الحرمان من الوظيفة لم يعد بسبب عدم وجود الشهادة الجامعية أو التأهيل العلمي الكافي ولا التخصص المطلوب، فبعد مرور سنتين تقريبا على تدشين البوابة الوطنية للعمل "طاقات" التابعة لصندوق تنمية الموارد البشرية الذي يسمى "هدف"، وهي المنصة الإلكترونية الموحدة، لتقديم الخدمات المتكاملة للباحثين عن العمل وأصحاب الأعمال، لم نجد تغيرا في منهجية التوظيف في القطاع الخاص حتى اليوم. وتجاوز أعداد الشباب والشابات الباحثين عن العمل من حملة الشهادة الجامعية البكالوريوس وفق نشرة سوق العمل للربع الأول من هذا العام التي أصدرتها الهيئة العامة للإحصاء، أكثر من 576 ألفا، بلغ عدد العاطلات الإناث من بينهم 519 ألف عاطلة، وتجاوز العاطلين الشباب 56 ألف عاطل.وقد قامت «اليوم» بمسح، وتواصلت مع مجموعة من أصحاب الشكاوى التي وصلتها، بسبب كثرة رفض الشركات في القطاع الخاص توظيف الباحثين عن العمل من الجنسين، إضافة إلى استطلاع رأي بعض الشباب، الذين أرجعوا الأسباب على سبيل المثال لعدم وجود المؤهلات المناسبة، رغم وجودها، أو عدم مواءمة نوع الوظيفة مع تخصص طالب العمل.إسطبل الخيولوقال قالط العنزي: تجربتي مع برنامج «طاقات» لم تكن مرضية، فأنا خريج بعثة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وأحمل شهادة الماجستير في علم النفس الإكلينيكي من الولايات المتحدة الأمريكية بمعدل 3.75 من 4، وعملي في المجال الصحي 100% ورغم ذلك عرض علي عمل في اسطبل خيول! بمسمى وظيفي «رياضي محترف»، رغم وجود سيرتي الذاتية لديهم في «طاقات» إلا أنها لم تشفع لي.وتابع: هذه ليست المرة الأولى التي تصلني وظائف لا تناسب تخصصي، فالوظائف «غريبة عجيبة» وما جعلني أذكر تجربتي هذه المرة هي شدة غرابتها.وظائف مزيفةوأضاف العنزي: في إحدى المرات وجدت فرصة عمل لأخصائيين نفسيين في أحد المستشفيات، فقمت بالاتصال على المستشفى للاستفسار ونفوا عرضهم للوظيفة! رغم أن العرض موجود في موقع «طاقات»، فقمت بالاتصال بـ«طاقات» وأخبرتهم أن المستشفى ينفي وجود شاغر وظيفي لديهم، فطلب مني الموظف أن أتقدم بشكوى، وفعلت، وبعد يومين رُفضت شكواي، ولدي ما يثبت كلامي.الطلب مرفوضوتابع: تقدمت على 6 وظائف في مجال تخصصي وتم رفضي بدون إجراء أي مقابلات، والعذر الدائم لا يوجد لديك مؤهلات، وأنا الآن أريد أن أعرف ما هي المؤهلات التي يريدونها إذا كنت أحمل شهادة البكالوريوس والماجستير وأتحدث الإنجليزية بطلاقة؟ وتغربت عن بلدي وأهلي لأكثر من 5 سنوات للدراسة وفي آخر المطاف تم توظيفي في القطاع الخاص براتب 3600 ريال.جنس الباحثمن جهته، روى محمد الخضراوي الذي يحمل شهادة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية تجربته فقال: وجدت عرضا وظيفيا يطلب «مهندس ميكانيكي عام» وقدمت عليه وتم رفضي، وكان سبب الرفض «جنس الباحث عن عمل غير موائم للوظيفة».وأضاف: الموقع مهمل ولا يوجد رقابة عليه، فبعد تقدمي بـ37 طلبا تم رفض 16 منهم وتجاهل 20 طلبا وما زلت عاطلاً، مشيرا إلى تلاعب الشركات برفض الطلبات المقدمة على الوظائف بحجة عدم وجود كفاءة وطنية، وبعدها يتم فتح المجال لجلب المهندس الأجنبي.رفـض غيـر مقـنعومن جانب آخر تقدم مهندس مدني عاطل عن العمل - تحتفظ «اليوم» باسمه - لأكثر من 60 طلب عمل ولم يقبل منها سوى طلب واحد فقط! وما زال ينتظر الرد عليه، موضحاً أن أسباب الرفض غير مقنعة بتاتاً، موضحاً أنه في إحدى المرات تم رفض طلبه من صاحب العمل بسبب عدم الاتفاق على الراتب، مع أنه لم تتم مقابلته أو التواصل معه أساساً.الهاتف خارج الخدمةوأشار خريج هندسة كهربائية بدرجة امتياز من جامعة الملك سعود بالرياض - تحتفظ اليوم باسمه -، إلى أنه أجرى مقابلة توظيف مع إحدى الشركات المُعلِنة في «طاقات»، وتمت الموافقة على توظيفه براتب لا يصل إلى 3 آلاف ريال، ولكن انقطع التواصل بعد ذلك، وعند ذهابه لمقر المقابلة اكتشف أن الشركة قامت بالانتقال من المبنى تماماً، وتم الرد عليه برفض عرض العمل من خلال موقع طاقات.وفي تجربته الثانية، قال: تقدمت بطلب عمل لدى شركة براتب 5 آلاف ريال بمنطقة نائية في مدينة طريف، وطلبوا مني الانتظار لحين تحديد موعد مقابلة، وبعد شهر من الانتظار عاودت الاتصال بهم ووجدت أن الرقم خارج الخدمة!، ومنذ سنة و4 شهور لا تزال حالة طلبي (متقدم).وتابع: وجدت مجموعة من عروض التوظيف على وظيفة بلاط أو مزارع وهي لا تتناسب مع تخصصي أو قريبة منه، وهذا ليس انتقاصا من المهنة ولكن خريج هندسة بعد 5 سنوات تعب تنتظره وظيفة بلاّط؟. «الشورى» يعيد فتح ملف صندوق «هدف» ويطالب بالحلولوطالب رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة في مجلس الشورى عبدالرحمن الراشد، بضرورة معالجة وضع آليات عمل صندوق الموارد البشرية «هدف» وإيجاد آليات جدية تتناسب مع متطلبات دعم الموارد البشرية وتمكينها.وقال الراشد: الصندوق لديه مصادر تمويل وفرت أمولا طائلة قد تصل للمليار، ويجب أن تذهب مباشرة لتنمية الموارد البشرية ودعمها بالتدريب والتعليم العالي والنوعي وتوفير كل الإمكانات لتمكين الشباب والشابات من سوق العمل، بحيث يكون لدى الصندوق برامج ابتكارية خارجية، وليس مجرد التدريب على العمل فقط كما نرى الآن.وقال أيضا: جميعنا ننتظر ومجلس الشورى يطالب بتفاصيل كاملة عن هذه الدراسات وما نتائجها وأين عملت ومن قام عليها؟، وبين أن كثرة الشكاوى على الصندوق برغم البرامج التي لديه لا تدع مجالا للشك بوجود خلل فيه.وأكد أن المجلس سيمارس دوره الرقابي، ويضع التوصيات وطلبات محددة، فيما يتعلق بموضوع الدراسات التي عملها الصندوق ونتائجها، خصوصا بعد المناقشة الأخيرة للصندوق التي نتج عنها تساؤلات كثيرة على عمله بشكل عام.وذكر الراشد أنه من المفترض على الصندوق أن يركز على تأهيل الشباب والشابات، وكيفية دعم مهاراتهم وتنميتها ومواءمتها مع متطلبات سوق العمل، وأن تكون هناك مسارات واضحة يركز عليها، وشدد على وجوب التواصل مع مؤسسات وزارة التعليم بشقيها العالي والعام والمعاهد المهنية. وزارة العمل.. لا تعليقوحاولت «اليوم» التواصل مع المتحدث الرسمي لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية خالد أباالخيل للرد على استفسارات «اليوم»، إضافة لمعرفة خطط الوزارة المستقبلية لتطوير آليات عمل «طاقات» ولكن لم يتم الرد حتى وقت النشر.