قال الباحث الأثري سامح الزهار المتخصص في الآثار الإسلامية والقبطية، إن المسجد العباسي يعد أيقونة الآثار الإسلامية والعمارة الدينية بمحافظة بورسعيد، فهو يحمل طرازا معماريا وفنيا وزخرفيا مميزا للغاية، وقد أضفى ذلك الجمال على المنطقة التي يقع فيها بأسرها وهي “حي العرب” تلك المنطقة التي حفظت لنا ذاكرة بورسعيد ونضال شعبها. وأضاف الزهار – في تصريح ل«نبض العرب» اليوم الخميس ، بمناسبة افتتاح وزارة الآثار المسجد العباسي بعد الانتهاء من أعمال ترميمه – أنه تم إنشاء المسجد في عام 1904،في زمن خديوي مصر عباس حلمي الثاني، وقد سمي المسجد بهذا الاسم نسبة إليه، حيث أقامه الخديوي ضمن أكثر من مائة مسجد على نفس الطراز في محافظات مصر المختلفة. وأشار إلى أن “العباسي” ثاني مساجد مدينة بورسعيد بعد المسجد التوفيقي الذي تزامن بناؤه لحفر قناة السويس وقد ماثله في ملحقاته المختلفة خاصة مجموعة المحلات التجارية والورش المخصصة للحرف اليدوية المختلفة، موضحا أنه تم الشروع في بناء المسجد العباسي لمواكبة النمو السكاني السريع في المدينة حتى يتم استيعاب المصلين. وأوضح أن المسجد العباسي يعد أحد أهم المعالم الأثرية بالمدينة، بالإضافة إلى أنه عبر تاريخه كان أحد أهم المراكز الرسمية للاحتفالات الدينية مثل المولد النبوي الشريف، وليلة الإسراء والمعراج، وليلة النصف من شعبان، وصلوات العيدين وغيرها من المناسبات الدينية التي حرص القائمون على إدارة بورسعيد على الاحتفال بها في ذلك المسجد الأثري البديع. واستطرد أن المسجد يقع في منطقة العرب بمدينة بورسعيد، تلك المنطقة التي هي خير شاهد ودليل على أهم بطولات بورسعيد في فترات مقاومة الاحتلال، حيث تحكي المنطقة بأسرها تاريخاً كتب بدماء أهالي بورسعيد، وروى صفحة مهمة من صفحات النضال الوطني. وقال إن المسجد العباسي كان أحد أهم الأماكن التي تجمع فيها أبطال المقاومة والفدائيون في التصدي للعدوان الثلاثي وحتى الجلاء, ولذلك فإن تلك المنطقة بالكامل قد طالها الدمار بسبب المواجهات مع العدو إلا أن هذا المسجد هو البناء الوحيد المكتمل والذي بقى كسجل صامت شاهد على تاريخ المدينة. وعما يميز المسجد العباسي، أوضح أنه يحتفظ بأغلب عناصره الزخرفية والفنية والمعمارية التي بني عليها، كما يحتوي على عدد مهم من الكتابات المزينة بالزخارف النباتية وزخارف التكوينات الهندسية المحورة، موضحا أن القائمين على ترميمه من خبراء ومرممي الآثار حرصوا على الحفاظ على تكوينه الأصلي وكافة عناصره الأثرية حتى يظل المسجد العباسي درة تاج المساجد الأثرية في المنطقة بأسرها.
مشاركة :