الاحتجاجات تضرب إيران مع اقتراب تطبيق العقوبات الأميركية

  • 8/3/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تشهد إيران منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات والمظاهرات المندّدة بالفساد والتدهور الاقتصادي والاجتماعي، ما ينذر بهبّة شعبية قد تعصف بأركان النظام القائم، مع اشتداد قسوة العقوبات الأميركية التي ستشتد وطأة مع دخولها حيز التنفيذ. طهران – تصاعدت الخميس، وتيرة الاحتجاجات في عدد من المدن الإيرانية ولا سيما في العاصمة طهران وشيراز وأصفهان ومشهد وكرج، متجاوزة الشعارات المطلبية إلى أخرى سياسية تطالب برحيل النظام. ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي العشرات من المقاطع المصورة لمظاهرات غاضبة في معظم مدن ومناطق البلاد. وأفاد ناشطون باستمرار الاحتجاجات، لليوم الثاني على التوالي، في شابور الجديد بأصفهان، حيث هتف المحتجون “خامنئي اخجل واترك البلاد؛ الموت للدكتاتور؛ لا تخافوا لا تخافوا كلنا متحدون معا”. ووفق ما قال موقع “الحرية لإيران” المعارض، فلقد هاجم الأمن المتظاهرين بقنابل الغاز في شابور الجديد، إلا أن المحتجين تصدوا لهم وأحرقوا إطارات السيارات. وحيت زعيمة المعارضة، مريم رجوي، المتظاهرين في أصفهان، خاصة الشباب قائلة “هؤلاء هم مبشّرو تحرير الوطن الأسير من يد النظام السفاح الذي احتل إيران باسم الدين”. ودعت رجوي عموم المواطنين وخاصة الشباب إلى “دعم المنتفضين في أصفهان وكرج وشيراز”. و في مدينة مشهد، انطلق المواطنون المنتفضون من ساحة الشهداء نحو ساحة توحيد وهم يردّدون “الموت للدكتاتور، لا للغلاء، يا ساكني القصور اخجلوا واتركوا البلاد”، فيما أطلقت قوات الأمن النار في الهواء مقتحمة جمهور المتظاهرين واعتقلت عددا منهم، إلا أن المواطنين تصدوا لهم وواصلوا احتجاجاتهم هاتفين “لا للغلاء والموت لروحاني”. وقالت المعارضة إن المئات تجمعوا في ساحة “ونك” وسط العاصمة طهران حيث رددوا هتافات ضد النظام. وتأتي موجة الاحتجاجات مع استعداد الولايات المتحدة لإعادة فرض العقوبات على إيران في نوفمبر المقبل، والتي تم رفعها بموجب الاتفاق النووي الذي تخلى عنه الرئيس دونالد ترامب. ولقد أثار ذلك المخاوف من تعرض إيران لمعاناة اقتصادية طويلة الأمد والمزيد من الاضطرابات الاجتماعية في البلاد، التي تعاني من الفقر جراء هدر النظام للأموال في دعم ميليشياته بالخارج كحزب الله في لبنان والمتمردين الحوثيين في اليمن. مريم رجوي: على الشباب الإيراني تحرير الوطن الأسير من يد النظام السفاحمريم رجوي: على الشباب الإيراني تحرير الوطن الأسير من يد النظام السفاح ويقول مسؤولون ومحللون إن الضغوط الأميركية المتنامية التي تقترن بحالة من السخط الشعبي بين الكثير من الإيرانيين على الوضع الاقتصادي بدأت تهز الجمهورية الإسلامية دون مؤشرات تذكر على أن قادتها يملكون أي حلول. وسجلت العملة الإيرانية سلسلة من الانخفاضات القياسية على مدى الأيام الأخيرة، في حين لم تقلص تصريحات الرئيس الأميركي على أنه مستعد لإجراء محادثات مع إيران دون شروط مسبقة، من مخاوف البلد من الانزلاق في أزمة اقتصادية حادة مع اقتراب العقوبات. وأمام الانخفاض الحاد في سعر العملة الإيرانية قبل إعادة فرض العقوبات، تحاول الحكومة الإيرانية التنصل من فشلها الاقتصادي بإطلاق حملة على الفساد، حيث اعتقلت العشرات من الأشخاص، في ما تروّج داخليا أن هذا التراجع مرده مؤامرة يحوكها الأعداء ضد إيران، في محاولة لتبرير فشلها في إدارة الأزمات وامتصاص غضب الشعب. وخسر الريال الإيراني منذ مطلع العام نحو ثلثي قيمته، أي 20 بالمئة من قيمته خلال يومين منذ عطلة نهاية الأسبوع حيث سجل انخفاضا قياسيا وصلت قيمته إلى 119 ألف ريال للدولار، لكنه سجل انتعاشا طفيفا بعد تصريحات ترامب الذي خفف فيها من نبرة التصعيد ضد طهران. ويلقي العديدون باللوم في تهاوي العملة على اقتراب موعد إعادة فرض العقوبات الأميركية وكذلك على إسراع العديد من الإيرانيين إلى تحويل مدخراتهم إلى الدولار. وأصدر البنك المركزي الاثنين بيانا لم يخرج عن الخط المعتاد معلنا أن الانهيار المفاجئ للعملة الوطنية مرده “مؤامرة الأعداء”. وقد لا يكون ذلك مصدره فقط هوس إيراني بإلقاء اللوم على الخارج، فالولايات المتحدة تشن حملة ضغوط قصوى ضد الحكومة الإيرانية. فيما يلفت مراقبون إلى أن الضغوط الخارجية كانت فعالة إذ كشفت الدرجة العالية من الفساد الإداري المستشري في البلد، والذي يزيد خطورته تورط مسؤولين من الحكومة في قضايا الفساد. وقال الصحافي الاقتصادي مزيار معتمدي من صحيفة “طهران فاينانشال تريبيون” إن “إيران في أزمة شاملة وهذا هو ما يستقطب كل الاهتمام. لا أحد يتحدث عن إصلاح البنوك والاستثمار واستحداث الوظائف”. ويبدو أن السلطات الإيرانية استشعرت الخطر وانتبهت إلى أن توقيت أزمة العملة يزيد من إرباكها، في الوقت الذي ما زالت البلاد تشهد فيه احتجاجات شعبية ضد الغلاء والبطالة، لذلك اختارت إجراء حملة ضد الفاسدين، وأعلن القضاء نهاية الأسبوع الماضي اعتقال 60 شخصا بتهم الاحتيال ومحاولة تقويض النظام المصرفي. ويتوقع أن تُجرى اعتقالات إضافية. وكشف المتحدث باسم السلطات غلام حسين محسني إيجي أن العديد منهم يرتبطون مباشرة بالحكومة وهو ما سمح لهم على سبيل المثال باستيراد سيارات فاخرة بشكل غير قانوني، ويمكن أن يواجهوا عقوبة الإعدام إذا أدينوا بتهمة “الفساد في الأرض” المعروفة في إيران. وتأتي الاعتقالات عقب موجة غضب ضد المتربحين الذين يستغلون علاقاتهم السياسية للحصول على الدولارات بأسعار منخفضة غير حقيقية، وبعد ذلك يتم استخدامها في استيراد السلع بأسعار رخيصة أو بيعها في السوق السوداء لتحقيق أرباح هائلة وخوفا من تزايد الغضب الشعبي وعودة الاحتجاجات بسبب رفض الكثير من الإيرانيين لسياسات النظام الداخلية والخارجية، تواصل الحكومة تأكيدها على أن كل شيء تحت السيطرة، لكنها لم تقدم حتى الآن سوى وعود غامضة بأنها ستخصص المزيد من الأموال لاستحداث الوظائف.

مشاركة :