حين قررت السعودية طرد السفير الكندي، واتخذت الإجراءات العقابية المعروفة ضد كندا، كان وراء هذا الموقف أسباب واعتبارات كثيرة في مقدمتها ما يلي: 1 – ان موقف كندا تجاوز كل وأي حد يمكن قبوله أو الصمت عنه. كندا لم تكتف فقط بالتدخل السافر في شؤون داخلية سعودية، بل تحدثت بلغة الإملاء بشكل غريب ومستفز. 2 – أرادت السعودية بموقفها الحازم وإجراءاتها ان تكون هذه رسالة واضحة ليس إلى كندا وحدها، وإنما أيضا إلى كل الدول والمنظمات الغربية التي دأبت على امتداد السنوات الطويلة الماضية على التدخل في شؤون الدول العربية وعلى إعطاء نفسها الحق بإصدار الأوامر والاملاءات على حكوماتنا بشكل عنصري وتخريبي. الرسالة السعودية الحازمة لهذه الدول والمنظمات هي انه من الآن فصاعدا، لن يكون مقبولا أبدا هذا النهج في التعامل معنا.. من الآن فصاعدا، سيقابل هذا التدخل في شؤوننا وهذا الدعم لأجندات تخريبية ليس فقط بالرفض أو الإدانة، وإنما بإجراءات عقابية لا يتصورونها ولا تخطر ببالهم. 3 – وبالطبع، حين قررت القيادة السعودية ان تتعامل مع كندا بهذا الشكل وتتخذ هذه الإجراءات، فقد كان في ذهنها ما قادت اليه هذه التدخلات، وهذا الدعم لأجندات تخريبية تحت دعاوى حقوق الانسان، من خراب لعديد من الدول العربية في السنوات الماضية. باختصار، السعودية أرادت ان تدشن نهجا عربيا جديدا في التعامل مع هذه التدخلات من شأنه وضع حد لها. حقيقة الأمر ان الرد السعودي الكاسح جاء زلزالا سياسيا ضرب كندا والدول الغربية كلها. لم يكن غريبا ان تصاب كندا بصدمة رهيبة من الرد السعودي ومن الإجراءات الحازمة التي اتخذتها القيادة السعودية. لم يخطر ببال كندا ان يأتي الرد على هذا النحو. والحقيقة ان الدول الغربية كلها أصيبت بالصدمة. هذه الصدمة عبرت عنها صحف غربية عدة في اليومين الماضيين. لكن صحيفة «فاينناشيال تايمز» البريطانية، تحدثت عن هذه الصدمة بوضوح، وكتبت افتتاحية سخيفة ومستفزة تعبر عن هذه الحالة التي اصابت الغرب. الصحيفة في افتتاحيتها تنتقد السعودية، وتقول صراحة ان ما فعلته السعودية سبب صدمة لدى كل الدول الغربية. وتدعو الدول الأوروبية وأمريكا إلى الوقوف بجانب كندا. والصحيفة في معرض دفاعها عن كندا، كشفت في افتتاحيتها عن عنصرية قبيحة، وعن غباء سياسي أيضا. تتساءل الفاينناشيال تايمز: وفق أي معايير ترد السعودية على النقد ذي الأسلوب المعتدل الذي وجهته كندا؟ تعتبر الصحيفة ان التدخل الكندي السافر في الشؤون الداخلية للسعودية على نحو ما حدث، ولغة الإملاء القبيحة، مجرد «أسلوب معتدل». هذه عنصرية سافرة. وحين تتساءل الصحيفة عن معايير الرد السعودي، فهذا غباء سياسي. المعايير ببساطة هي معايير السيادة ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وكل الأعراف والتقاليد الدبلوماسية المنظمة لعلاقات الدول وعمل السفارات. طبعا، ما لم تقله الصحيفة هو ان صدمتها وصدمة الدول الغربية ليست بسبب اعتقادهم بأن كندا على حق أو ان السعودية مخطئة، ولكن سببها انهم اعتادوا على التدخل السافر في شؤون الدول العربية، واعتادوا على ان يعيثوا في بلادنا تآمرا وتخريبا ودعما لأفراد وجماعات تخريبية، من دون ان يواجهوا برد فعل عربي حاسم ورادع. الآن أفاقوا على وضع آخر مختلف. أفاقوا على حقيقة ان عليهم من الآن فصاعدا ان يعيدوا حساباتهم ـ والا فإن الثمن سيكون فادحا جدا لم يتوقعوا ان يأتي يوم ويكون عليهم ان يدفعوه. القيادة السعودية تستحق كل تقدير عربي. بما فعلته واتخذته من إجراءات رادعة لم تدافع فقط عن سيادة السعودية واستقلالية قراها وسياساتها، وإنما دافعت عن كل الدول العربية. قدمت مثالا لما يجب أن تفعله كل الدول العربية في مواجهة عنصرية الدول الغربية وتدخلاتها ونواياها الاجرامية بحق دولنا وشعوبنا.
مشاركة :