لندن – وثقت الندوة التي احتضنتها العاصمة البريطانية لندن، مؤخرا، تحت عنوان “انتهاكات حقوق الإنسان العربي في إيران.. جذور المشكلة وآفاق الحل” برعاية الهيئة الدولية للسلام وحقوق الإنسان وبمشاركة مؤسسة تمدن، والمنتدى الثقافي العربي في بريطانيا، والهيئة الدولية للسلام وحقوق الإنسان، حجم انتهاكات النظام الإيراني بحق الأحوازيين، لتنقل معاناتهم إلى العالم العربي. وتطرق المتحدثون إلى المظالم التي يتعرض لها المواطن العربي في إقليم الأحواز وخطط النظام الإيراني في إضعاف العرب هناك وفصلهم عن محيطهم العربي. وأوضح الباحث والناشط الحقوقي بمنطقة الأحواز عبدالكريم الدحيمي في حواره مع “العرب” أن “أبرز الانتهاكات الإيرانية ضد العرب في إقليم الأحواز تتمثل في سياسة الاستيطان وجلب إيرانيين من مدن إيرانية إلى مدن الأحواز بحجة المشاركة في مشاريع اقتصادية، ومنع الأحوازيين من التعلم باللغة العربية، إضافة إلى الإعدامات في حق النشطاء السياسيين والمثقفين”. وبين الدحيمي أن “النظام الإيراني انتهج طريق الإعدامات الجماعية والقتل منذ مجيء روح الله الخميني إلى الحكم، حين قام بمجزرة في المحمرة سُميت بمجزرة الأربعاء الأسود واستمرت هذه الإعدامات إلى يومنا هذا”، وتهدف الاعتقالات الواسعة إلى زرع الخوف وقمع الحراك الأحوازي. وكشف الدحيمي أن إيران اعتقلت 2130 أحوازيا وتم إطلاق سراح بعضهم بتعويضات مالية بعد البت في ملفاتهم وهؤلاء يعدون من ضمن المعتقليين. لكن لا يمر أسبوع على الأحوازيين من دون اعتقال أو إعدام. وقامت السلطات في أوائل ديسمبر 2017 على أثر مصادرة أراضي مزارعين أحوازيين في شمال الأحواز باعتقال نساء ورجال قرية الجليزي ومن ثم خرجت مظاهرات احتجاجا على اعتقال أهالي القرية، وتم اعتقال 130 أحوازيا. كما شارك الأحوازيون في الاحتجاجات الشعبية التي طالت عدة مدن إيرانية بداية العام الجاري. عبدالكريم الدحيمي: الثورة آتية في إيران لا محالة، لأن هذا النظام أهدر الثروات وجوع الشعبعبدالكريم الدحيمي: الثورة آتية في إيران لا محالة، لأن هذا النظام أهدر الثروات وجوع الشعب واعتقل أكثر من 1000 شخص في المناطق الفلاحية والمدن الأخرى ومن ثم جاءت مظاهرات انتفاضة الكرامة الثانية في مارس الماضي وتم فيها اعتقال أكثر من 800 أحوازي بينهم نساء وأطفال وطلاب مدارس وجامعات والبعض منهم مازال في السجون. وفي انتفاضة العطش في يونيو 2018 التي اندلعت من المحمرة بسبب شح المياه وارتفاع ملوحتها اعتقل النظام الإيراني 160 أحوازيا، واعتقلت 40 أحوازيا في مدينة عبادان وصفتهم أجهزة الأمن الإيراني بأنهم إرهابيون. وفي ما يخص الاغتيالات يلفت الدحيمي إلى أن السلطات الإيرانية قامت بعدة اغتيالات خارج حدود الأحواز كالعراق وأوروبا وآخر عملية اغتيال هي لأحمد مولى نيسي “أحد قيادات الأحوازيين” في لاهاي العام الماضي، كما قام النظام بتصفيات واغتيالات ضد النشطاء الأحوازيين من الشعراء والمثقفين أمثال عبدالنبي نيسي، والشاعر أيوب خنافرة والشاعر السيد ناظم والشاعر طاهر سلامي وغيرهم بعمليات قتل مباشر أو عبر حوادث سير مدبرة. وحول الخطط الإيرانية التي تستهدف إضعاف العرب وفصلهم عن محيطهم العربي أشار الدحيمي إلى أن الأنظمة الإيرانية المتعاقبة انتهجت سياسة التفريس ضد الأحوازيين لمحاربة الهوية العربية، ومنع الأحوازيين من التعلم باللغة الأم، حتى وصل الأمر إلى منعهم من اختيار أسماء عربية لأبنائهم”. وأشار إلى سرقة النظام ثروات الأحواز عبر مشاريع بعدما أثبت عدم ربحيتها الاقتصادية مثل مشاريع قصب السكر التي أدت إلى مصادرة الأراضي الزراعية وتهجير المئات من أوطانهم وتلوث البيئة. ووصف هذه المشاريع بالمشاريع الاستعمارية الهدف منها تغيير التركيبة السكانية في الأحواز، مشيرا إلى أنه من ضمن سياسات التفريس التي انتهجتها إيران ضد الأحوازيين أيضا مشاريع نقل المياه إلى المدن الإيرانية والهضبة الوسطى في إيران وبناء السدود التي قام بها مقر خاتم الأنبياء التابع للحرس الثوري وأدت إلى تجفيف الأنهار ومنع المزارعين الأحوازيين من زراعة أراضيهم وأيضا أدت إلى التصحر وتلوث المياه. وأكد أن ما يعانيه المواطن الأحوازي اليوم في الواقع نتيجة هذه المشاريع والخطط التي أجبرت الأحوازيين إلى الهجرة إلى داخل المدن الإيرانية وهذا ما يريده النظام الإيراني وفقا للوثائق التي تسربت من أروقته حول التغيير الديموغرافي في الأحواز. ويشير الدحيمي إلى أن الأحوازيين واجهوا كل خطط ومشاريع الأنظمة الإيرانية بشجاعة بحيث استشهد وجرح المئات من الأحوازيين ومن بينهم أطفال وشباب تحت 18 عاما واعتقل المئات البعض منهم مازال خلف قضبان السجون ويقضون فترة سجونهم في المنفى داخل مدن إيران. وأضاف ” انتهج الأحوازيون المقاومة للدفاع عن حقوقهم وهويتهم ومازالوا مستمرين. وللحفاظ على هويتهم قاموا بتأسيس مؤسسات ثقافية تم إغلاقها وسجن وأعدم أعضاء هذه المؤسسات من قبل النظام”. مخطط إيراني لتخريب المنطقةمخطط إيراني لتخريب المنطقة ورأى الدحيمي أن الشعوب غير الفارسية سواء الأحوازيين، أو الأتراك والأكراد والبلوش، جميعها تعاني من التمييز والاضطهاد القومي الممنهج إما بسبب العرق غير الفارسي وإما بسبب الدين أو المذهب المختلف عن دين ومذهب السلطة. مؤكدا أن حجم الاستياء والغضب من النظام طال الإيراننين. وأشار الدحيمي إلى أن سقف المطالَب في الشارع الإيراني ارتفع إلى درجة المطالبة بإسقاط النظام، وقد استهدفت هذه الاحتجاجات والمظاهرات الأخيرة الحوزات العلمية التابعة لرجال الدين وهذا دليل على أن الجيل الجديد لا يقبل الحكومة الدينية المتشددة. ويعتقد الباحث الأحوازي أن النظام عاجز عن تطويق الغليان الشعبي ومرد ذلك الفساد الإداري المتفشي في الدوائر الحكومية، والوضع الاقتصادي المتأزم وغلاء أسعار المواد الغذائية فضلا عن اختفاء العديد من الأدوية، على غرار العقوبات الأميركية الجديدة التي تحاصر النظام جراء تدخلاته في الدول الإقليمية، وهي تحديات يواجهها النظام على مستوى محلي بالقمع وخارجيا بالتعنت ونشر الفوضى والخراب. وأكد الدحيمي أن المستجدات الأخيرة بالمشهد الإيراني تكشف أن إيران مقبلة على ثورة جديدة، لكن مازالت الأوضاع ضبابية لأن المعارضة الإيرانية “الملكيين ومجاهدي خلق وآخرين” مازالت مشتتة. وأعرب الدحيمي عن توجسه من تخلي المعارضة الإيرانية عن قضايا الشعوب غير الفارسية وما تخشاه الشعوب غير الفارسية، تكرارا لسيناريو ثورة عام 1979 حين أعطى الخميني وعودا لهذه الشعوب وبعد انتصاره وسيطرته على سدة الحكم تنصل منها وقام بمجازر ضد الأحوازيين والأكراد والتركمان وقمع كل من طالب بحقوقه. واعتبر أن “المعارضة الإيرانية ليست موثوقا بها حتى بين الفرس أنفسهم، ولكن الثورة آتية في إيران لا محالة، لأن هذا النظام أهدر الثروات وجوع الشعب بحيث أصبح نصف الشعب الإيراني تحت خط الفقر”. وحذر عبدالكريم الدحيمي في ختام حواره مع “العرب” من أن ما تقوم به إيران في الدول العربية اليوم، يعتبر من ضمن مشروع إيراني لبناء إمبراطورية فارسية في المنطقة وتم استخدام المذهب الشيعي لتنفيذه، فبعد نجاح الثورة الإسلامية وتطبيقا لمبدأ تصدير الثورة، دعوا رجال الدين إلى القيام بثورات مشابهة للثورة الإيرانية في الدول الإسلامية.
مشاركة :