أثار سكان مناطق الجنوب الجزائري جدلا كبيرا في البلاد، إثر تدخلهم لمنع إقامة الحفلات الغنائية التي برمجتها السلطات في مدنهم بهدف إحياء موسم الصيف، وذلك في محاولة منهم للاحتجاج على أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، وإيصال مطالبهم. بدأت القصة، عندما نزل مواطنون من مدينة ورقلة جنوب البلاد إلى الشارع، ومنعوا حفلا غنائيا لمطرب الراب المعروف "كادير الغابوني"، رافعين شعارات تطالب بتوفير الكهرباء ومناصب العمل، ورافضة لإقامة حفلات غناء، لتنتقل هذه الشرارة إلى مدن أخرى مثل بشار، ووادي سوف، والجلفة، وكذلك تبسّة شرق البلاد. ويحاول سكانت الجنوب باحتجاجاتهم لفت انتباه السلطات لما ينقصهم كي تعيد ترتيب أولوياتها في هذه المناطق، وأثار هذا الحراك خاوف من عودة الفكر المتطرف المناهض للثقافة والفنّ، كما حدث في تسعينيات القرن الماضي. مؤيد ومعارض وينفي عبد المنعم الحاج الشيخ، وهو أحد المقاطعين للمهرجانات في ورقلة وجود أي خلفيات أيديولوجية وراء منع الحفلات الغنائية، مضيفا أنّها "خطوة عفوية من السكان، أرادوا من ورائها التعبير عن امتعاضهم من الظروف الاجتماعية، والاقتصادية السيّئة التي يعيشون فيها". وأوضح في تصريح لـ "العربية.نت"، قائلا "هنا نفتقد إلى المياه، والكهرباء التي يتمّ قطعها بين الحين والآخر في درجات حرارة قياسية تصل أحيانا إلى قرابة 60 درجة مئوية، إلى جانب غياب أبسط مقومات العيش والخدمات الأساسية التي يحتاجها السكان، في المقابل الدولة تخصص ميزانية من خزينتها كل عام، لتنظيم حفلات ومهرجانات، نحن أولى بهذه الأموال من الفنّانين والمغنيّن، التنمية أوّلا ثم الفن لاحقا". وأضاف: "الشباب هنا يريد عملا وسكنا، ولا يبحث عن الرقص والأغاني والترفيه، لأنه لم يصل بعد إلى هذه المرحلة، وبالتالي لا يجب تدمير مستقبله، نحن لسنا ضدّ الثقافة ولكن ينبغي احترام مشاعر النّاس، بتحويل الأموال المخصصّة للحفلات إلى مشاريع تنموية". في المقابل، يرى الناشط زكرياء العلوي أنه لا يمكن الاستغناء عن الثقافة والفن، حتى ولو كان هناك مشكلات تنموية"، موضحا أن إلغاء الفعاليات الثقافية في المناطق المهمشة "سيزيد من استغلال سكانها دينيا من قبل التيارات المتطرفة". وكان رئيس الحكومة الجزائرية، أحمد أويحيى، انتقد في تصريح سابق احتجاج السكان على إقامة الحفلات الفنية لدواع اجتماعية، وقال إن "البطالة موجودة في كل مناطق الجزائر، بما فيها العاصمة، وهي ليست حجة لإلغاء حفل ثقافي"، واصفا ذلك بأنه "شغب".
مشاركة :