عقوبات أمريكية جديدة وتساؤلات بشأن سياسة ترامب تجاه طهران

  • 8/5/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أدى الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الايراني وإعادة فرض عقوبات اقتصادية على طهران إلى تضرر الكثير من الشركات الأوروبية التي كانت سارعت إلى العمل في إيران، فما هو حجم الأضرار وما هي معالم سياسة ترامب تجاه طهران؟ في ما يلي أبرز القطاعات الأوروبية العاملة في إيران التي ستتأثر بالعقوبات الاقتصادية الأمريكية. فبمجرد الإعلان عن العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران في منتصف أيار/ مايو الماضي، جاءت ردة فعل المجموعتين الفرنسيتين الكبيرتين لصناعة السيارات "رينو"و"بي اس اي" العاملتين في إيران، مختلفة إلى حد ما. مع العلم أن هاتين المجموعتين تؤمنان نصف السيارات الجديدة التي تسجل في إيران.  فقد أعلنت مجموعة "بي اس اي" مطلع حزيران / يونيو أنها تستعد لتعليق نشاطاتها في إيران التي تعتبر أكبر سوق أجنبية لها من حيث عدد السيارات، الا أنها قللت في الوقت نفسه من تداعيات هذا الانسحاب عندما أوضحت بأن نشاطها في إيران "يشكل أقل من 1% من رقم أعمالها". من جهتها قالت "رينو" إنها لا ترغب بالتخلي عن نشاطاتها في ايران، حتى ولو أجبرت على "خفض حجم نشاطها بشكل كبير"، الا أنها في الوقت نفسه لا ترغب بتعريض "مصالح" المجموعة للخطر. وأعلنت "رينو" في السادس عشر من تموز/ يوليو انخفاض مبيعاتها في ايران خلال النصف الاول من العام الحالي بنسبة 10،3% ليصبح 61354 سيارة.  ومع أنها مقترة جدا في تقديم المعلومات فإن مجموعات إنتاج السيارات الألمانية ستتأثر بالتأكيد من هذه العقوبات. فقد وقعت شركة "ديملر" عام 2016 بروتوكول اتفاق مع مجموعتين ايرانيتين لإنتاج وبيع شاحنات مرسيدس-بنز. كما أعلنت شركة فولكسفاغن عام 2017 رغبتها ببيع سياراتها في إيران مجددا بعد توقف دام 17 عاما. الا أن شركة فولكسفاغن، الموجودة بقوة في السوق الأميركية، ستجبر على الأرجح على التخلي عن نشاطاتها في ايران.  وتعتبر العقود المتعلقة بشراء الطائرات من أكبر العقود التي وقعتها ايران بعد الاتفاق النووي عام 2015، والهدف تحديث أسطولها الجوي التجاري الذي بات قديما للغاية. وتلقت شركة "ايرباص" طلبيات من شركات ايرانية لشراء 100 طائرة. ولم تسلم سوى ثلاث طائرات منها حتى الان، وهي مزودة بأذونات اميركية لأن الشركة تستخدم قطعا مصنعة في الولايات المتحدة في طائراتها.  إلا أن خسارة السوق الإيرانية لن يكون لها تأثير كبير على نشاط "ايرباص"، لأن لديها حتى الثلاثين من حزيران/ يونيو طلبيات لشراء 7168 طائرة على مستوى العالم. وبعد اتفاق عام 2015 انضمت مجموعة النفط والغاز الفرنسية "توتال" إلى المجموعة الصينية "سي ان بي سي" لاستثمار خمسة مليارات دولار في استغلال حقل غاز "ساوث بارس" في الخليج. وبما أن "توتال" فشلت في الحصول على استثناء من العقوبات الأميركية، من المرجح جدا ان تتخلى عن هذا المشروع. الا أن "توتال" لن تتكبد خسائر كبيرة لأنها لم تستثمر في هذا المشروع سوى 100 مليون دولار. وحذرت ايران توتال الفرنسية بأن حصتها ستستحوذ عليها المجموعة الصينية "سي ان بي سي" الحكومية في حال انسحابها. أما عملاق الغاز الايطالي "ايني" فهو يشتري مليوني برميل من النفط شهريا من إيران بموجب عقد ينتهي في آخر العام الحالي. ولم تكشف بعد المجموعة الايطالية عن نواياها بالنسبة الى المستقبل.  ومن المرجح ان تتأثر صناعة السكك الحديد الايطالية من العقوبات الاميركية على ايران. فقد وقعت المجموعة الايطالية الرسمية لسكك الحديد "فيروفيي ديللو ستاتو" اتفاقا مع ايران في تموز/يوليو 2017 لبناء خط سكك حديد فائق السرعة يربط بين مدينتي قم وآراك في شمال ايران. كما وقعت عدة اتفاقات تعاون بين ايران ومجموعة بناء السفن البحرية "فينكانتياري" عام 2016. وكانت ايطاليا اصبحت الشريك التجاري الاوروبي الاول لإيران، فقد زادت صادراتها الى هذا البلد عام 2017 بنسبة 12،5% لتصبح 1،7 مليار يورو. واذا كانت شركتا الطيران البريطانية "بريتيش ايرويز" والألمانية "لوفتهانزا" قد استأنفتا رحلاتهما الى طهران، فانهما ستجبران على وقف هذه الرحلات اذا كانتا راغبتين بالعمل في الولايات المتحدة.  وقد تتعرض شركة الفنادق "اكور اوتيل" الفرنسية التي فتحت فندقين في مطار طهران عام 2015 لعقوبات اميركية، على غرار المجموعة الاماراتية "روتانا اوتيلز"، في حال واصلتا اعمالهما في ايران.  اما شركة "ميليا هوتيلز انترناشونال" الاسبانية، التي وقعت اتفاقا مع ايران في نيسان / ابريل 2016 لإدارة فندق فخم من خمس نجوم، فأعلنت أن الفندق لا يزال قيد البناء وهي تفضل عدم التعليق على ما ستقوم به حول "هذه المسائل السياسية في هذه المرحلة المبكرة".  وعادت مجموعة "سيمنز" الى العمل في ايران في اذار/ مارس 2016 وانضمت الى شركة "مابنا" الايرانية لصناعة توربينات غاز ومولدات للمحطات الكهربائية. وفي كانون الثاني / يناير الماضي وقعت عقدا لبيع 12 جهاز ضغط لمصنعين لمعالجة الغاز المسال. كما أعلنت متحدثة باسم مجموعة الغاز الصناعي الفرنسية "ايرليكيد" أنها "قررت وقف أي نشاط تجاري" في إيران، موضحة في الوقت نفسه أن "لا استثمارات لديها في ايران". وأعلنت عدد من المصارف الألمانية وبينها مصرف "هيلابا" و"فرانكفورت دي زد بنك" الانسحاب من ايران اثر اعلان العقوبات على ايران منتصف ايار/ مايو الماضي. وتفرض الولايات المتحدة مجددا ابتداء من يوم (الثلاثاء السابع من أغسطس / آب 2018) سلسلة من العقوبات على إيران لتعزز نهجها المتشدد حيال الجمهورية الإسلامية.  ويترقب الايرانيون بقلق تداعيات المرحلة المقبلة من العلاقات مع الولايات المتحدة، واستراتيجية الأخيرة بعيدة الأمد حيال طهران. مع العلم أن الايرانيين يرزحون أصلا تحت وطأة التراجع الكبير الذي شهده اقتصاد بلادهم وعملتهم الوطنية.  وفي الوقت الراهن على الأقل، تركز الولايات المتحدة على الضغط دبلوماسياً واقتصادياً على إيران بأكبر مقدار ممكن، رغم عدم اتضاح اتجاه سير الأمور وإن كان هناك خطر متزايد من اندلاع نزاع.  واعتبارا من يوم الثلاثاء، لن يعود بإمكان الحكومة الإيرانية شراء الدولار وسيتم فرض عقوبات واسعة النطاق على الصناعات الإيرانية بما فيها صادرات السجاد.  وبعد شهور من التصريحات الهجومية، فاجأ ترامب المراقبين الأسبوع الماضي عندما عرض عقد لقاء مع الرئيس الإيراني حسن روحاني "في أي وقت" ودون شروط مسبقة.  وجاء التحول الذي سارع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو للتخفيف من حدة أبعاده، بعد أيام فقط من انخراط الرئيس الأميركي المتقلب في سجال مع روحاني.  ففي إحدى التغريدات على موقع "تويتر" وبالخط العريض، هاجم ترامب ما اعتبره تصريحات روحاني "المختلة حول العنف والقتل". وجاء ذلك رداً على تحذير روحاني في 22 تموز/ يوليو لترامب من "اللعب بالنار" لأن النزاع مع إيران سيكون "أم المعارك". ح.ز/ م.س (أ.ف.ب)

مشاركة :