سوف يزيد من خوف السوق، أو كما يُطلق عليه في الفارسية "البازار" أكثر من ذي قبل. واختتمت الصحيفة افتتاحيتها مؤكدة أن الإيرانيين يشهدون هذه المرحلة احتجاجات جديدة؛ اعتراضًا على الأوضاع الاقتصادية المضطربة، معتبرة أن الحل الأفضل أمام حكومة روحاني هو قبول دعوة ترامب، والدخول في مفاوضات جديدة على الأزمة النووية. وتشهد إيران أزمات سياسية واقتصادية غير مسبوقة، ازدادت وتيرتها بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي، وإعادة فرضها العقوبات الاقتصادية مجددًا على طهران. وكان آلاف الإيرانيين قد خرجوا في احتجاجات عارمة اجتاحت ما يقرب من 100 مدينة في ديسمبر الماضي، فيما عُرف بـ"انتفاضة ديسمبر"؛ احتجاجًا على تردي الأوضاع المعيشية وتأزُّم الوضع الاقتصادي في البلاد. وكانت أبرز شعارات المحتجين تدين فساد النظام في الداخل، وإنفاقه ثروات الشعب على معاركه الخارجية في سوريا والعراق واليمن، فيما طالب المحتجون بإسقاط حكومة روحاني ونظام ولاية الفقيه بزعامة المرشد "علي خامنئي".
مشاركة :