يتلقف مشاهير شبكات التواصل الاجتماعي كل المنتجات للإعلان عنها، خاصة ممن يسمون أنفسهن «فاشينستات». ويراهم الناس كأعلام مواقع التواصل الاجتماعي، يوازون وجوه الإعلام التقليدي شهرة ويتعدونها أحيانا. إلا أن الأطباء باتوا يتوجسون من دخول هؤلاء المشاهير في نطاق الإعلانات الطبية والتجميلية بصورة كبيرة، فلم يعد الأمر مقتصرا على الترويج لعيادات وأجهزة طبية، فالأمر امتد ليشمل بعض الأدوية والمكملات وحبوب التخسيس وخلطات التبييض وغيرها.وكثير من هذه الإعلانات لمنتجات لم يتم التوثق من مصداقيتها مثل الأحزمة الحرارية التي تستهدف حرق الدهون، في حين يتجه بعض المشاهير للترويج لعيادات طبية خارج البلاد تقوم بزراعة الشعر وتكميم المعدة، رغم كثرة الشكاوى التي يسجلها العائدون إلى البلاد بعد تجارب مريرة مع هذه الإعلانات المضللة.والمقلق في الأمر أن بعض الإعلانات تتناول مستحضرات مجهولة المصدر أو يتم إعدادها منزليا من قبل تاجرات «إنستغرام» ثم تقوم الفاشينستات بالترويج لها عبر حساباتها التي تحظى بأرقام متابعة فلكية، تصل إلى المليون متابع في بعض الأحيان، في تسويق يستغل مشاعر الضعفاء ممن يحلمون بأجسام رشيقة بلون موحد ووجوه تشابه فتيات الإعلان، وكثيرا ما تقع السيدات فريسة هذه الإعلانات.من ناحيته، يوضح عبد العزيز الشردان، مدير إدارة مراقبة جودة المستحضرات في الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية، أن «بيع وتسويق المستحضرات الصيدلانية عن طريق الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي يعد مخالفاً للأنظمة، بالإضافة إلى أن بيع المنتجات التجميلية غير المدرجة أو تسويقها بادعاءات طبية مخالفة يعتبر أيضاً مخالفاً للنظام».ويتابع الشردان حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول «لا تضمن الهيئة مأمونية وسلامة هذه المستحضرات، وفي حال ثبت قيام أحد الحسابات بتسويق هذه المستحضرات؛ فإنه يتم اتخاذ الإجراءات النظامية بحقه، بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية».ويفيد مدير إدارة مراقبة جودة المستحضرات بأن الهيئة توصي بعدم شراء المستحضرات الصيدلانية عن طريق قنوات غير مرخصة؛ مثل مواقع الإنترنت أو حسابات برامج التواصل الاجتماعي، حرصا منها على سلامة المستهلك وعدم حصوله على مستحضر غير مطابق للمواصفات، بحسب قوله.ويُقسم الدكتور عبد الإله البصاص، استشاري الجراحة التجميلية والترميمية وجراحة اليد بمستشفى قوى الأمن في الرياض، مستحضرات التجميل التي يروج لها مشاهير الشبكات الاجتماعية إلى نوعين، قائلا «هناك مستحضرات تنتجها شركات عالمية وتصنعها بحيث تكون متوافقة مع عامة الناس، ومصممة لتناسب مختلف أنواع البشرات، وهذه رائجة ومضارها طفيفة جدا».ويحذر البصاص في حديثه لـ«الشرق الأوسط» من النوع الثاني المتمثل بالمنتجات التجميلية الرديئة ومجهولة المصدر أو الخلطات المنزلية التي يُروج لها بين عدة حسابات إلكترونية، قائلا «هذه مشاكلها كبيرة جدا لأنها غير مأمونة طبيا وليست مرخصة من أي جهة معتمدة، وأحذر السيدات من استخدامها تحرزا من أضرارها المستقبلية».من ناحيته، يقول الدكتور جمال جمعة، استشاري الجراحة التجميلية ورئيس الكلية الأميركية للجراحين، «إن هذه الوسائل الدعائية من قبل مشاهير التواصل الاجتماعي ما هي إلا محاولة لبيع السراب والوهم وهذا بطبيعة الحال ليس له أساس علمي، فجميع دول العالم تحذر من استخدامات المواد والمنتجات غير المعتمدة من قبل الجهات المختصة».ويتابع جمعه حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول «من الواضح أن هناك بعض المنتجات المحلية والتي تحتوي على كميات من المواد الكيميائية التي قد تؤدي إلى الضرر، فمعظم مستحضرات التنفيخ أو تعبئة الوجه تحتوي على مادة الكورتيزون بجرعات متفاوتة، والاستخدام المستمر لها يسبب الضرر سواء في الصحة العامة والضرر للبشرة والجلد مما يسبب التجاعيد المبكرة وغير ذلك».ويضيف جمعة «هناك مستحضرات كيميائية توزع وتباع على أساس أنها أدوية تعالج حالات معينة وللأسف الشديد فإن استغلال رغبات الناس من قبل الشركات التي تستخدم هؤلاء المشاهير في إيصال رسالة هم غير متأكدين منها مما يتسبب بالتلاعب برغبات الناس واستغلالهم ماديا».أمام ذلك، يطالب جمعة بالتوعية والتثقيف للمجتمع من أضرار مثل هذه المنتجات، ويردف «أطالب الجهات المختصة بتحميل الشركات المنتجة والموزعة مسؤولية ما يحدث للمرضى، واعتبار هؤلاء المشاهير الذين يساهمون بنشر هذه المنتجات مسؤولين مسؤولية جزئية عن النتائج مما يجعلهم يفكرون قبل الإقدام على تسويق هذه المنتجات».جدير بالذكر أن وزارة الثقافة والإعلام في السعودية كانت قد كشفت قبل عدة أشهر عن إعداد وثيقة لتنظيم عمل المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي، لوضع ضوابط تنص على التزام المؤثرين بالمعايير الأخلاقية، والقيم الدينية والعادات الاجتماعية في المملكة.وضمنت المقترحات إلزام المؤثرين بالحصول على «رخصة» في حال ممارستهم أنشطة إعلانية عبر حساباتهم، ويتم تجديد الرخصة سنوياً، لضمان التزام المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي بالمصداقية والموضوعية خلال موادهم المنشورة في حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي. كما يأتي إعدادها في إطار الاستفادة من أبرز الممارسات الإقليمية والدولية، والاستعانة بأفضل الخبرات والتجارب لتنظيم وتقنين عمل المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي.
مشاركة :