"نحن على شفا موجة ثالثة من وباء الكوليرا في اليمن" هكذا دقت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر في اليمن الذي يشهد حربا منذ نحو أربع سنوات ألحقت دمارا كبيرا ببناه التحتية، فبات يفتقر لأبسط المقومات، خاصة في الجانب الصحي. وشهد اليمن موجتين من وباء الكوليرا، الأولى استمرت منذ أواخر أيلول/سبتمبر 2016، وحتى شباط/فبراير 2017، أما الثانية فبدأت أواخر نيسان/أبريل 2017 واستمرت حتى مطلع تشرين الثاني/نوفمبر من العام نفسه. وقد تسبب المرض حينها في قرابة المليون إصابة، وأكثر من 2000 وفاة، في تفش وصف بأنه الأكبر في العصر الحديث. لكن المؤشرات والأرقام المتزايدة التي رصدت مؤخرا خاصة في محافظة الحديدة (غرب) وقرب العاصمة صنعاء (شمال)، تشير إلى أن اليمن على أعتاب تفش جديد قد يزيد خلاله معدل الوفيات، بسبب انتشار سوء التغذية وتردي الأوضاع الإنسانية. وقبل أيام أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الكوليرا أودت بحياة 1500 شخص في اليمن منذ أواخر نيسان/ أبريل الماضي. بينما قالت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "يونيسيف" إن عدد الحالات المشتبه بها بالكوليرا خلال الأشهر الـ 13 الأخيرة تجاوز مليون حالة إصابة بينها 2300 حالة وفاة. وقد سجلت معظم الحالات في الحديدة التي تشهد قتالا شرسا، ألحق دمارا كبيرا بالبنى التحتية وتسبب مؤخرا في مقتل عشرات المدنيين جراء قصف على مستشفى بالمنطقة. علما بأن الحديدة هي المنفذ الرئيسي لدخول المواد الإنسانية والغذائية إلى اليمن. وقالت وزارة الصحة في حكومة الحوثيين إنها تسجل ما بين 5-10 حالات يوميا بالكوليرا في الحديدة وعمران. ويساعد دخول فصل الصيف وتساقط الأمطار في انتشار المرض. وفي مثل هذا الوقت من العام الماضي وصل متوسط معدل الوفيات بالكوليرا في اليمن إلى 27 شخصا يوميا حسب منظمة الصحة العالمية. وحذرت اليونيسيف من أن اليمن يواجه نقصا حادا في مياه الشرب التي ترتبط ارتباطا مباشرا بظهور حالات الكوليرا والإسهال المائي الحاد. وقالت المنظمة إن استمرار الهجمات على البنى التحتية يعيق بشكل كبير الجهود المبذولة لمنع تفشي الكوليرا في اليمن. ودعت منظمة الصحة العالمية مختلف أطراف الصراع في اليمن إلى هدنة من ثلاثة أيام ( السبت إلى الإثنين) تسمح بتطعيم المدنيين ضد الكوليرا. وتستهدف الحملة نحو 500 ألف شخص في اليمن. وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت أن ملايين اليمنيين يعتمدون على وجبة واحدة كل يومين. وحسب تقديرات المنظمة الدولية فإن أكثر من 22 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات، بينهم ثمانية ملايين ونصف المليون مهددون بالمجاعة، واصفة الوضع في اليمن بأنه "واحد من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث". ويشهد اليمن حربا بين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا منذ خريف 2014، وازداد الصراع حدة بعد تدخل السعودية وحلفاؤها في العام الذي أعقبه. وتسبب القتال في مصرع أكثر من 10 آلاف شخص حسب منظمات إغاثة دولية بينما يشير تقدير مستقل إلى 50 ألف قتيل. وتتجه الأنظار إلى جنيف حيث دعا المبعوث الأممي مارتن غريفيث إلى محادثات يؤمل اليمنيون أن تضع حدا لحرب قضت على الأخضر واليابس في بلادهم.
مشاركة :