صعدت أنقرة من حملتها على جماعة الداعية الإسلامي فتح الله غولن، مستهدفة «رأس الهرم» للمرة الأولى منذ انقلاب التحالف بينه وبين حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ أكثر من سنة مع صدور معلومات عن طلب الادعاء العام في إسطنبول من إحدى محاكمها استصدار أمر اعتقال بحق غولن بصفة «مشتبه بإدارة مجموعة إرهابية». وقال مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط» بأنه في حال صدور مذكرة التوقيف فإن السلطات التركية سوف تنظم طلب استرداد رسمي مدعم بالوثائق، للطلب إلى واشنطن تسليم غولن المقيم فيها منذ التسعينات من القرن الماضي، ويمتنع منذ ذلك الحين عن زيارة البلاد رغم وفاة شقيقه الشهر الماضي. ونفى المصدر بشدة اتهامات «التسييس»، معتبرا أن هؤلاء تغلغلوا في كل مفاصل الدولة، وقاموا بالإساءة إلى بلادهم بدعم من دول غربية وإقليمية. وأشار المصدر إلى أن حظر حركة «خدمة» أمر ممكن في حال ثبتت التهم الموجهة لأعضائها بالتورط بأفعال تهدد الأمن القومي. ورغم أن المذكرة لم تكن قد صدرت حتى مساء أمس، فإن مجرد صدور الخبر يعتبر أول مس مباشر بغولن المقيم في الولايات المتحدة حيث يدير منها مجموعة مدارس تعتبر الأكبر في تركيا، والدول الناطقة باللغة التركية، بالإضافة إلى مجموعة واسعة الانتشار من وسائل الإعلام، أبرزها مجموعة «سمان يولو» الإعلامية التي تضم 5 قنوات تلفزيونية، والتي صدرت أمس مذكرة توقيف بحق رئيس مجلس إدارتها هداية قاراجا، بتهمة «إدارة منظمة إرهابية». كما أصدرت المحكمة مذكرات توقيف بحق المدير السابق شعبة مكافحة الإرهاب في إسطنبول طوفان أرغودَر ومدير الأمن السابق في ولاية هكاري جنوب شرقي تركيا، وأرتان أرجيكتي (مدير سابق لشعبة أمن في إسطنبول)، ومصطفى قليج أصلان (ضابط أمن) بتهمة «الانتماء إلى منظمة إرهابية» وذلك في إطار قضية «الكيان الموازي»، بعدما أوقفتهم الشرطة الأحد الماضي. ورد العلامة غولن على الاتهامات بحق حركة «خدمة» قائلا: «إنهم يوقعون أنفسهم في مواقف مضحكة». وأضاف: «إذا كانوا يطلقون ادعاءات بلا حدود ودون معيار أو ميزان رقيب عليهم ويخرجون الآن على الرأي العام ليقولوا إن هؤلاء هم من يقفون وراء الجرائم مجهولة الفاعل شهدتها تركيا أو يقولون: إن هؤلاء يتفقون مع فلان أو علان، فهم بذلك يوقعون أنفسهم في مواقف مضحكة أمام الإنسانية أجمع». وأخلت المحكمة سبيل 8 أشخاص رهن المحاكمة، بينهم رئيس تحرير صحيفة «زمان»، أكرم دومانلي، الموقوف في قضية «الكيان الموازي»، مع وضعهم تحت الرقابة العدلية، ومنع السفر، حيث كانوا ضمن 12 مشتبها موقوفا أحيلوا للمحكمة أمس، بطلب اعتقالهم. وكان دومانلي رزق أمس بطفلة جديدة أمس أُطلق عليها اسم «سعادة». وشملت التهم الموجهة للموقوفين «ممارسة الضغوط والترهيب والتهديد، وتأسيس تنظيم يمارس الافتراء وحرمان أشخاص من حريتهم، وتزوير وثائق»، وكان من بين الموقوفين إعلاميون يعملون في قناة «صمان يولو» التلفزيونية، وصحيفة «زمان»، التابعتين لجماعة غولن، وآخرون يعملون في سلك الشرطة والأمن، فيما أُفرج عن عدد من الموقوفين، بعد أخذ أقوالهم في النيابة، ومن بينهم حسين غوليرجه، الكاتب السابق في صحيفة «زمان». وتجمع المئات من عناصر حركة «خدمة» أمام قصر العدل في إسطنبول لاستقبال دومانلي، منددين بما سموه «التوقيفات الاعتباطية». ورفض دومانلي خلال تلك التحقيقات، التهم الموجهة إليه، بأنَّه المتسبب في فتح تحقيق ضد مجموعة تسمى بـ«تحشية» في القضاء التركي، وهي قضية اتهم أصحابها بالانتماء إلى تنظيم القاعدة، ويدعي المتضررون منها أن «الجماعة» كانت وراء الإيقاع بهم بناء على الأخبار التي نشرتها الصحيفة التي يترأس تحريرها، وتضليل الرأي العام من خلالها. ونفى دومانلي كذلك تلقيه تعليمات من فتح الله غولن المقيم في ولاية بنسلفانيا الأميركية، لافتا أنه لا يتذكر أي دروس دينية لفتح الله غولن تطرق خلالها لجماعة التحشية منذ عام 2009. ومن جانبه نفى كراجا هو الآخر، تواصله مع فتح الله غولن المقيم في ولاية بنسلفانيا الأميركية، عبر الهاتف وتلقيه لأي تعليمات منه، مؤكدا عدم سماعه لكلمة «تحشية» على الإطلاق. وذكر فكرت دوران محامي كراجا، أن موكله رفض دفاعه في جلسة التحقيق التي أجراها معه القاضي حسن يلماز في إطار التحقيقات بقضية الكيان الموازي.
مشاركة :