النجّارة أريج الحويطي !! طلال القشقري النجّارة أريج الحويطي !! algashgari@gmail.com لم تقرّ عيناي برؤية أوّل نجّار سعودي، يتّخذ الأعمال الخشبية مهنةً له، وربّما كان موجوداً لكن لماذا لا يظهر ويبان؟ ألا يعلم أنّه إن ظهر وبان فعليه منّي الأمان؟. ومؤخراً رأيْتُ بدلاً منه أوّل نجّارة سعودية، هي الشابّة «أريج الحويطي» من منطقة تبوك، التي تقابلت معها قناة العربية، ولديها ورشة تُصلِح وتُركّب فيها الديكورات المنزلية، فهنيئاً لها هذه المهنة النبيلة التي امتهنها أوّلُ الأنبياء، نوح عليه السلام، وصنع الفُلك الخشبية ذات الألواح والدُسُر بأمر ووحي ربّه، ليُنقذ المؤمنين من الغرق في الطُوفان العظيم الذي جعل الكافرين أثراً بعد عين، وعبرةً لمن يعتبر!. والنجّار السعودي الذي لم أره، وأتمنّى رؤيته، ليس في مجال الديكورات المنزلية، بل في قطاع البناء، وتحديداً ذلك النجّار ـ الرجل لا المرأة ـ الذي يساوي بين قوالب الخشب لرصّ حديد التسليح فيها، ثمّ يصبّ الخرسانة عليها، ممّا تُكوِّن بعد ذلك بيوتنا وتحلّ أزمات ومشكلات إسكاننا، ويُطلق عليها اسم «النجارة المُسلّحة»، وهي أعظم أعمال النجارة وأصعبها، لأنّ هدفها تلبية الحاجة الإسكانية الأساسية لا الكمالية!. وكان ذو القرنين عند بنائه لسدّ يأجوج ومأجوج، هو أوّل من أسّس لمفهوم النجارة المُسلّحة بفضل الله، بأن ساوى بين صدفي الجبل، ووضع زُبُر الحديد فيما ساواه وسوّاه، ثمّ نفخ فيه النار حتّى ذاب الحديد، وتشكّل عندما يَبِسَ سدّاً منيعاً لا يقدر عليه يأجوج ومأجوج إلّا عندما يأذن الله في آخر الزمان!. والشاهد هو أنّه مع انعدام النجّارين المُسلّحين السعوديين لدينا، واعتمادنا الكامل على الأجانب، فإنّي أرى في ذلك عيباً بحقّنا، عيباً هو أقرب للعار لا مؤاخذة، أوّلاً بحقّ شبابنا المُحْجِم عن هذه المهنة وغيرها من المهن اليدوية الإنشائية، وثانياً بحقّ جهاتنا المعنية التي لم تستغلّ المشروعات الكبيرة والكثيرة والمختلفة، بمجموع تكلفتها التريليوني خلال العقود الماضية لتأسيس قاعدة عريضة من النجّارين السعوديين، تكفي لأجيال قادمة وخطط مستقبلية لعلّ رؤية ٢٠٣٠ هي أهمّها. وكم أتمنّى أن أصحو ذات يوم وأرى في طريقي شبابنا وهم يُنجِّرُون المساكن، وأسمع أصوات مطارقهم وهي تدقّ المسامير في الخشب، كي نسكن ما نبني بأيدينا، لا بأيدي غيرنا مع كامل الاحترام لهم والتقدير!.
مشاركة :