وسط ترقبٍ لدخول العقوبات الأميركية حيز التنفيذ بعد غد، توسّعت رقعة الاحتجاجات في كبرى مدن إيران، خصوصاً العاصمة طهران، التي رُفِعت في مساجدها شعارات ضد الغلاء والأوضاع الاقتصادية والحكومة خلال صلاة الجمعة، في خطوةٍ جديدة تنذر بالمزيد من زعزعة الاستقرار، الذي أضعفه أساساً الفساد والإدارة السيئة. ورغم الانتشار الأمني المكثف والموسع، لم يترك سكان طهران باقي المدن، وعلى رأسها أصفهان وشيراز ومشهد وقزوين وزنجان وساري وكرمانشاه والأهواز وهمدان وورامين وكرج، تستأثر بالاحتجاجات. ونزل السكان ليل الخميس- الجمعة إلى ساحة ولي عصر بالعاصمة للاحتجاج على تردي الاقتصاد، وتفشي الغلاء، واشتبكوا مع القوى الأمنية، مما أسفر عن مقتل أحد أفراد الشرطة وجرح 15، إضافة إلى مقتل متظاهر، وجرح أكثر من 50، قبل أن يضطر الأمن لطلب مساعدة شرطة مكافحة الشغب و«الباسيج» لقمع المتظاهرين. والجديد أمس، أن المحتجين رفعوا شعاراتهم خلال مراسم صلاة الجمعة، في خطوة يبدو أن رجال الدين وأئمة المساجد قصدوا السماح بها مقابل رفع شعارات لدعم النظام والمرشد الأعلى علي خامنئي، ليعطوا صورة أنهم أيضاً محتجون، لكن ليس على النظام. وفي وقت سابق، كتب اثنان من كبار مراجع التقليد في إيران، هما آية الله مكارم شيرازي وآية الله نوري همداني، رسائل مفتوحة إلى المرشد، ورئيس الجمهورية، ورئيس السلطة القضائية، ونواب المجلس، مطالبين إياهم بالعمل على حل المشاكل الاقتصادية للشعب، وتغيير الفريق الاقتصادي للحكومة، ومحاكمة المقصرين، وإنزال أشد العقوبات بالمفسدين الاقتصاديين. وأعلنت الأجهزة الأمنية اعتقال المئات ممن استغلوا القرارات الحكومية، وفرق سعر العملة الصعبة بين السعرين الحكومي والرسمي، لافتة إلى أن السلطة القضائية أطلقت على هؤلاء وصف «المفسدين الاقتصاديين»، وستحاكمهم على أساس أنهم «مفسدون في الأرض». وحسب القوانين الإيرانية، فإن حكم من يثبت أنه «مفسد في الأرض» هو الإعدام، ولكن الإطالة في محاكمة هؤلاء، وتكرار الموضوع خلال العقود السابقة أثار غضب الشعب من الاتجاهين السياسيين الأصليين في البلاد، الإصلاحيين والأصوليين، والذي اعتبر أن الموضوع كله خلافات سياسية، وليس هناك أي هدف لتحصيل حقوقه، مما انعكس في شعارات المحتجين أيضاً.
مشاركة :