هل تراجعت حظوظ اللاجئين السوريين بالبقاء طويلا في ألمانيا؟

  • 8/2/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

عاد موضوع لم شمل أسر اللاجئين السوريين في ألمانيا ليطرح من جديد مسألة آفاق بقاء دائم لهؤلاء في ظل عدد من المتغيرات يتعلق جزء منها بالسياسة الداخلية الألمانية والآخر بالتطورات الإقليمية والدولية ذات الصلة بالشأن السوري. ارتفعت بعض الأصوات في ألمانيا مطالبة بفتح النقاش حول إمكانية عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فقد دعا رئيس وزراء ولاية ساكسن ـ آنهالت بشرق ألمانيا إلى ترحيل مزيد من طالبي اللجوء بمن فيهم السوريين إذا "توفرت الشروط لذلك". لكن الرد جاء سريعا من برلين إذ نفت الحكومة الاتحادية أن يكون الموضوع مطروحا في الوقت الراهن. وبغض النظر عن وجهات النظر المتباينة بهذا الشأن، فإن هذا الجدل يطرح من جديد آفاق بقاء مئات الآلاف من السوريين في ألمانيا على المديين المتوسط والبعيد، ما يطرح تساؤلات سياسية وقانونية. وبهذا الصدد أكدت الأستاذة نهلة عثمان لـ DW، وهي محامية متخصصة في قانون الهجرة، أن مصير اللاجئين مرتبط بأوضاعهم القانونية وبدرجات الحماية التي يتمتعون بها. فيما رأى نبيل يعقوب، الخبير في شؤون الهجرة والعضو السابق في مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن ألمانيا كباقي البلدان الأوروبية تتعرض لمدٍ شعبوي داخلي يدفعها لعدم الالتزام بالقوانين الدولية ذات الصلة بحماية اللاجئين. بيد أنه اعتبر في المقابل أن الحديث عن ترحيل اللاجئين إلى سوريا سابق لأوانه، بالنظر للدمار الشامل الذي أتى على الأخضر واليابس هناك. جدل قديم متجدد.. إطلاق شرارة الجدل كان بطلها هذه المرة راينر هازلهوف رئيس وزراء ولاية ساكسن ـ آنهالت الشرقية حينما قال "علينا ترحيل مزيد من الأشخاص، بما في ذلك اتجاه سوريا إذا ما توفرت الشروط لذلك"، وذلك في حوار مع صحيفة "ميتلدويتشه تسايتونغ" الألمانية في عددها الصادر يوم (الاثنين 30 يوليو/ تموز 2018). تصريح هازلهوف جاء رغم أن عدد طالبي اللجوء الذين تُقبل طلباتهم في الولاية في تراجع مستمر إذ لا يتعدى نسبة 3%. وبهذا الصدد أوضح نبيل يعقوب في حوار مع DW أن "مطالب الترحيل تتعالى بسبب ضغوط داخلية تؤججها قوى شعبوية ويمينية متطرفة عنصرية وكارهة للأجانب ولا تريد أن تنتظر حتى تحل هذه الإشكالية بطريقة إنسانية". وأوضح الناشط الحقوقي أن مجرد متابعة الصور التي تبتها وسائل الإعلام عن الوضع في سوريا، تظهر أنه، وبالرغم من التقلص الكبير في مساحات البلاد التي تعرف الحرب، إلا أن الدمار الهائل يؤكد أن إعادة بناء الظروف التي ستسمح بعودة اللاجئين لا تزال بعيدة المنال.. تناغم دولي في اتجاه عودة اللاجئين؟ أدت الحرب في سوريا إلى نزوح ملايين السوريين عن بلدهم، فيما طالب نظام دمشق مؤخرا على لسان الرئيس بشار الأسد، اللاجئين بالعودة إلى بلادهم، رغم المخاطر التي قد تحدق بهم من قبل الأعمال الانتقامية لأنصار النظام. وذهبت روسيا في نفس الاتجاه، إذ دعت المجتمع الدولي للمساعدة في عودة اللاجئين السوريين، كما أن المستشارة أنغيلا ميركل "بحثت الموضوع للتو مع الروس (..) وسبل تنظيم هذا الأمر" على حد تعبير هازلهوف، وذلك في إشارة إلى زيارة وزير الخارجية الروسي لبرلين مؤخرا. وإن كانت الحكومة في برلين أكدت رسميا أن الموضوع غير مطروح حالي على جدول الأعمال. سيف القوانين مُسلط على رقاب اللاجئين وفي حوارها مع DW أكدت المحامية نهلة عثمان على ضرورة التمييز بين أسباب قدوم اللاجئين وطبيعة الإقامة التي يتمتعون بها، فمعظم السوريين في ألمانيا يسري عليهم قانون يحمل رقم 23، الذي يعتبرهم لاجئين مؤقتين بسبب الحرب في بلدهم. وهذا القانون ينص على ضرورة عودتهم إلى بلدهم الأصلي بمجرد تحسن الوضع الأمني هناك، ولا تتيح هذه الحالة امكانية تمديد الإقامة. وأوضحت عثمان أن هناك "وضعيات قانونية مختلفة: منها الحماية الثانوية وهي مؤقتة وترتبط بحالة البلدان الأصلية التي أتى منها اللاجئون. فأصحاب الحماية موجودون في ألمانيا فقط بسبب الوضع الأمني في بلدهم، وبمجرد تغير هذا الوضع تُرفع عنهم الحماية (..) فالقانون ينص على الترحيل حتى لو كان الأشخاص المعنيون مندمجون مهنيا ويتكلمون اللغة الألمانية". وأشارت المحامية من أصل سوري، إلى أن هناك فئة أخرى من الأشخاص لهم وضعية قانونية أفضل يحصلون على حق اللجوء لمدة ثلاث سنوات، تُمدد تلقائيا إذا كانت الأوضاع في البلد الأصلي لا تزال غير آمنة. وفي حال تغيرت الأوضاع في البلد الأصلي وأصبحت آمنة فإن وضعية اللجوء تُسحب وتمنح الحماية الثانوية لغاية الترحيل، وبالتالي فإن وضعية اللجوء أفضل بكثير من وضعية الحماية، رغم أن كلا الوضعيتين مشروطتان بتطور الأوضاع في البلد الأصلي. "الحل الوحيد أمام اللاجئ للبقاء بشكل دائم هو الحصول على إقامة دائمة" حسب نهلة عثمان. وهناك تقرير نصف سنوي لكل من وزارتي الداخلية والخارجية لتقييم الأوضاع في البلدان التي يأتي منها اللاجؤون. وتساءل نبيل يعقوب عما إذا كانت الرؤية الانسانية هي التي ستنتصر في النهاية بالانتظار لبضعة أشهر أو أكثر.. أو الخضوع لإملاءات القوى الشعبوية التي تسعى للحصول على مكاسب سياسية.

مشاركة :