من المتوقع إعلان الميزانية العامة خلال هذا الأسبوع، وسط تخوف كثيرين من تأثير أزمة انخفاض أسعار النفط، برغم تطمينات وزير المالية بالاستمرار في «تنفيذ مشاريع تنموية ضخمة والإنفاق على البرامج التنموية، خصوصا في قطاعات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية والاحتياجات الأمنية والعسكرية»، وإن توقف البعض عند كلمة تنفيذ مشاريع تنموية، وليس المشاريع التنموية التي تم اعتمادها، مما يعني ليس جميعها وبنفس الزخم السابق، وهذا أمر طبيعي ويحدث في كل اقتصادات العالم أثناء الأزمات. حقيقة، لم أجد مبررا لتصاعد نبرة هذه التخوفات، فاحتياطنا الضخم قادر على سد العجز، كما صرح حرفيا معالي وزير المالية، وإن لفتتني كلمة والاستمرار في سداد الدين العام، وكنت أظن أننا أقفلنا بابه، إذ لا يستقيم وجوده واستمرار فوائده علينا مع وجود احتياط ضخم. وكما قلت سابقا لعلها ضارة نافعة هذه الأزمة، فنبادر إلى ترشيد الإنفاق ورفع كفاءته وتفعيل سبل المتابعة، وأن يتفضل علينا أصحاب المعالي الوزراء بالنزول إلى الميدان وعدم الاكتفاء بالتقارير الورقية، لا يعقل أن ليس لدينا سوى وزراء قلائل يفعلون ذلك، على رأسهم وزير التجارة، وأذكره تقديرا لما يفعل ودعوة لغيره أن يفعل. ولهدف التطمين، أقول إنه إن ظهر عجز فربما للميزانية القادمة إذا ما استمر تدهور الأسعار ووصل لحافة الستين دولارا، وبدلا من القول إن الاحتياط سينفد خلال خمس سنوات، يمكن القول إنه سيسد العجز للخمس سنوات قادمة؛ لأنها فترة كافية لأن يستعيد الطلب العالمي على النفط قوته مع تعافي اقتصادات العالم من هذه الأزمة. لا شيء سيستمر كما هو لخمس سنوات ولا حتى نحن، عمليات ترشيد الإنفاق ورفع كفاءته يجب أن تكون هدفا استراتيجيا لكل الوزارات، ولا بأس بإعادة جدولة الأولويات. سيقول أحدهم: وهل هذا وقت التفكير في حلول طويلة الأمد ونحن في خضم أزمة؟ نعم هذا وقته، الحاجة أم الاختراع، أمر تساهلنا فيه أيام الطفرة لا بد أن نفكر فيه قبل الوصول للحفرة. وحتى لا أكون مغررا بالقول والتطمين، فإن سبب اطمئناني توقعي ظهور تغيرات هيكلية إصلاحية لنظامنا الاقتصادي، وطريقة وضع موازناتنا القادمة، والاستخدام الفعال لاحتياطنا، وعدم اعتباره مجرد خزنة نقدية أو وضعه في صناديق سيادية تعطينا الفتات وتأخذ هي اللب، المطلوب استثمار جزء أكبر منه في تخليق قطاعات اقتصادية ترفد اقتصادنا وتخفف الاعتماد على النفط.
مشاركة :