بدأت كصحافية، ومن ثم تطور عملها لتترأس القسم الثقافي في جريدة الاتحاد الإماراتية لسنوات عدة، لكنها لم تكتف وذهبت أبعد من ذلك، لتدرس الإخراج السينمائي في الولايات الأميركية المتحدة وتخصصت بالفيلم الوثائقي الذي حققت به نجاحات عالمية وعربية عديدة. هي الإماراتية نجوم الغانم المخرجة السينمائية والشاعرة صاحبة الدواوين التي منحتها مكانة مهمة في فضاء الشعر، كإحدى أبرز الشاعرات الخليجيات. الغانم من الفنانات القلائل اللائي زاوجن بين الشعر والإخراج السينمائي، وربطن بين الفنين ليشكلا إبداعا متميزا، الصورة بالنسبة لها لا تنفصل عن الكلمة، وهي الآن تحتل المرتبة الثانية في قائمة المخرجات وصانعات الأفلام العربيات، بعد المخرجة الاردنية نسرين الصبيحي التي نالت المرتبة الأولى، وذلك ضمن مؤشر مؤتمر المرأة العربية الذي سيعقد في عمان في نوفمبر المقبل، واعتمد المؤشر على ما قدمته المخرجات وصانعات الأفلام من إنجازات في المحافل العربية والدولية. تعتبر الغانم أن دراستها في أميركا كانت من أهم المحطات التي حدثت في حياتها، لما لذلك من خصوصية عائلية حيث سافرت للدراسة وهي متزوجة ولديها أطفال، وقبل ذلك كان والدها يرفض السماح لها بدراسة الفنون الجميلة في أوروبا، فاضطرت إلى البقاء والعمل كصحافية آنذاك. تحديات امرأة في أوهايو الغانم تعدّ من الفنانات القلائل اللائي زاوجن بين الشعر والإخراج السينمائي، وربطن بين الفنين ليشكلا إبداعا متميزا.الغانم تعدّ من الفنانات القلائل اللائي زاوجن بين الشعر والإخراج السينمائي، وربطن بين الفنين ليشكلا إبداعا متميزا دراستها في بلد بعيد وهي مسؤولة عن عائلة مثلت تحديا كبيرا بالنسبة لها، وكانت بحاجة ماسة إلى مساند لها لتحقيق ذلك التحدي، ولم يكن ذلك الداعم سوى زوجها الشاعر الإماراتي خالد البدور الذي هو شريك حياتها الذي اعتمدت عليه، فكان لها السند الذي تتكئ عليه في كل أوقاتها الصعبة، وخصوصا في غيابها بذلك الوقت عن المنزل الكائن في مدينة صغيرة تدعى أثينز في ولاية أوهايو بأميركا، وهي المدينة التي أثرت كثيرا في حياتها. تقول الغانم “كانت تلك المدينة هي العزاء شعريا. إذ رأيت فيها جميع الفصول ووقعت في حب الطبيعة، في حب الأشجار وحب الطين والسماء والثلج الذي كان يرتفع شتاء إلى خمس أقدام، وكل ما كتبت بعد مرحلة أوهايو تجدون فيه الحنين إلى تلك البيئة، وكأن الصور التي كنت أراها هناك محفورة في ذاكرتي”. اختيار الغانم التخصص في مجال السينما بأميركا لم يكن بإرادتها في البداية، كونها ذهبت ببعثة دراسية حكومية ولم تكن مسموحة لها دراسة الفنون الجميلة التي هي رغبتها بالأساس، وبالتالي كان واجبا أن تدرس ما يخدم عملها في مجال الإعلام فكان الإنتاج والإخراج السينمائي، لكن بالمقابل كان لدى الغانم ميل كبير إلى الصورة وخصوصا في كتابتها الشعر. وهكذا كانت دائما ضمن قائمة الطلبة الذين يحصلون على امتياز في كل فصل دراسي. أكملت دراستها الأكاديميّة وحصلت على الماجستير في المجال السينمائي، كما استثمرت وجودها في أميركا للحصول على التدريب والمعرفة الكافيين في العمل السينمائي، وذهبت من هناك إلى أستراليا لدراسة السينما بشكل جوهري، وكانت هذه النقلة الثانية في حياتها حيث دخلت عالما مختلفا وجديدا من الجمال، ومنذ ذلك الوقت أصبح عمل الغانم الأساسي هو الإخراج السينمائي إلى درجة أنها تركت وراءها العمل الصحافي إلى غير رجعة. تملك الغانم في رصيدها أفلاما عديدة، حملت بصمتها كمخرجة ومنتجة، وساهمت في فوزها بالعديد من الجوائز، حيث نال فيلمها الوثائقي “حمامة” عام 2010 جائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان الخليج السينمائي، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان دبي السينمائي الدولي، وحصد فيلمها “الأمل” الجائزة الأولى في المهر الإماراتي خلال مهرجان دبي السينمائي عام 2011. تألق في وهران تألق المخرجة الإماراتية يجعلها لا تفوّت مناسبة مهرجانية أو صحافية إلا وتطالب بمشاركة القطاع الخاص في عملية الإنتاج والدعم،تألق المخرجة الإماراتية يجعلها لا تفوّت مناسبة مهرجانية أو صحافية إلا وتطالب بمشاركة القطاع الخاص في عملية الإنتاج والدعم أما فيلمها “سماء قريبة” فحصد جائزة المهر الطويل عام 2014 عن أفضل فيلم غير روائي ضمن مهرجان دبي أيضا، موضوع الفيلم كان مثيرا للاهتمام، إذ تناول مواجهة فاطمة الهالمي، وهي أول مالكة إبل إماراتية، لتحديات جمة، حين قرّرت دخول مسابقات “مزاينة الإبل” والمزاد الخاص بالإبل في أبوظبي، وهي نشاطات طالما كانت حكرا على الرجل الإماراتي. مازالت الغانم تحصد نجاح فيلمها الأخير “آلات حادة” الذي وثقت فيه جزءا من حياة الفنان التشكيلي الإماراتي الرحل حسن شريف، الذي كان من رواد فن المفاهيم المطلقة، و كانت رسوماته الكاريكاتورية المنشورة في الصحف والمجلات في فترة السبعينات تعكس المناخ السياسي في الشرق الأوسط آنذاك، و بالأخص التوسع العمراني السريع الذي شهدته دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها. لحسن شريف قيمة إبداعية خاصة ومهمة في عالم التشكيل، وكان له تأثير فني واضح بمنطقة الخليج، حيث أنشأ مدرسة فنية قائمة بذاتها، ومن هنا جاءت فكرة إخراج فيلم متكامل عن هذا الفنان لدى المخرجة نجوم الغانم، التي بدأت علاقتها به في ثمانينات القرن الماضي، وتقديمها لهذا الفيلم لم يكن نابعا من كونها شاعرة أو محبة لعالم التشكيل، وإنما من حرصها على توثيق الإرث الذي تركه الفنان الراحل للذاكرة الإماراتية، وأرادت أيضا أن يكون فيلمها محاولة لمنح حسن جزءا من حقه على الفن، وأن يبرز قيمته وحضوره القوي في المنطقة بأسرها. مشاركات الفيلم على الساحة الدولية وحصده للجوائز، جعلت نجوم تشعر بالفخر والسعادة، وتمنت أن يكون ذلك بمثابة حافز لصناع السينما الإماراتية لعدم فقدان الأمل، ولتقديم المزيد من الأعمال الناجحة التي توثق الذاكرة والثقافة الإماراتية. واعتبرت الغانم في أكثر من مناسبة صحافية أن هذه المشاركات كانت بمثابة خطوات ناجحة تسجل في مسيرة الفيلم الوثائقي الإماراتي، الذي يحتاج من صناع السينما إلى تفعيل واهتمام أكبر، لما له من دور في توثيق الذاكرة الإماراتية بالدرجة الأولى، وتسليط الضوء على هوية المكان والإنسان، وأوضحت نجوم أن الدعم الذي حظي به الفيلم سواء من مؤسسة الشارقة للفنون أم من مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، قد أسهم في أن يُنتج بمقاييس فنية عالية الجودة، ما جعل المهرجانات متحمسة لدعوته للمشاركة في دوراتها، إضافة إلى موضوعه الغني وقوة شخصية حسن شريف، الذي فرض حضوره منذ اللقطة الأولى في الفيلم وحتى آخره. خلال مشاركة فيلمها “آلات حادة” الأخيرة في مهرجان وهران السينمائي في الجزائر الذي أقيم في الفترة من 25 إلى 31 يوليو الفائت، قالت الغانم إنها أبرمت اتفاقا أخلاقيا مع الفنان شريف يقضي بعدم الاستعانة بشهادات أصدقائه أو المعارضين لأسلوبه الفني لكون الطرف الأول سيغرق في مدحه وهو ما لا يريده، والطرف الثاني سيضع الخلافات معه جانبا ليتملق أمام الكاميرا وهو ما لا يحتاج إليه، وهو ما يفسر عرض شهادته الشخصية فقط طيلة مدة الفيلم الوثائقي. قائمة الفيلم مليئة بالجوائز، حيث فاز خلال أبريل الماضي بجائزة أفضل وثائقي طويل في مسابقة جوائز لوس أنجلس للفيلم، وكذلك جائزة أفضل مخرجة في مسابقة لندن للأفلام المستقلة، وأفضل فيلم وثائقي في مهرجان بورتو فيخو السينمائي في الإكوادور، ومؤخرا حصد الجائزة الكبرى في مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية الطويلة والقصيرة ، ومن المقرر أن يشارك “آلات حادة” ضمن المسابقات الرسمية لمهرجان جوائز “إمباكت دوكس للأفلام” في كليفورنيا بالولايات المتحدة ، وفي المسابقة الرسمية في مهرجان أواكساكا السينمائي في المكسيك، الذي يعقد في أكتوبر القادم، وفي مهرجان أكاديمية “ساوث فيلم آند آرت” السينمائي في تشيلي قبل نهاية العام الجاري. الشعر بوابة الحداثة بصمتها كمخرجة ومنتجة تنعكس على رصيد الغانم من الأفلام التي حملت وساهمت في فوزها بالعديد من الجوائزبصمتها كمخرجة ومنتجة تنعكس على رصيد الغانم من الأفلام التي حملت وساهمت في فوزها بالعديد من الجوائز حكاية الغانم مع الشعر قديمة، حيث انضمت منذ ثلاثة عقود إلى قصيدة الحداثة الإماراتية، وأصدرت مجموعات شعرية عدة، وكانت البداية مع “مساء الجنة”، وتوالت بعدها الإصدارات ومنها “رواحل” و”منازل الجلنار” وغيرهما، ومنذ أشهر قليلة أصدرت مجموعة “ليل ثقيل على الليل”، وتمكنت عبرها من تأسيس بصمة خاصة بين أقرانها في الخليج العربي. وكثيرا ما اهتمت الغانم بإبراز قدرة الشعر على إعادة إحياء العاطفة في مفردات تحملها الذاكرة دوما إلى واجهة الحياة، وقد شحنت الكثير من أعمالها بحنين إلى الزمن الفائت، وتوثيق يحاول التكيف مع قسوة المضي قدما إلى الأمام. واليوم كثيرا ما تشارك الغانم في أبحاث سينمائية منشورة، منفردة ومشتركة مع نقاد ومخرجين سينمائيين عرب، كان آخرها مشاركتها في إعداد ملف خاص عن السينما في منطقة الخليج، وخصوصا بعد إقرار تدشين صالات عرض سينمائية في السعودية، الملف تم نشره من خلال العدد الجديد من مجلة “الفيصل”، وتعاونت نجوم في هذا البحث مع كل من الخبراء أمير العمري، إبراهيم العريس، ، طارق الشناوي، خالد الصديق، فهد الأسطا، خالد ربيع السيد، غسان خروب، أمل السعيدي، سلطان البازعي، عبدالسلام الوايل وغيرهم. وقد تناول الملف تجارب سينمائية في الخليج والسعودية، وتوقف عند التحديات والأسئلة الملحة التي تواجه العاملين في هذا المجال، وأوضح النقاد الخليجيون والعرب في الملف المنشور أن الأفلام القصيرة لا تصنع سينما، كما أن وجود صالات عرض لا يعني وجود صناعة سينمائية، وأن الطريق إلى السينما في الخليج مازال طويلا وشاقا. لا تفوت نجوم الغانم مناسبة مهرجانية أو صحافية إلا وتطالب بمشاركة القطاع الخاص الإماراتي في عملية الإنتاج والدعم، فالصناعة السينمائية برأيها هي من تستطيع تدوير الأرباح واستغلال التمويل وتشغيل طواقم العمل وبيع الأفلام وإيجاد دخل ليعود للإنتاج، وهذه الدورة الإنتاجية الصناعية الصحيحة غير موجودة حسب تعبيرها في دولة الإمارات. وعلى الجانب الآخر تضع الغانم نصب اهتمامها الجمهور المحلي في الإمارات والعالم العربي أيضا على الرغم من أن أفلامها استطاعت المشاركة والحضور خارج حدود العالم العربي، وهي كثيرا ما تبدي حزنها بسبب عرض أعمالها السينمائية بشكل محدود في بلداننا، سواء كان ذلك في بعض المؤسسات الجامعية، أو في الجمعيات واللقاءات الخاصة، في الوقت الذي ترى فيه نجوم أن هذه الأعمال يجب أن تتاح لها فرصة المشاهدة والعرض بشكل أوسع. فيلمها الأخير “آلات حادة” يظهر طبيعة مشروع الغانم. فهذا الفيلم وثقت فيه جزءا من حياة الفنان التشكيلي الإماراتي الراحل حسن شريف، الذي كان من رواد فن المفاهيم المطلقة.فيلم الغانم الأخير "آلات حادة" وثقت فيه جزءا من حياة الفنان التشكيلي الإماراتي الراحل حسن شريف، الذي كان من رواد فن المفاهيم المطلقة
مشاركة :