اتهم سفير جمهورية اليمن لدى البحرين علي حسن الأحمدي أطرافاً بمحاولة إطالة أمد الحرب في اليمن، عبر ممارسة ضغوط على الحكومة الشرعية بحجة الملف الإنساني، دون الالتفات لما ترتكبه الميلشيات الحوثية المدعومة إيرانياً من جرائم بحق اليمنيين. وقال السفير اليمني الأحمدي في مقابلة لـ«الأيام» إنه لا يمكن الحفاظ على أمن السفن، وسلامة الإبحار في باب المندب والبحر الأحمر، ما لم تستعد الدولة اليمنية كامل الساحل الغربي وكافة الموانئ الواقعة على البحر الأحمر، وأبرزها ميناء الحديدة التي وصفها بأهم مصادر الأسلحة المهربة إلى الحوثيين على متن السفن.وأكد السفير الأحمدي على إمكانية استقبال إمدادات الإغاثة الإنسانية عبر موانئ يمنية عديدة، منها ميناء عدن والمكلا، إلا أن هناك أطرافاً تصر على إثارة المخاوف حيال تحرير ميناء الحديدة من سيطرة الحوثيين بحجة خشية انقطاع تدفق الإمدادات الإنسانية. واعتبر السفير الأحمدي تهديدات ميليشيات الحوثيين المدعومة ايرانياً، والتي جاءت بعد أيام من تهديدات ايرانية بإغلاق مضيق هرمز، أنها تأتي في إطار اللعبة الدولية، واستخدام ايران لليمن كورقةٍ للمقايضة بها في أي محادثات دولية لاسيما مع الولايات المتحدة الامريكية، دون أن يستبعد تعرض السفن في باب المندب لهجمات إرهابية. وفيما يلي نص المقابلة:] استمرار وجود هذا الكم من الأسلحة بيد ميليشيات متمردة تابعة لإيران يجعلنا نتجاوز فكرة أن هذه الترسانة هي مجرد ما تبقى من الماضي، بل يدل على أن حظر تهريب السلاح إلى الحوثيين لم يقطع الطريق أمام وصول هذه الأسلحة ليد المتمردين إن لم يكن قد زادت عمليات التهريب، بتقديركم.. هل هناك أطراف تريد أن تطيل عمر مأساة اليمن؟ -بالتأكيد، الضغوطات التي تمارس على الحكومة الشرعية تحت مبررات الجانب الإنساني تأتي في هذا الإطار، لقد اتخذ مجلس الأمن قرارات، ومع ذلك لم تنفذ هذه القرارات، ولم يتم دعم التحالف لتنفيذها، بل استمرت ايران بتصدير الأسلحة للحوثيين رغم ان فريق الخبراء المعني باليمن والتابع للجنة العقوبات الصادرة في ديسمبر 2017 أثبت ان ايران متورطة في عملية تهريب السلاح للحوثيين. لذا نجزم لكم ان ميناء الحديدة هو أحد أهم مصادر تدفق الأسلحة للحوثيين التي تأتي مهربة على متن السفن، ومنها السفن المحملة للبضائع.فعندما نتحدث عن صواريخ باليستية فلا يمكن بأي حال من الأحوال ان يكون قد تم تهريبها عبر سفن صغيرة او منافذ برية، بل سفن كبيرة، أما ما طرحتِه حول وجود أطراف تريد إطالة أمد الحرب، فهذا صحيح، هناك سياسة استنزاف للشعب اليمني الذي يعاني من الأمراض وتفشي الأوبئة، والبطالة، وعدم صرف رواتب العاملين، خصوصاً في المناطق التي تقع تحت سيطرة الحوثيين، وكذلك ما يقوم به الحوثيون من أعمال إرهابية عبر بيع مشتقات النفط على الناس بأسعار تفوق قدرتهم، هذه جميعها ممارسات انهكت الشعب، ناهيكم عن آثار الحرب على البنى التحتية في اليمن، نعم هناك من يريد ان يطيل هذه المأساة.] لو تطلعنا إلى المشهد اليمني نجد أنه قبل أشهر كان التركيز على تقدم قوات الشرعية نحو العاصمة صنعاء، اليوم كل الأنظار متجهة الى الساحل، وتهديد الميليشيات الحوثية للملاحة في «باب المندب» من ناحية، وتهديدات أخرى أطلقتها ايران مؤخراً حيال الملاحة عبر مضيق هرمز.. هل نقلت إيران المعركة الى الساحل لتتخذ بعداً دولياً نفطياً وتجارياً وفي الوقت نفسه تخفيف من الضغط على ميليشياتها في الداخل؟ - بلا شك ان هذه التهديدات تأتي في إطار اللعبة الدولية والصراع الإقليمي، وايران تستخدم اليمن كإحدى الأوراق التي تريد ان تقايض بها في أي محادثات دولية بينها وبين الغرب لاسيما مع الولايات المتحدة. ايران تهدد بشكل مباشر بإغلاق مضييق هرمز، والحوثيون يهددون بالوكالة الملاحة في باب المندب.] واقعياً.. هل يمكن شل الملاحة في باب المندب او أننا أمام ما يمكن تسميته بـ«حرب ناقلات النفط»، كما فعلت ايران في الثمانينات عندما استهدفت ناقلات النفط خلال حربها مع العراق؟ - لا أعتقد ان هناك قدرة لديهم على إغلاق باب المندب، لكن سيكون هناك اعتداءات او استهداف للسفن، وبالطبع هذا يمكن ان يستدعي تواجداً دولياً، وهذا يعتبر تهديداً للسيادة اليمنية، لذلك نحن نقول لا يمكن الحفاظ على أمن السفن وحرية الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب إلا باستعادة كامل الساحل الغربي وكافة الموانئ والمدن الواقعة على البحر الأحمر، واستعادة سلطة الدولة في هذه المناطق.] ألا يمكن أن تؤدي هذه التهديدات الايرانية الواضحة للمصالح الدولية لتحرك دولي يصب بمصلحة الشرعية في اليمن في ظل هذا التمادي الايراني على مناطق حيوية؟ - هذه التهديدات تعطي مؤشراً خطيراً للعالم عن مدى خطورة تهديدات الحوثي لهذا الممر الحيوي، وأهمية ان توضع حداً لهذه الحرب، وطالما ان هناك موانئ مطلة على البحر الأحمر ومدن رئيسية لا تزال خارجة عن سيطرة الدولة اليمنية، فسيبقى هذا الخطر قائماً، وبالأخص عندما نتحدث عن الحديدة، فالذين اعترضوا على معركة تحرير الحديدة يريدون أن يطيلوا هذه الحرب.] ما هي واقعية الربط بين الاعتراض على تحرير الحديدة وبين إطالة أمد الحرب؟ - قبل كل شيء يجب ألا ننسى أن تحرير الحديدة يأتي ضمن الحق السيادي للدولة في حماية شعبها، وحماية الممرات الدولية، ووقف تهريب السلاح والصواريخ الايرانية للحوثيين بما يتوافق مع القانون الدولي، وقرارات مجلس الامن ذات الصلة وخاصة القرار 2216 القاضي بانسحاب ميليشيات الحوثي من جميع المناطق التي استولوا عليها، وهذا جزء من معركتنا الوطنية الشاملة لإنهاء الانقلاب، واستعادة الامن والاستقرار في جميع أنحاء اليمن. أما أهمية تحرير الحديدة تحديداً، فقد استخدم الحوثيون موانئ الحديدة والصليف وميدي على البحر الأحمر لتهريب السلاح من ايران في خرق لكل قرارات مجلس الامن المتصلة بالشأن اليمني،وتحديداً الفقرة 14 من القرار 2216 حول خطر الاسلحة وزرع الألغام البحرية المحرمة في الممر المائي قرب باب المندب وبطريقة عشوائية لاستهداف السفن العابرة عبر باب المندب ونهب المساعدات الإنسانية، في المقابل لا ننسى ان الحكومة اليمنية استنفدت كل الوسائل السلمية والسياسية لإخراج الميليشيات الحوثية من ميناء الحديدة، وطالبت خلال العامين الماضيين المجتمع الدولي للقيام بواجبه تجاه المأساة الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني خصوصاً أبناء الحديدة جراء الممارسات الحوثية التي حولت الميناء الى قاعدة للإخلال بالامن الوطني، وتهديد الجوار الإقليمي والملاحة الدولية،وبالتالي تحرير ميناء الحديدة يشكل ضغطاً كبيراً على الحوثيين؛ لأن الميناء يشكل أهم المنافذ بالنسبة لهم لاستلام السلاح من ايران وإطالة أمد المعارك، وما اذا خسر الحوثيون السيطرة على هذا الميناء سيضطرون للحوار الجدي، لكن طالما ان الميناء معهم والسلاح يعبر لهم ويحصلون على عوائد مالية طائلة من الميناء، ويتحكمون بقوت الناس، وينهبون المساعدات ويقومون ببيعها على الناس، فلن يفكروا بالدخول بأي مفاوضات لأن التهريب مستمر والتمويل مستمر.] ماذا عن عمليات التفتيش إذا كنا نتحدث عن قرار أممي يقضي بمنع تدفق السلاح؟ - اليمن لديها حدود بحرية تصل الى 2500 كم بالتالي السيطرة التامة على هذا الشريط الساحلي صعبة جداً، وقد كانت هناك مشاريع لتطوير منظومة التفتيش على الساحل لكن الحرب أتت وتوقفت هذه المشاريع، لذا عمليات التفتيش بحد ذاتها صعبة خصوصا اذا كان هناك تهريب للسلاح على متن سفن تحمل بضائع او مساعدات إنسانية، لذلك دون السيطرة على الميناء من الصعب السيطرة على تدفق السلاح.] هل الحديدة هي الأولوية أمام قوات الشرعية؟ -بالطبع، إن أحد أهم الأسباب التي تجعل الدولة مصممة على تحرير الحديدة هو ان 70% من مواد الإغاثة تصل عبر الحديدة رغم وجود موانئ أخرى مثل ميناء عدن وميناء المكلا، وجميع الطرق سالكة اليها، ولا ندري لماذا المنظمات الدولية تصر على إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحديدة، وهذا بدوره شكّل دعماً مالياً للحوثيين،ودعم غير مباشر لإبقائهم في هذه الميناء بحجة ان أي عمليات لقوات الشرعية ضدهم سوف تؤثر على ايصال امدادات الإغاثة، لذلك ميناء الحديدة تشكل أمراً حاسماً في الحرب ضد الحوثيين، ولن يأتي الحوثيون لأي حوار طالما بيدهم ميناء هام مثل الحديدة، أما المبررات الدولية فلنكن واقعيين، إمدادات الإغاثة يمكن نقلها لموانئ أخرى قادرة على استيعاب إمدادات الإغاثة، أما مبرر ان ميناء الحديدة يمول نحو 70% من السكان اليمنيين فهذا الأمر غير واقعي،لأن الكثير من البضائع تصل الى ميناء عدن ومع ذلك تنقل الى صنعاء، أي من الجنوب الى الشمال، حتى إمدادات الإغاثة من مركز الملك سلمان تصل الى صعدة التي هي عقر الحوثيين، الأمر الآخر هو ان الحكومة اليمنية والتحالف حريصان على ألا تؤثر العمليات العسكرية التي تعتمد مبادئ التحوط والتدرج على السكان المدنيين والمنشآت المدنية، وعلى انسياب المساعدات الإنسانية والإغاثية والتجارية القادمة عبر ميناء الحديدة وعملها مع شركائها في تحالف دعم الشرعية على تنفيذ عملية إنسانية واسعة في مدينة الحديدة بالتزامن مع سير العمليات العسكرية. ] هناك تحذيرات أممية من انتشار وباء الكوليرا في اليمن، وفي الوقت نفسه هناك من يستخدم الملف الإنساني في اليمن كـ«كلمة حق يراد بها باطل» لصالح موقف وكلاء ايران في اليمن، لكن هذا لا يلغي أن هناك وضعاً إنسانياً مأساوياً في اليمن.. ما تعليقكم؟ -بلا أدنى شك، لقد عملت الميليشيات الحوثية على تسييس الملف الإنساني في اليمن بشكل عام وفي الحديدة بشكل خاص، وزيادة المأساة الإنسانية من خلال حفر خنادق في الطرق، وإقامة حواجز، وقطع الكهرباء والمياه والصرف الصحي عن السكان؛ بهدف زيادة انتشار الأوبئة والأمراض من أجل الضغط على المجتمع الدولي للتدخل تحت مبررات إنسانية لوقف تقدم القوات الحكومية، لكن الواقع ان هذه الحفريات أدت الى قطع إمدادات المياه والكهرباء ما يزيد من انتشار الأوبئة والكوليرا مجدداً في هذه المدينة.لنعترف انه للأسف الدولة اليمنية لا تستطيع أن تفعل شيئا ازاء الوضع الإنساني المتردي في مناطق سيطرة الحوثيين، أعطي لكم مثالاً، رواتب العاملين في الخدمات الصحية، وكذلك في قطاع التعليم، لأن الميليشيات الحوثية تقوم باستخدامها لتمويل جيوب مقاتليها، لذلك تحاول الدولة إيصال مساعدات صحية، وكذلك المنظمات الدولية، لكن الوضع الإنساني خطر في الحديدة بسبب ما يفعله الحوثيون.] ماذا عن الموقف الدولي؟ للأسف لم نسمع حتى الآن انتقادًا حقوقيًا واضحًا من الدعم الايراني لميليشيات متمردة مسؤولة عن هذه المأساة مقارنة بما ينشر من انتقادات وتحميل التحالف مسؤولية الوضع الإنساني المتردي.. ما تعليقكم؟ - هناك مواقف مبنية على مصالح، وهناك منظمات تبني موقفها عبر معلومات تردها من العاملين لديها في مناطق تحت سيطرة الحوثيين، وهولاء منهم من يخشى الحوثيين، وهناك منظمات مشبوهة وتقاريرها سياسية بوجه حقوقي. ] ماذا عن خطابات المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد التي تحمِّل التحالف مسؤولية كل شيء ولا تأتي ولو بحرف واحد عن يد ايران في اليمن ومسؤوليتها عن إطالة أمد هذه المأساة.. هل هناك تقصير من قبلكم بإيصال المعلومة أو أن زيد بن رعد لا يستطيع الخروج عن النص؟ - لا أستطيع أن أفسر النوايا، ولماذا المعلومات التي يطرحها مستقاة من طرف واحد، بلا شك ان في كل حرب أخطاء، لكن أخطاء التحالف لا تشكل شيئاً أمام جرائم الحوثيين عمداً وليس خطأً، وللأسف لم نسمع انتقاداً واحداً عن تجنيد الأطفال وإجبارهم على حمل السلاح، بل عندما هرب بعض الأطفال من التجنيد قام الحوثيون بسجن ابائهم لإجبارهم على إعادة الأطفال الى القتال، ناهيكم عن جرائم هدم البيوت وهدم المساجد، ومع ذلك لم نسمع المفوضية تحدثت عن هذه الجرائم المتعمدة، بل في بعض الأحيان تتم المساواة بين الدولة وعصابات الحوثيين.
مشاركة :