القرآن يشفع لقارئه يوم القيامة

  • 8/10/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

محمد حماد القرآن كتاب الله المحفوظ برعاية الله، قال تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)، ومن أسباب حفظه في القلوب استدامة تلاوته، والمواظبة على دراسته، وقد خاب رجل ليس في جوفه شيء من القرآن، فهو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب).وقراءة القرآن تفرق بين المؤمن والمنافق، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة: ريحها طيب، وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة: لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة: ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة: ليس لها ريح وطعمها مر)، والفارق كبير بين بيت يقرأ فيه القرآن وبيت هجره، فقد قال أبو هريرة: (إن البيت الذي يتلى فيه القرآن اتسع بأهله وكثر خيره وحضرته الملائكة وخرجت منه الشياطين، وإن البيت الذي لا يتلى فيه كتاب الله عز وجل ضاق بأهله، وقل خيره، وخرجت منه الملائكة، وحضرته الشياطين). قراءة النبي فضل قراءة القرآن على قارئه فضل عظيم، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن هي العمل به، والتخلق بأخلاقه، والتأدب بآدابه، ودعوة الناس إليه، وهو القائل: (أفضل عبادة أمتي تلاوة القرآن) فالقرآن كتاب الله إلى الناس، فيه هدى، فاز من عمل بما فيه، يزداد حلاوة عند أهل التلاوة، وكان له صلى الله عليه وسلم حزب يحرص على قراءته، ولا يخل به، وكان يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم في أول قراءته، فيقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وربما كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه، ونفثه. وكان يقرأ القرآن قائماً، وقاعداً، ومضطجعاً، ومتوضئاً، ومحدثاً، ولم يكن يمنعه من قراءته إلا الجنابة، وكانت قراءته ترتيلاً بلا عجلة، وكانت قراءة مفسرة حرفاً حرفاً، وكان يقطع قراءته آية آية، ويمد عند حروف المد. وكان صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه فيقول: (زينوا القرآن بأصواتكم)، ويقول: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن)، ويقول: (ما أذن الله لشيء، كإذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن)، وكان صلى الله عليه وسلم يتغنى به، ويرجع صوته به أحياناً كما رجع يوم الفتح في قراءته: (إنا فتحنا لك فتحا مبينا).كان صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن على الناس، وكان يحب أن يسمع القرآن من غيره، وأمر عبدالله بن مسعود، فقرأ عليه وهو يسمع، وخشع صلى الله عليه وسلم لسماع القرآن منه حتى ذرفت عيناه. كأنهما غمامتان والأحاديث النبوية الشريفة عن فضل تلاوة القرآن كثيرة، منها ما رواه أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه»، وما رواه النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران»» وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد قال «كأنهما غمامتان أو ظلتان سوداوان بينهما شرق أو كأنهما حزقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما»، وما رواه عبدالله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال فيشفعان». ولقارئ القرآن عن كل حرف عشر حسنات، لما رواه ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من استمع إلى آية من كتاب الله عز وجل كانت له نوراً يوم القيامة)، وفي الخبر: «كتب له عشر حسنات»، ولقارئ القرآن الذي يتعتع فيه أجران لما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه، وهو عليه شاق له أجران). جلاء القلوب والقرآن ربيع القلوب، وتلاوته تجلوها من الصدأ، قال صلى الله عليه وسلم: (إن القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد)، فقيل يا رسول الله وما جلاؤها؟ فقال: (تلاوة القرآن وذكر الموت)، وهو الشفيع لقارئه يوم القيامة، لما رواه مسلم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه)، وهو أفضل شفيع لصاحبه لقوله صلى الله عليه وسلم: (ما من شفيع أفضل منزلة عند الله تعالى من القرآن لا نبي ولا ملك ولا غيره)، ويومئذ يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها»، والقرآن يرفع الله به أقواما ويضع به آخرين، كما أخبرنا صلى الله عليه وسلم، ولذلك يحسد صاحب القرآن حيث (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا، فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار).والمسلم المتابع لهدي نبيه الكريم له ورده اليومي من قراءة القرآن لا يتخلف عنه، ولا يعدل به شيئا من الأمور الدنيوية، يقرأ فيه ما تيسر له من القرآن، كل حسب طاقته، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبدالله بن عمر، رضي الله عنهما، أن يختم القرآن في كل سبع، وكذلك كان جماعة من الصحابة رضي الله عنهم يختمون القرآن في كل جمعة، منهم عثمان وزيد بن ثابت وابن مسعود وأبي بن كعب رضي الله عنهم. وقد يعينه على المحافظة على الورد اليومي أن يشارك غيره في الاجتماع على قراءة القرآن لما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده). علامة القبول هؤلاء هم أهل القرآن، الذين رزقهم الله حسن تلاوته، ويسر لهم العمل به في الدنيا، يحرمون حرامه ويحللون حلاله، قال صلى الله عليه وسلم: (ما أمن بالقرآن من استحل محارمه)، وعلامة قبول القراءة أن يهدى المرء إلى العمل بما فيه، والانتهاء عن محارمه، قال صلى الله عليه وسلم: (اقرأ القرآن ما نهاك، فإن لم ينهك فلست تقرؤه)، فليس المطلوب أن يمر القرآن على قلبك من دون أثر يبقى في السلوك والعمل، وفي حديث ابن عمر وحديث جندب رضي الله عنهما: لقد عشنا دهراً طويلاً وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن فتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فيتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها وما ينبغي أن يقف عنده منها. إذا أردت أن تكلم الله فعليك بالصلاة، وإذا أردت أن يكلمك الله فعليك بالقرآن، فالصلاة والتلاوة هما مفتاحك إلى الحضرة العلية، وإذا شرعت في الإبحار في تلاوة وكلام ربك أو الوقوف بين يديه فينبغي لك أن تستحضر في قلبك عظمة المتكلم، فلا تنس أن ما تقرؤه ليس من كلام البشر، ولا تغفل عن أن ما يجري على لسانك من تلاوة هو كلام الله عز وجل، ولمثل هذا التعظيم كان عكرمة بن أبي جهل إذا نشر المصحف غشي عليه ويقول: هو كلام ربي، هو كلام ربي.

مشاركة :