يشتكي أحد أصدقائي من مشكلة تَلَقيه كثيرًا من الاتصالات والرسائل من أناس كُثر لا يعرفهم، يستفتونه فيما يرونه نائمين.. عَلِمَ من بعضهم أن رقم هاتفه قريب جدًّا من رقم هاتف شخص مشهور بتأويل الرؤى. يقول صديقي: "تعبت إلى درجة أني أنوي تغيير رقمي، ومشكلتي أنه مربوط بالعديد من الأنظمة والخدمات". استرسلَ قائلًا: "أكثر من يراسلني السيدات، ويكون الحلم أحيانًا كأنه (فيلم هندي) وفي بعضها (مسلسل أرجنتيني)، وفي أغلبها (فيلم خيالي)". بدأ يتسلى بتأويل تلك الرؤى. لا أزال أتساءل: "هل ينامون أكثر مني؟ أم ينقصني فيتامين ينشط الرؤى؟". ذات مرة سألته امرأة عن تفسير ما رأت، فقال لها إن السوق خطر على علاقتها بزوجها، ويجب عدم الذهاب إليه، أخبرتُه بعدم جواز التأويل بدون علم، فردّ عليّ أنه قدّم خدمة لزوجها المسكين! ربما كان اعتقاد بعض من يؤول الرؤى أنه يقدم خدمة للمجتمع والفرد، لكن الأغلبية لها مآرب أخرى، نعرف بعضها ونجهل البعض. لا أود الانحراف عن موضوعي بالخوض فيما ورد عن تأويل الرؤى، فيكفي أن أحسن القصص -بشهادته سبحانه- في القرآن بدأت برؤيا، وانتهت بتحقيقها، إلا أن الرؤى لم تمثل شَطرَ القرآن. إنما أتحدث هنا عن المبالغة في البحث عن تأويلها، وربما كرر النائم السؤال، ومرر الحالم الاستفهام ليصل لجواب يبحث عنه، رغم تأكيده -صلى الله عليه وسلم-: "إنها لا تضره". أتساءل: هل يمكننا الوصول إلى ما نطمح له إذا كنا مستغرقين في الرؤى وتفسيرها؟ بالتأكيد الرؤى لا تزور سوى النائم. كان آخر ما رأيت قبل ما يقارب 13 عامًا، وأرجو ألا أكون حالة مرضية. لا أعلم ما العلاقة بين العاطفة وكثرة رؤية الأحلام، أهي السبب؟ أم بسبب أن الشخص يفكر ويفكر ويكرر الفكرة قبل النوم، فيراها طوعًا، أقصد يتهيأ لها ويستحضرها بطقوسه دون أن يعلم. ينصح علماء النفس بتخيل كل ما يتمناه الإنسان وهو مستيقظ، ما يسمى بأحلام اليقظة، فهي تساعد على الاستعداد للحال المرتقب، لكن العجيب أن غالب من يُسأل عنه صاحبي، أضغاث أحلام، تَثقُل على من يراها وعلى من يسمعها، ولا طائل من البحث عن تأويلها. ليس من المعقول الانصراف عن التخطيط والعمل، إلى الانكباب على تأويل ما يراه النائم -وإن كان مستيقظًا- ويحلم به الحالم إن لم يكن عاملًا. لا أخفيكم سرًّا أني أفكر في شراء رقم صديقي من منظور اقتصادي بحت، وتمنعني رؤية شرعية تحرّم ذلك! فهد بن جابر @FahdBinJaber
مشاركة :