منذ وقت ليس بالبعيد، كان أكبر بنك في سنغافورة يتعامل بشكل متحمس مع عملياته التجارية. لدرجة أنه عندما نقلت مجموعة «دي بي إس» القابضة المحدودة مقرها الرئيسي الذي استمر قرابة أربعة عقود، تأكدت من أن غرفة التداول سوف تكون أكبر بنسبة 40 في المائة. ولا بد أن تكون قاعة فارغة تقريباً في الربع الفصلي في شهر يونيو (حزيران).يمكن إلقاء اللوم جزئياً على صافي إيرادات الفوائد البالغ 91 مليون دولار سنغافوري (نحو 66 مليون دولار أميركي) في الخزانة والأسواق، ولا حتى نصف المعدل المتوسط الفصلي للقسم على مدى السنوات العشر الماضية، بشأن منحنيات العائدات المسطحة، التي عملت على تجميد الحركة - أي الأرباح المحتملة من تجميد الأوراق المالية لأطول فترة ممكنة من خلال اقتراض الأموال قصيرة الأجل. وكان من الممكن أن يسهم انتعاش الائتمان في آسيا، الذي حفزته التوترات التجارية الراهنة بين الولايات المتحدة والصين، في خسارة القسم البالغة 50 مليون دولار سنغافوري، ما أدى إلى التحول الكبير الملاحظ من 112 مليون دولار سنغافوري إلى أرباح ما قبل خصم الضرائب خلال الربع السابق.ومع ذلك، وعلى اعتبار أن الانخفاض في الخزانة والأسواق لا يمكن اعتباره وميضاً في نفق الأسواق (دخل الفوائد من القسم ظل على انحداره المستمر لأكثر من ثلاث سنوات متتالية)، فقد يكون هناك مزيد من القوى التنظيمية وراء ذلك.دعونا نطلق عليها ظلال الروبوتات - أو لوغاريتمات التداول.وكما قلت في الشهر الماضي، مع تدفق نشاط سندات التداول، فإن الأسهم والعملات الأجنبية للعملاء تشكل نسبة 51 في المائة من عائدات البنوك الاستثمارية العالمية التي بلغت 109.8 مليار دولار خلال العام الماضي، وإن أتمتة تداولات الفانيليا (حق بيع أو شراء الأصول الأساسية بسعر محدد مسبقاً ضمن فترة زمنية معينة) لا يمكن اعتبارها من أسوأ المجازفات.ما الذي حدث للتداولات؟ بات قسم الخزانة والأسواق في مجموعة بنك التنمية السنغافوري القابضة، الذي كان من النجوم الصاعدة في عالم المال والأعمال، يفقد زخمه وأهميته.في حين أن الأعمال المصرفية الأساسية في حالة جيدة. فقد ارتفعت قروض العملاء بنسبة 12 نقطة مئوية مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي، حتى مع زيادة صافي هامش الفائدة بنسبة 1.85 نقطة مئوية - وهو تحسن بمقدار 11 نقطة أساس، فإن مشكلة القروض المتعثرة لعام 2016 باتت الآن في مرآة الرؤية الخلفية.ومع ذلك، تراجعت أسهم بنك التنمية السنغافوري بمقدار 3 نقاط مئوية بعدما قام البنك بتقليص توجهات نمو القروض للسنة الكاملة إلى ما بين 6 و7 نقاط مئوية، من واقع 8 نقاط مئوية فيما سبق. ويرجع ذلك جزئياً إلى تدابير التهدئة غير المتوقعة في الممتلكات التي تم الإعلان عنها أخيراً من جانب سنغافورة، ولكن السبب الرئيسي هو حالة التشاؤم الظاهرة التي تعتري الرئيس التنفيذي بيوش غوبتا بشأن القروض التجارية.استمعت شركة «تيماسيك هولدينغز بي تي إي» الاستثمارية المملوكة للدولة في سنغافورة إلى تقديرين مختلفين بشكل كبير حول تداعيات الحرب التجارية العالمية الراهنة من اثنين من بنوكها. وتملك شركة «تيماسيك» ما نسبته 29 في المائة من أسهم بنك التنمية السنغافوري، كما أنها ثالث أكبر مساهم في مؤسسة «ستاندرد تشارترد بي إل سي»، التي صرح رئيسها التنفيذي بيل وينترز بأن زيادة الرسوم الجمركية لا تمثل مشكلة كبيرة بالنسبة لنا وقد تكون من الأنباء السارة على المدى المتوسط.فماذا ينبغي على، هو تشينغ، رئيس شركة «تيماسيك»، تصديقه؟ رفع بنك التنمية السنغافوري من عوائد الأرباح خلال النصف الأول من العام إلى نسبة مذهلة بلغت 82 في المائة. وفي الأثناء ذاتها، انخفضت عوائد الأرباح في مؤسسة «ستاندرد تشارترد بي إل سي» للمرحلة الأولى منذ عام 2015 بأقل مما كان متوقعاً خلال هذا الأسبوع. فهل ينبغي على وينترز أن يواصل حديثه المتفائل حول الرسوم الجمركية بالتوقيع على شيكات مصرفية بقيم أكبر؟* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
مشاركة :