تستمر فعالية (حكايا مسك) في التعريف بمواقف وقصص تستحق أن تُكتَب وتسجّل؛ لأن خلفها شبابًا سعوديين نجحوا في تحويل الضعف إلى قوة، وصنعوا من الهزيمة عزيمة، ومن الـحلم واقعًا ناصع البياض، شعاره: "لا يأس مع الإبداع". نايف الرزيق مؤسس متجر (بوك تشينو) هو أحد هذه النماذج التي لم تكتفِ بالشغف الشخصي تجاه القراءة، بل صنعت منه مشروعًا يتمتع بشعبية واسعة في أوساط الشباب؛ وذلك لاتباعه طرقًا مبتكرةً في عرض وتسويق الكتب؛ الأمر الذي جعله خيارًا عصريًّا للكثير ممن يرغبون في تعزيز علاقتهم بالكتاب والحصول على تجربة تفوق مجرد القراءة. كانت المصادفة وحدها وراء هذه الفكرة بحسب ما يرويه نايف؛ حيث يقول: "بدايتي مختلفة بعض الشيء.. كنت أستعد لزيارة المنطقة الشرقية، لكن لسوء الحظ تعطلت سيارتي قبل الرحلة بساعات، ولم يكن أمامي حينها إلا أن أبحث عن رحلة في أسرع وقت.. لم أجد مقعدًا في الطائرة". لم يكن يملك حينها سوى الاتجاه إلى محطة القطار والالتحاق بأول رحلة متجهه إلى الدمام مصطحبًا كتابه ليمارس هواية القراءة، غير أن الأمور لم تَسِرْ كما يجب. يقول: "فجأة سمعت أصوات أطفال مرتفعة في العربة التي بجانبي سببت لي إزعاجًا فلم أستطع إكمال القراءة.. أخذت حقيبتي الصغيرة وبدأت توزيع الهدايا على الصغار والكبار التي كانت مجموعة كتب، وبعدها بدقائق عم الهدوء بالمكان حتى وصلت إلى محطة الوصول بكل سلام؛ لانشغال الكل بالقراءة". هذا الحل العفوي جعل نايف يفكر في البدء بمشروع تطوعي ثقافي يكون الهدف منه نشر ثقافة القراءة بين أفراد المجتمع، وخصوصًا الشباب. يواصل حديثه: "قمت بإنشاء صفحة على موقع إنستجرام لطرح كتاب مقروء بين المتابعين، وقد كانت تلك النواة لفكرة تأسيس (بوك تشينو) الذي يمكن شرح اسمه بجملة بسيطة: (خذ كتابًا وتناول قهوتك)". بعد عامين من العمل في الفضاء الإلكتروني، تلقى نايف مطالبات عدة من الجمهور بإنشاء مكتبة حقيقية لشراء ونشر الكتب، وهو ما تحقق بالفعل في عام 2011. يقول: "تم افتتاح المكتبة بعمل تشاركي من بعض الأصدقاء الشغوفين بالقراءة، ليصل صداها إلى خارج مدينة الرياض ولله الحمد". بعد أكثر من سبع سنوات على الانطلاقة وتحقيق جماهيرية واسعة، ينظر نايف إلى الصعوبات التي واجهها ونجح في تجاوزها، ويتذكر قائلًا: "لم يكن لديَّ القدرة المالية لافتتاح المكتبة بسبب قلة الدعم المالي وعدم اقتناع بعض التجار بفكرة المكتبة بحجة أنه لا مردود منها يستحق العناء". ثمة عناصر عدة تميز (بوك تشينو) عن غيره، كما يرى نايف، الذي يوضح بالقول: "من أهم العناصر في نظري، إبراز محتوى الفكرة الأساسية لكل كتاب، وتقديم الدعم لكل قارئ مبتدئ، وتحديد مستوى الكتاب لكل قارئ، وتحويل القراءة إلى المتعة، وتقديم شروحات للكتب، بالإضافة إلى تقديم واستضافة المؤلفين في المكتبة، وإدخال التقنية في التواصل المباشر مع الزبائن عبر الشبكات الاجتماعية وتطبيق سناب شات بطرح كل جديد في عالم الكتب والنشر". وفي ختام حديثه، يؤكد نايف أن الكتاب خير جليس في هذا الزمان، مشيرًا إلى أنه كان يتمنى لو بدأ هذه الهواية من مرحلة مبكرة في صغره؛ حيث لا يزال يشعر بشيء من الندم على تأخره في دخول عالم القرّاء، غير أن ما نجح في تحقيقه تكفل بمنحه حالة من الرضا. يشار إلى أن فعالية "حكايا مسك" التي ينظمها مركز المبادرات في مؤسسة مسك الخيرية خلال الفترة من 7-11 أغسطس، قد وفرت باقة من البرامج الثقافية التي تمنح منصة للشباب والفتيات ممن يمتلكون مهارات إبداعية ومواهب فنية للتعريف بقدراتهم، كما أتاحت فرصة لعرض المشاريع الريادية الناجحة في مجالات ثقافية وفنية متعددة.
مشاركة :