«يخلق من الشبَه أربعين».. حين لم تكن تتوقّع أن «عواطف» التي أقبلت نحوها ببهجة المفاجأة بعد غياب سنوات, وسنوات في حجرة الانتظار بمركز طبي كبير, لم تكن «عواطِفَ» التي عرفت زميلة عمل, ورفيقة مكتب واحد.. اعتذرت السيدة وهي تقف لها قائلة: لا لست عواطف.. لكنك «الخالق الناطق» رددت على مسامعها في دهشة غطت كامل تفاصيل وجهها, ثم أعتذرت لها, بعد مصافحتها, وهي تمضي.. الممر طويل، على ثغر امتداده حجرة الانتظار، أما هي فكلما قطعت شوطاً منه التفت مرة أخرى للخلف, تعيد النظر إلى تلك المنتظرة دورها عند الطبيب, والتي تشبه بكل ملمح في وجهها «عواطف» التي تعرف هي, ولا تنكر!!.. بعد أن أنهت كلتاهما مراجعتهما داخل المركز الطبي, عادتا مرة أخرى لتلتقيا في الممر المفضي إلى خارج المكان, فوجدت هي نفسها مصرة حين أوقفت السيدة تردد عليها: لا بد أنك عواطف, ربما إنك نسيتِ من أكون, ولا تحبين أن تؤكدي لي نفسك!! لكن السيدة بادرتها بالسؤال: «عواطف» من؟ وحين أباحت بالاسم كاملاً أكدت لها أنها ليست هي, فهذه من عائلة غير عائلتها, والاسمان مختلفان, لكنها بمجرد أن سمعت اسم التي ليست «عواطف», بادلتها التعريف باسمها, لتجد في ثوان أنهما على معرفة تامة ببعضهما بالفعل, وإن لم تكن إحداهما «عواطف».. إن الأيام التي مسحت بيدها عليهما, كانت كفيلة بحفظ شيء من ملامحهما, تعانقتا, ثم تشابكت يداهما وسارتا معاً, وحين استقرتا في مقهى قريب من المركز الطبي, ذهبتا تختصران السنين في حديث ذي شجون..! وكما «يخلق الله من الشبه أربعينَ», فإنه يبعث من الشَّبه ما استقر في الذاكرة.. و«رُبَّ صدفة خير من ميعاد».. ——————————————————————– دكتورة خيرية السقاف الجزيرة
مشاركة :