طغت على المشهد الثقافي خلال الآونة الأخيرة نقاشات عديدة حول قضية التصنيفات الفكرية والسجال الفكري في وسائل الإعلام ووسائل الإعلام الجديدة وأثرها في اللحمة الوطنية. ودارت في الأشهر الماضية سجالات فكرية وصلت إلى حد التراشق الإعلامي بين بعض المثقفين والمفكرين حول موضوع التصنيف الفكري. ومن هذا المنطلق يعتزم مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني تنظيم لقاء ثقافي عن "موضوع التصنيفات الفكرية وأثرها على الخطاب الثقافي السعودي"، بمشاركة بعض العلماء والمثقفين والمثقفات السعوديين. وأوضح فيصل بن عبد الرحمن بن معمر الأمين العام للمركز، أن موضوع التصنيفات الفكرية من المواضيع التي يوليها المركز أهمية خاصة، وكانت محور العديد من لقاءات الخطاب الثقافي السعودي، لإدراكه مدى أهمية هذا الموضوع ومدى خطورته على وحدة المجتمع وآثاره السلبية في إيجاد الصراعات والتقسيمات بين المثقفين والمثقفات. وأكد أن المركز خصص موضوع التصنيفات الفكرية ليطرح للحوار بين المثقفين والمثقفات في اللقاء السابع للخطاب الثقافي السعودي، في ظل ما تشهده الساحة الثقافية من حراك وتصنيفات وسجالات فكرية تتجاوز في بعض الأحيان إلى المساس بالثوابت الشرعية والوطنية، لوضع رؤية وطنية يقرها المشاركون والمشاركات للحد من تداعيات مثل هذه السجالات والتصنيفات التي بدأت تظهر في وسائل الإعلام، وبالأخص في وسائل الإعلام الجديدة التي قد تكون معول هدم في وحدتنا الوطنية. ولفت بن معمر إلى أنه يجب ألا يغيب عن بال أي مثقف أو مفكر مهتم بقضايا الوطن كلمة خادم الحرمين الشريفين تجاه موضوع التصنيفات والتحزبات الفكرية، التي قال فيها: "إنني أرى أنه لا يتناسب مع قواعد الشريعة السمحة ولا مع متطلبات الوحدة الوطنية أن يقوم البعض بجهل أو بسوء نية بتقسيم المواطنين إلى تصنيفات ما أنزل الله بها من سلطان، فهذا علماني، وهذا ليبرالي، وهذا منافق، وهذا إسلامي متطرف، وغيرها من التسميات، والحقيقة هي أن الجميع مخلصون - إن شاء الله - لا نشك في عقيدة أحد أو وطنيته حتى يثبت بالدليل القاطع أن هناك ما يدعو للشك لا سمح الله". وبيّن أن توجيهات الملك عبد الله بن عبد العزيز ورؤيته التي يستمد منها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني منهجيته في طرح مثل هذه المواضيع في رسالته السامية دعت في أكثر من مناسبة إلى أن يبتعد المجتمع السعودي عن كل ما من شأنه أن يهدد مستقبل الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الواحد، وذلك لمجرد اختلاف في الرأي، وتصنيف المخالف بما لا يحب. وقال بن معمر: "إن رؤية خادم الحرمين الشريفين أوضحت مدى خطورة هذا التناحر الفكري الذي أدى إلى تمزيق الأمة الإسلامية، حيث أكد في كلمته الأخيرة في عيد الفطر المبارك، أن سبب الواقع المؤلم والمصير المجهول الذي تمر به أمتنا الإسلامية والعربية، يحمل في طياته صراعات وشعارات ما أنزل الله بها من سلطان، حفل بها الأعداء والمتربصون في سياق فرصهم التاريخية، ودعا إلى أن ننظر إلى حال أمتنا التي أصبح التنازع والتناحر فيها سبيلاً أفضى بها إلى إراقة دمائها، وتدمير مكتسباتها، والتصدي لها". وأشار إلى أن الوحدة الوطنية ومواجهة كل ما يمكن أن يؤثر فيها هو من الأهداف السامية للمركز منذ تأسيسه، وأن المركز لن يألو جهداً بالإسهام في تقريب وجهات النظر، وإتاحة المناخ الملائم للحوار حول القضايا التي تهم المجتمع بجميع أطيافه.
مشاركة :