وجّه الرئيس الأمركي دونالد ترامب الإثنين تحذيرا لإيران بضرورة تغيير سلوكها "المزعزع للاستقرار" وإلا فإنها ستواجه مزيدا من العزلة الاقتصادية، وذلك قبل بضع ساعات من إعادة العمل بالعقوبات الأمريكية على طهران، مبديا في المقابل "انفتاحه" على اتفاق نووي جديد معها.من جهته، اعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني أن دعوة الولايات المتحدة بلاده إلى التفاوض على اتفاق جديد حول البرنامج النووي وفرضها عقوبات في الوقت نفسه هو أمر "غير منطقي".وقال روحاني في خطاب متلفز مساء الإثنين إن إجراء "مفاوضات مع (فرض) عقوبات هو أمر غير منطقي. إنهم يفرضون عقوبات على أطفال إيران ومرضاها وعلى الأمة"، مكررا اتهامه للولايات المتحدة بشن "حرب نفسية" على بلاده.وبعد قرار ترامب في مايو التخلي عن الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 في تحرك عارضته باقي الأطراف الموقعة على الاتفاق، يبدو أنه من غير المرجح التوصل إلى اتفاق جديد في المدى المنظور، نظرا إلى الشروط التي يضعها الرئيس الأمريكي ورد الفعل الغاضب لطهران.وتشمل الرزمة الأولى من العقوبات الأمريكية التي يبدأ تنفيذها الثلاثاء في الساعة 04.01 ت غ وقف التعاملات المالية واستيراد المواد الاولية إضافة إلى إجراءات تشمل المشتريات في قطاعي السيارات والطيران التجاري. وتعقبها في نوفمبر تدابير تطاول قطاعي النفط والغاز إضافة إلى البنك المركزي الإيراني.وقال ترامب في بيان "على النظام الإيراني الاختيار. فإما يغير سلوكه المزعزع للاستقرار ويندمج مجددا في الاقتصاد العالمي، وإما يمضي قدما في مسار من العزلة الاقتصادية".وأضاف "في وقت نواصل ممارسة أكبر قدر من الضغط الاقتصادي على النظام الإيراني، أبقى منفتحا على اتفاق أكثر شمولا يلحظ مجمل أنشطته الضارة، بما فيها برنامجه البالستي ودعمه للإرهاب".وتسببت المواقف العدائية الأمريكية في التهافت على شراء الدولار وأدى الضغط على العملة الإيرانية حتى قبل دخول العقوبات حيز التنفيذ إلى فقدان الريال أكثر من نصف قيمته منذ إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق.وشهدت البلاد تظاهرات متفرقة وإضرابات خلال الأيام الماضية في عدد من المناطق احتجاجا على النقص في المياه وارتفاع الأسعار واتساع رقعة الغضب من النظام السياسي.وجعلت القيود المشددة على التغطية الإعلامية التحقق من الأنباء عن الاحتجاجات الواردة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أمرا مستحيلا. لكن الصحفيين أكدوا انتشار عناصر منع الشغب ليل الأحد وتم نشر حاملة جنود مدرعة واحدة على الأقل في منطقة كرج الواقعة غرب طهران حيث سجلت النسبة الأكبر من الاحتجاجات فيما أشاروا إلى انقطاع خدمة الانترنت في المنطقة.يُتوقع أن تكون المرحلة الثانية من العقوبات التي سيتم خلالها حجب مبيعات الخام الإيرانية الأشد تأثيرا، رغم أن دولا عدة بينها الصين والهند وتركيا أشارت إلى أنها غير مستعدة للتوقف بشكل كامل عن شراء النفط الإيراني.وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إن بروكسل كما بريطانيا وفرنسا وألمانيا تبدي "أسفها العميق" لقرار واشنطن.وقالت موغيريني "إننا مصممون على حماية الجهات الاقتصادية الأوروبية الناشطة في أعمال مشروعة مع إيران ، لهذا السبب تدخل آلية التعطيل الأوروبية حيز التنفيذ في 7 أغسطس".من جهته، هنأ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ترامب بإعادة العمل بالعقوبات وقال "هذا يرمز إلى عزم على كبح العدوان الإقليمي لإيران ونيتها امتلاك السلاح النووي".وأعلنت شركات أوروبية عدة أنها ستخرج من السوق الإيرانية خوفًا من الغرامات الأمريكية.وأكد ترامب أن الشركات التي تحاول الالتفاف على العقوبات ستتعرض "لعواقب وخيمة".وكشفت الحكومة الإيرانية في وقت متأخر الأحد سياسات جديدة تتعلق بصرف العملات الأجنبية وتسمح باستيراد غير محدود وبدون ضرائب للعملات والذهب وإعادة فتح مكاتب صرف العملات بعدما أدت محاولة كارثية في إبريل لتثبيت سعر صرف الريال إلى مضاربات واسعة النطاق في السوق السوداء.ومع دعوة السلطات الدينية العليا إلى إطلاق حملة على الفساد، أعلن القضاء الأحد توقيف مساعد محافظ البنك المركزي لشئون العملات الصعبة أحمد عراقجي مع أربعة من السماسرة وموظف حكومي.وبعد شهور من التصعيد الكلامي، أعلن ترامب الأسبوع الماضي استعداده للقاء القادة الإيرانيين بدون شروط مسبقة.لكن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف رأى أن "العالم بأسره" غير متفق مع السياسات الأمريكية حيال إيران قائلا "تحدثوا إلى أي شخص في أي مكان في العالم وسيقول لكم إنهم معزولون، وليس إيران".وسرت شائعات عن إمكان عقد لقاء بين ترامب وروحاني في وقت لاحق من الشهر الجاري في نيويورك حيث سيحضران اجتماع الجمعية العمومية التابعة للأمم المتحدة. لكن العام الماضي، ذكرت تقارير أن روحاني رفض عرض الولايات المتحدة إجراء لقاء من هذا النوع.ويأتي ذلك بعد نحو أسبوعين من سجال شديد اللهجة بينه وبين روحاني حذر خلاله الرئيس الإيراني من أن النزاع مع إيران سيكون "أم المعارك"، في حين ردّ ترامب منددا بتصريحات نظيره الإيراني "المختلة حول العنف والقتل".
مشاركة :