رفضنا استضافة الحوار الليبي - الليبي لأننا سندخل مغامرة لا نعرف كيف نخرج منها

  • 12/20/2014
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في هذا الحوار الخاص ل «اليمامة» يتحدث السيد المنجي حامدي وزير الخارجية التونسي عن العلاقات التونسية السعودية الممتازة، وعن الأزمة الليبية، والإرهاب الدولي، والقمة المغاربية المؤجلة، وعن تونس وانتخاباتها ومستقبلها، وهو الدبلوماسي الدولي المحنك الذي اختاره مجلس الأمن الدولي ليكون رئيساً لبعثة الأمم المتحدة في مالي من أجل تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في شمال مالي، حيث توجد بعثة الأمم المتحدة التي تعد نحو 15 ألف شخص من الجيش والأمن: . معالي الوزير ما تقييمكم للعلاقات التونسية السعودية وما آفاق تطويرها؟ - العلاقات بين تونس والمملكة على أعلى مستوى، جيدة وممتازة، والدليل على ذلك أني كنت في مكالمة هاتفية منذ أسبوعين مع صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، وتحدثنا في العلاقات بين البلدين الشقيقين، وشخصياً سأزور المملكة في القريب العاجل في إطار مزيد تمتين هذه العلاقات ودفعها إلى الأمام، وقد قمنا بتسوية كل الأجواء، وعلاقاتنا طيبة وعلى أعلى مستوى، ونحن نعتبر أن المملكة بمكانتها الإقليمية والدولية لها وزن كبير جداً عربياً وإسلامياً ودولياً. وعلاقاتنا مع دولة مثل المملكة يجب أن تكون إستراتيجية بأتم معنى الكلمة، أقول وأكرر وأؤكد أن علاقاتنا مع المملكة الشقيقة طيبة وليست لنا معها أية مشكلة. . بعد مجيئك إلى وزارة الخارجية التونسية ظهر معك مصطلح جديد هو الدبلوماسية الاقتصادية، ماذا يعني ذلك وما نتيجته؟ - أنا صاحب مصطلح الدبلوماسية الاقتصادية وكذلك الدبلوماسية الأمنية، والدبلوماسية بصفة عامة تتغير ولا تبقى جامدة ضمن أطر الدبلوماسية التقليدية.. اليوم في العالم صارت الدبلوماسية أمنية واقتصادية وتكنولوجية، فعديد السفارات لها ملحقون مثل سفارات سويسرا وسنغافورة وغيرهما، تجد فيها ملحقين تكنولوجيين وتجاريين واقتصاديين، أنا قدمت في تونس الدبلوماسية الاقتصادية وكذلك الدبلوماسية الأمنية، لأن الاثنتين مهمتان جداً، لذلك تفرغت حكومة الكفاءات الحالية للأمن والاقتصاد والانتخابات، وكان الهدف من الدبلوماسية الاقتصادية التي انتهجناها في هذه الحكومة تحسين صورة تونس الجديدة بعد الثورة لجلب المستثمرين ونجحنا في إقناع عديد منهم خاصة من المستثمرين الخليجيين للاستثمار في تونس لكنهم في الحقيقة ينتظرون استقرار الأوضاع في ليبيا، وهي أوضاع تثير مخاوفهم، ومن شأن الدبلوماسية الاقتصادية أن تفتح أسواقاً لرجال الأعمال التونسيين خارج تونس خاصة في الدول الإفريقية والآسياوية. . ما تأثير الأوضاع الأمنية المتدهورة في ليبيا على تونس؟ - بالتأكيد لهذه الأوضاع تأثير مباشر على تونس، ونحن على استعداد تام لكل الاحتمالات، وقواتنا الأمنية والعسكرية مستعدة استعداداً كاملاً لجميع الاحتمالات مع أن المعارك بين الفرقاء الليبيين اقتربت من الحدود التونسية الليبية.. لكن من هذه الناحية ليس لهذه المعارك أي تأثير على تونس في الوقت الحاضر، وقد قام معالي وزير الدفاع التونسي بزيارة ميدانية إلى الحدود التونسية الليبية وأكد أن الأمور مطمئنة وهي على أحسن ما يرام. . ما آخر المستجدات حول التنسيق بين الدول المجاورة لليبيا؟ - آخر اجتماع للتنسيق بين دول الجوار حول ليبيا كان في السودان قبل أسبوعين، وأنا شخصياً حضرت هذا الاجتماع مع كل وزراء الخارجية الآخرين ما عدا وزير خارجية الجزائر الذي كان موجوداً في فرنسا وعوضه وزير الدولة الجزائري للشؤون الخارجية. اجتمعنا واتفقنا على أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة الليبية، لأن أي تدخل عسكري خارجي في ليبيا من شأنه أن يعقد الأمور بصفة كبيرة ويخلق مشاكل، ليس لليبيا فقط، بل لكل دول الجوار خاصة لتونس.. فتونس والجزائر وبقية دول الجوار مقتنعة بأن التسوية السلمية بواسطة الحل السياسي هو السبيل الوحيد للمصالحة الوطنية وحل الأزمة الليبية. . في هذا الشأن هل لتونس مساع حميدة للوساطة بين الأطراف المتنازعة في ليبيا؟ - تونس كانت سباقة في الوصول إلى مساع لإيجاد حل سلمي يحقن الدماء وينهي الاقتتال بين الأشقاء الليبيين.. وقد بدأنا في هذه المساعي منذ شهر مارس الماضي، وشخصياً اجتمعت مع نحو ثلاثين دولة التي يهمها الشأن الليبي من وزراء خارجية وسفراء وأرسلت رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة في الشهر نفسه تحسباً لتدهور الوضع في ليبيا وطلبت منه أن يقوم بمساع للقيام بحوار ليبي - ليبي في ليبيا. وأنا كنت ضد الحوار الليبي - الليبي في تونس، لماذا؟ بصراحة لأننا سندخل في مغامرة لا نعرف كيف نخرج منها.. من سندعو ومن لا ندعو؟ في المشهد الليبي عديد من الفرقاء باختلاف اتجاهاتهم، وليس من الممكن أن ندعوهم كلهم.. وهناك منهم من يرفضون الجلوس مع غيرهم، نحن لدينا أولويات أخرى في تونس التي هي الأمن والاقتصاد والانتخابات، لذلك ظروفنا لم تكن تسمح لنا بدعوة الإخوة الليبيين إلى تونس، لكننا شجعنا الجزائر لتقوم بهذا الدور.. وإلى حد الآن تواصل الجزائر جهودها واتصالاتها بكل الفرقاء الليبيين لعقد اجتماع في العاصمة الجزائرية لبدء حوار وطني ليبي - ليبي. هذا إضافة إلى الجهود التي يقوم بها ممثل الأمم المتحدة وان بارنادونو الذي أجرى لقاء أول مع بعض الفرقاء الليبيين وكان من المفروض أن يقع لقاء ثان في غدامس لكنه لم يتم لأن الممثل الأممي لم يكن متأكداً من النتيجة الإيجابية للقاء ففضل تأجيله مستقبلاً، ونحن ندعم كل هذه الجهود، لأنها تهدف إلى مصلحة ليبيا واستقرارها واستقرار تونس، والمشاورات متواصلة بين دول الجوار ومن المنتظر أن يكون اجتماعها القادم في تشاد. . كيف سيكون الموقف إذا طال أمد الأزمة الليبية ولم يقع التوصل إلى حل سلمي لها؟ - موقفي معروف وعبرت عنه في السابق وقلت أكثر من مرة وفي مناسبات عديدة إن المشكلة الليبية ستبقى معنا عدة سنوات، فمن الضروري والأساسي أن تبقى تونس على حياد تام من كل الأطراف.. الحياد الإيجابي وعلى المسافة نفسها من كل الأطراف، هذه مسألة وطنية بالنسبة إلينا.. يجب أن نتبع ما أسميه الدبلوماسية الهادئة والرصينة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين.. هذا لا يمنع من أننا نتحدث مع كل الأطراف التي ترفض العنف التي هي مستعدة للحوار.. وهذا ما نشجعه.. نحن اليوم لسنا طرفاً في الأزمة الليبية.. وتحترمنا على موقفنا جميع الأطراف الليبية. وأنا بخبرتي في الأمم المتحدة منذ خمس وعشرين سنة أعرف قيمة الحياد الإيجابي في العلاقات الدولية. مشكلة الإرهاب . تتوسع أخطار الإرهاب في العالم العربي، فهل هناك تعاون عربي - عربي لمواجهة هذه الأخطار؟ - الإرهاب آفة إقليمية ودولية، يجب أن تكون محاربتها قاسماً مشتركاً بين كل البلدان.. هذا شيء معروف.. والإرهاب هو مشكلة عالمية يجب أن يكون لها حل دولي. ونحن مؤسساتنا الأمنية والعسكرية تنسق مع البلدان الشقيقة والصديقة خاصة مع الجزائر والمغرب ومصر.. بيننا تواصل دائم.. ويوجد تعاون وتنسيق بين الدول الشقيقة والصديقة. . هل من معطيات حول القمة المغاربية التي ما زالت مؤجلة؟ - القمة المغاربية مؤجلة منذ سنوات.. وهناك ضرورة ملحة لتنظيم هذه القمة.. لأن توجد الكثير من القضايا ذات الاهتمام المشترك بين دول المغرب العربي كمقاومة الإرهاب والتهريب مثل تهريب المخدرات والأسلحة.. وكذلك التبادل التجاري، وغيرها، وهي قضايا تتفق حولها كل بلدان المغرب العربي، ونأمل أن يتم قريباً تنظيم القمة المغاربية لدراسة المواضيع التي نتفق عليها كلنا.. والخيار يبقى لكل الإخوة الأعضاء في اتحاد المغرب العربي، لأن القمة لم تقع منذ مدة طويلة وإن شاء الله نتفق على تقريب موعدها وعقدها. . كيف ترى مستقبل تونس بعد الانتخابات الرئاسية في دورها الثاني يوم الأحد القادم؟ - بشهادة العالم شهدت تونس انتخابات تشريعية سليمة وشفافة نتج عنها برلمان توافقي ومتوازن، يوم الأحد القادم يتوجه التونسيون والتونسيات إلى صناديق الاقتراع ليختاروا أحد المترشحين الاثنين ليكون رئيسهم في الخمس سنوات القادمة. وبعد هذه الانتخابات تكون تونس خرجت من مرحلتها الانتقالية ودخلت في وضعها الدائم المؤسساتي.. في دولة القانون والمؤسسات.. وسيكون المستقبل إيجابياً وأفضل ومختلفاً عن الماضي إن شاء الله. مهمة جديدة . صادق مجلس الأمن الدولي على تعيينك في منصب نائب الأمين العام للأمم المتحدة ممثلاً خاصاً للأمين العام ورئيساً لبعثة الأمم المتحدة في مالي.. ما أهمية هذا المنصب، مع تهانينا لك وتمنياتنا بالنجاح والتوفيق في مهمتك؟ - الحقيقة جاء ذلك باقتراح من السيد بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة.. وهو تتويج للدبلوماسية التونسية ولمسيرتي الطويلة كخبير في منظمة الأمم المتحدة منذ خمس وعشرين سنة.. وأنا معتز بثقة مجلس الأمن الدولي وباقتراح السيد بان كي مون.. لأتولى هذه المهمة.. وهو شرف لي ولتونس وللأمة العربية ولكل العرب.. وهي مهمة تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في شمال مالي الذي يعرف منذ مدة توتراً وعنفاً بين السلطة المركزية وجبهة تحير أزْوَادْ.. هي مهمة كبيرة وصعبة أطلب من الله العون والتوفيق للقيام بها على أحسن وجه إن شاء الله.

مشاركة :