حين نرى ان هناك توجها لرفع سن التقاعد ليصل إلى سن 65 عاما، وأن هناك من وافق على هذا الامر، أو في طور الموافقة، فإن هناك اكثر من مشكلة اخرى ينبغي حسابها على الجانب الآخر. أولى هذه المشكلات هي مشكلة البطالة، فزيادة اعمار التقاعد ستخلف ازمة بطالة على الجانب الآخر. ايضا ستخلف مشكلة انتاجية في العمل، طوال 8 ساعات، كل هذه الامور ينبغي ان تحسب جيدا. حين اغلقت شوارع مدينة عيسى في الأسبوع الماضي بسبب الزحام على معرض التوظيف (هذه المعارض التي امر بها الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله) فإن هذا الزحام يعطي مؤشرا آخر غير مؤشر نسب البطالة الدورية التي تصدرها وزارة العمل، كل هذا الاقبال يعطي مؤشرات ينبغي حسابها بعناية. اولا فالشكر لوزارة العمل على إقامة هذه المعارض في مناطق مختلفة في مدن وقرى البحرين حتى نعطي كل ذي حق حقه، في وقت كانت هذه المعارض محصورة على مناطق بعينها سابقا، وكأن البطالة فقط في تلك المناطق، وهذه احدى مشكلات وزارة العمل، وطريقة ادارة العمل داخلها. الاسئلة التي تطرح اليوم هي كم كانت اعداد المتقدمين للمعارض، سواء في مدينة عيسى أو غيرها من المناطق؟ كم هي الوظائف التي شغلت وتم توظيف المواطنين من خلالها؟ كم هي رواتب هذه الوظائف، فبعض الإعلانات عن بنك الوظائف في المعارض تكون حالمة جدا، فيقال ان هناك وظائف بـ1500 دينار..! كم عدد الوظائف بهذه الرواتب، وكم عدد الوظائف بالرواتب المدنية؟ بالمقابل هناك مشكلة اخرى يعاني منها الموظفون الشباب من الجنسين حين يحصلون على وظائف في القطاع الخاص، فتحصل لهم مضايقات واستفزاز من العمالة الآسيوية التي غالبا ما تكون هي في اعلى الوظائف وتتحكم في مصائر الموظفين. هذا ملف آخر يؤلم المواطنين حين يقعون ضحية لاستفزازات وسوء معاملة من الاجانب وهم ابناء البلد. لذلك نطرح سؤالا آخر هو: كم عدد الشباب والشابات الذين التحقوا بوظائف ثم تركوها بسبب سوء المعاملة؟ غير ان وزارة العمل تخرج لنا بإحصائية تقول إنه تم توظيف هذا العدد من المواطنين، ولا تقول لنا كم مواطنا ترك العمل بسبب سوء المعاملة والمضايقات. ملف البطالة من اخطر الملفات في كل دولة، الشباب حين يكون عاطلا عن العمل، ولا يملك المال ويرى سنين عمره ترحل امامه وهو عاطل، فقد يضع يده مع الشيطان، ويفعل امورا كثيرة، بل قد يُستغل ممن يغسلون ادمغة الشباب ويحولونهم إلى اداة إرهابية اجرامية. الكثير من الاتصالات ترد إلينا من مناطق كثيرة تتحدث فيها الامهات أو يتحدث فيها الاباء عن مشكلة البطالة وأن ابناءهم وبناتهم خريجو جامعات ويجلسون في البيت بعد أن انفق الآباء عليهم مصاريف باهظة للدراسة بالجامعات، سواء داخل البحرين أو خارجها، وهذا أمر مزعج لكل رب اسرة، حين يجلس في الصباح ويرى الابناء أو البنات في البيت من غير عمل، وهم يحملون شهادات جامعية. من مصلحة الدولة ان تعالج ملف البطالة، ومن مصلحة المجتمع ان تتحول ايادي الشباب إلى ايادٍ منتجة تعمل في كل المجالات لتخدم بلدها وتسهم في اقتصاد الوطن، وتحصل على مردود مادي محترم يجعل هذه الايادي تواجه كل صعاب الحياة وارتفاع الاسعار في كل مجال، ويجعل الشباب قادرا على ان يفتح بيتا ويكون اسرة. رذاذ إذا افترضنا ان معرض التوظيف يقام مدة يومين، على سبيل المثال، وإذا كان الاقبال شديدا وكبيرا، فلماذا لا يمدد إلى يومين آخرين، ليتم استيعاب الجميع وليحصل الجميع على فرص ويطلعون على المعرض بشكل ادق؟ نقطة اخرى ينبغي النظر إليها بعناية ويجب أن تدرس اليوم في مدارسنا الحكومية والخاصة وهي كيف نحول تفكير الجيل الجديد من جيل يفكر في وظيفة حكومية وإجازة يومين في نهاية الأسبوع إلى جيل يبحث عن فرص عمل وإنتاج في القطاع الخاص، سواء من خلال مشروعه الخاص الصغير، او من من خلال ان يبدأ في مؤسسة خاصة ومن ثم ينتقل إلى مشروعه الخاص بعد أن يصبح لديه مبلغ يستطيع ان يبدأ به مشروعه. مع مساعدة تمكين وبنك التنمية وبنك الابداع إلى آخره من مؤسسات تساعد الشباب. البداية تكمن في المدارس بحيث نزرع في عقول الناشئة ان العمل في القطاع الخاص اكثر مردودا، ويمكن للشباب التوسع في مشروعه ليصبح رائد عمل. هكذا ينبغي ان يحدث في المدارس والجامعات الحكومية والخاصة.
مشاركة :