في مثل هذا اليوم قبل 78 سنة كانت المملكة على موعد مع مولد فنان شكل ملامح عصر بأكمله في عمر المملكة، صاحبت فيه أغانيه وألحانه أجيال تلو الأخرى، وخلد الزمان أعماله حتى بعد رحيله. إنه الفنان طلال مداح، الذي ولد في 5 أغسطس عام 1940 وتوفي في 11 أغسطس 2000. طلال مداح المطرب المجدد المتطور، الذي يعد أحد أشهر نجوم الطرب في العالم العربي ونال العديد من الألقاب، أهمها صاحب الحنجرة الذهبية وقيثارة الشرق وفارس الأغنية السعودية وصوت الأرض. وخلال فترة السبعينيات ألف مقاطع موسيقية، أشهرها مقطوعة “ليالي البرازيل” والتي أثبتت موهبته التلحينية عاش في لندن لفترة طويلة وابتعد عن الساحة عندما شعر بتغيير التذوق في عالم الطرب والموسيقى والاتجاه التغريبي للأغنية العربية، لكنه عاد إلى المملكة ليشدو في منتصف الثمانينات منح الملك فهد بن عبد العزيز –رحمه الله-، مداح وسام الاستحقاق من الدرجة الثانية عقب افتتاح البطولة العربية . مشوار حافل: يعد طلال مداح أول فنان سعودي سجلته جمعية المؤلفين والموسيقيين في فرنسا، وهو أول من حصل على الأسطوانة الذهبية، وعمل على إضافة وتر للعود وتعلم التقنية الموسيقية، وقدم أكثر من 80 ألبوم وقام بتلحين أغاني كبار المطربين، منهم محمد عبده ووردة الجزائرية وفايزة أحمد وسميرة سعيد، رجاء بلمليح، وعبادي الجوهر وعتاب. كان لطلال مداح صوت قوي وأداء رائع مما جعل الكثير من الشعراء والملحنين العرب يقولون فيه أشعار، وكان أبرزهم الموسيقار محمد عبد الوهاب حيث صرح ذات مرة قائلا: “من أجمل الأصوات التي استمعت إليها في الوطن العربي هو صوت طلال مداح”، وهذه الشهادة ليست مستغربة من الفنان الكبير محمد عبد الوهاب وهو الذي وقع عقدا احتكاريا مع طلال مداح لكي لا يغني سوى من ألحانه وبدأها برائعة “ماذا أقول؟” ولكن لم تشأ الأقدار إكمال هذا الثنائي الذي كان سيقدم إبداعا لا حدود له في سماء الأغنية العربي. أما عن الفنان محمد عبده فقد قال من جانبه: “طلال هو رجل الأغنية السعودية الأول وهو الأصل ونحن نتفرع منه”. ويعتبر الفنان طلال مداح، أول من دخل ميدان الإنتاج السينمائي بفيلم شارع الضباب، وأول من طبع أُسطوانات داخل المملكة، أول من حدّث وطور الأغنية السعودية بأول أغنية تغنت على نمط الكوبليهات، وهي “أغنية وردك يا زارع الورد” التي كانت من ألحانه. رحيله: مشوار طلال مداح الفني ترافق مع مشوار آخر طويل مع المرض، حيث عانى في سنواته الأخيرة من مشاكل في القلب، وانسداد في صمامات القلب، وأجرى عملية قسطرة للقلب ونصحه الأطباء بالراحة المطلقة والابتعاد التام عن التدخين، ولكنه استمر في أداء الحفلات والغناء حتى توفي. وتعرض مداح لأزمة قلبية وهو على مسرح المفتاحة كان للتو بدأ يؤدي وصلته الغنائية بعد موجة تصفيق كبيره استمرت 5 دقائق. وسقط مداح، من على الكرسي الذي كان يجلس عليه وهو يتهيآ لأداء أغنية “الله يرد خطاك”، وتم نقله سريعا إلى المستشفى ولكن كانت المشيئة الإلهية أسرع وأمضى. نقل جثمانه للصلاة عليه في المسجد الحرام بمكة المكرمة ودفن بمقابر المعلاة بمكة المكرمة وقد شيّعه أكثر من 100 ألف من محبيه ومعجبيه، كما حضر مراسم العزاء بمدينة جدة عدد كبير من رجال الدولة وعدد كبير من الفنانين والصحفيين.
مشاركة :