القاهرة - تسارعت جهود الحكومة المصرية للاستعانة بعدادات الكهرباء الذكية لترشيد الاستهلاك وإنهاء حالة الفوضى من خلال السعي لتقديم حلول تكنولوجية تناسب مختلف فئات المواطنين. وتكبد عشوائية شبكة الكهرباء الاقتصاد نحو 2.5 مليار جنيه سنويا (140 مليون دولار) نتيجة سرقة التيار الكهربائي، لكن الفجوة بين قيمة التيار الكهربائي وحصيلة الفواتير تصل إلى ملياري دولار، بحسب وزارة الكهرباء، التي تؤكد أن تكلفة الدعم الحكومي للكهرباء يصل إلى 2.6 مليار دولار. وأعلنت الحكومة عن خطة تمتد لنحو عشر سنوات مقبلة تستهدف خلالها تعميم عدادات الكهرباء الذكية على جميع المنازل. وتصل عدد عدادات الكهرباء في مصر لنحو 30 مليون عداد، ويبلغ متوسط تكلفة العداد الذكي نحو 112 دولارا، ما يعني أن تكلفة المشروع ستصل 3.37 مليار دولار. مجدالدين المنزلاوي: العاصمة الإدارية الجديدة سوف تطبق معايير شبكات الكهرباء الذكيةمجدالدين المنزلاوي: العاصمة الإدارية الجديدة سوف تطبق معايير شبكات الكهرباء الذكية وبدأت القاهرة في الأول من يوليو الماضي تطبيق المرحلة الرابعة من ترشيد دعم الكهرباء، ورفعت الأسعار بنسب تبدأ من 18 بالمئة للشريحة الأولى والتي تستهلك حتى 50 كيلوواط، وتتدرج الارتفاعات لتصل لنحو 82 بالمئة على الشريحة التي تستهلك 1000 كيلوواط، بينما تم إلغاء الدعم عن الاستهلاك الذي يفوق ألف كيلوواط شهريا. وقال وزير الكهرباء محمد شاكر في تصريح خاص لـ”العرب” إننا نسير وفق خطة مسبقة لترشيد دعم الطاقة، على خمس مراحل، تم تنفيذ أربع منها وبقيت مرحلة واحدة ستنفذ العام المقبل. وتسبب غياب نظام إلكتروني لتحصيل الفواتير في زيادة متأخرات وزارة الكهرباء لدى جميع الدوائر الحكومية والتي تمتنع عن الدفع منذ سنوات مما فاقم قيمة هذه الفاتورة لتصل إلى نحو 30 مليار جنيه (1.6 مليار دولار). وقال وائل النشار، الخبير في شؤون الطاقة، إن عدادات الكهرباء المنزلية تستحوذ على نحو 70 بالمئة من إجمالي عدد العدادات، بينما استهلاكها يعادل 50 بالمئة من حجم الطاقة الكهربائية. وأوضح لـ”العرب” أن عدادات الجهات الحكومية تستحوذ على نحو واحد بالمئة من إجمالي العدادات، والتي تعادل نحو 300 ألف عداد، إلا أنها تستهلك نحو 20 بالمئة من الكهرباء المنتجة بالبلاد. ويصل إجمالي القدرة الكهربائية المنتجة في مصر نحو 43 غيغاواط، بعد دخول محطات شركة سيمنز الخدمة نهاية الشهر الماضي بطاقة 14.4 غيغاواط. ولن تمنع مبادرة تركيب العدادات الكهربائية الذكية وقف نزيف خسائر سرقة التيار الكهربائي، وستسهم فقط في تحصيل الفواتير بشكل منتظم، ومن خلالها يتحكم الفرد في استهلاكه، وإذا امتنع عن شحن العداد سيعيش في الظلام. وتظل المتأخرات الحكومية صداعا في رأس وزارة الكهرباء لأنها لن تستطيع إلزامها بتركيب عدادات كهرباء ذكية وستظل تشابكاتها المالية مستمرة. وتلغي تجربة العدادات الذكية وظيفة محصل الكهرباء، وبدأت المرحلة التجريبية من المشروع بتركيب 2500 جهاز في عدد من المدن، وكشفت مؤشراتها عن نجاح التجربة بنسبة 98 بالمئة. وقال سيد كامل، محصل كهرباء لـ“العرب” إن العدادات الذكية تجربة فريدة، لأننا كنا نتعرض للاعتداء البدني في بعض الأحيان من جانب المواطنين خاصة بعد رفع أسعار الكهرباء. وأضاف أن الأمر وصل خلال عام 2013 ومع تكرار انقطاع التيار الكهربائي إلى دخوله المستشفى بعد اعتداء مواطنين عليه لمجرد أنه طالب بتحصيل فاتورة الكهرباء، الأمر الذي دعا عددا كبيرا من المحصلين إلى تنظيم وقفة احتجاجية خلال تلك الفترة للمطالبة بالنقل إلى إدارات أخرى بالشركة. وائل النشار: الحكومة تستهلك 20 بالمئة من الكهرباء ومتأخراتها 1.6 مليار دولاروائل النشار: الحكومة تستهلك 20 بالمئة من الكهرباء ومتأخراتها 1.6 مليار دولار ويصل عدد المحصلين بوزارة الكهرباء نحو 20 ألف موظف. وقال محمد شاكر إن استخدام التكنولوجيا في المنظومة الجديدة سيلغي حاجتنا لتعيين أشخاص جدد. ورغم مساعي القاهرة للتحديث، إلا أن العدادات الذكية لن تدخلها في منظومة شبكات الكهرباء الذكية، والتي تعني التحكم في جميع الأعطال، وإصلاحها عن بعد ومعرفة مناطق الأحمال المرتفعة. وتحتاج تكنولوجيا شبكات الكهرباء الذكية إلى معالجات تسمح بتوصيل خدمات الإنترنت عبر كابلات الكهرباء، ما يعزز من تقليل فاقد نقل الكهرباء عبر تلك الكابلات. وتعد شبكة “وي” التابعة للحكومة المؤهلة لهذا النظام، غير أن هذه التكنولوجيا تحتاج إلى تحديث شبكة الكهرباء المتهالكة. وقال مجدالدين المنزلاوي، رئيس جمعية مستثمري الطاقة، إن مبادرة العدادات الذكية تحتاج أن يتواكب معها تحصيل المتأخرات الحكومية، كي تستطيع وزارة الكهرباء الإنفاق على تطوير الشبكة الحالية. وأضاف لـ“العرب” أن العاصمة الإدارية الجديدة سيتم فيها تطبيق مفهوم شبكة الكهرباء الذكية، لأنها صممت من البداية على هذا الأساس، وستكون كافة المعاملات بها إلكترونيا. وتصل مديونيات شركات قطاع الأعمال العام لوزارة الكهرباء إلى نحو 560 مليون دولار، الأمر الذي يحدّ من قدرتها على التطوير في ظل تفاقم تلك المتأخرات، وبالتالي لن تجدي فكرة العدادات الذكية إلا في انتظام تحصيل فواتير الكهرباء الشهرية من المنازل والمحالّ التجارية فقط.
مشاركة :