باريس - يترقب العلماء من أربعة أجهزة على متن المسبار الأميركي “باركر” المتجه إلى جوار الشمس، أن تساعدهم في فهم بعض الألغاز والأسرار غير المتوقّعة. ويوازي حجم هذا المسبار المؤمل انطلاقه السبت حجم سيارة صغيرة، وهو يحمل أجهزة مخصصة لدراسة الغلاف الجوي للشمس ومراقبة سطحها من مسافة هي الأقرب إليها يبلغها جهاز من صنع البشر. وسيكون مزوّدا بدرع لحمايته وحماية الأجهزة من الحرارة الشديدة التي ستزداد استعارا مع الاقتراب من هذا النجم الملتهب. ولم يسبق أن التقطت كاميرا صورا للشمس من هذا القرب، حوالي ستة ملايين كيلومتر، علما أن الشمس تبعد عن الأرض 150 مليون كيلومتر. ولذا، يعلّق العلماء آمالهم على أن تزوّدهم الكاميرا بصور لم يسبق لها مثيل. وقالت وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” إن هذا المسبار سيجري “الزيارة الأولى للبشر إلى الشمس″، ولا يستبعد العلماء أن تسفر عمليات المراقبة عن أمور غير متوقّعة تماما، كما يقول ماريك ويدنبيك من مركز التحكم الفضائي “جت بروبلشن لاب” في الولايات المتحدة. وستتجه أنظار العلماء إلى هذه الأجهزة الأربعة التي سيعكف كلّ منها على دراسة أمر محدد. وأوكلت مهمة دراسة الحقل المغناطيسي والحقل الكهربائي للشمس إلى جهاز “فيلدز″، في محاولة لفهم السبب الذي يجعل هالة الشمس أشدّ حرارة من سطحها، بحسب ما يقول تييري دودوك أحد المسؤولين عن عمل هذا الجهاز، لوكالة الصحافة الفرنسية. وتمتد هالة الشمس، أي الطبقة الخارجية من غلافها الجوي، إلى مسافة ملايين الكيلومترات بعيدا عنها، وتصل فيها الحرارة إلى مليون درجة، علما أن حرارة السطح نفسه لا تزيد عن ستة آلاف درجة، وهو لغز يحيّر العلماء، إذ أنه من المعروف أن الابتعاد عن مصدر الحرارة ينبغي أن يترافق مع انحسار الدرجات لا ارتفاعها. ترقب أول صورة للشمس من مسافة قريبة نسبيا لم يسبق لها مثيلترقب أول صورة للشمس من مسافة قريبة نسبيا لم يسبق لها مثيل ومن الفرضيات المطروحة حتى الآن أن هذا الارتفاع في حرارة الهالة ليس بسبب الشمس نفسها، بل بتأثير من الموجات الكهرومغناطيسية. وستكون مهمة “فيلدز” التحقق من هذه الفرضية وغيرها. وأوكل العلماء إلى جهاز “سويب” مهمة تقصّي أسرار العواصف الشمسية، وهو الدفق المتواصل للجزيئات الإيونية التي تتحرك بسرعة تفوق الخمس مئة كيلومتر في الثانية. ويقول المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي إن “علماء الفيزياء يجهلون السبب الذي يجعل الشمس تنفث العواصف الشمسية، ويصيبها ما يشبه نوبات السعال القوية”. ومع مراقبة الإيونات والإلكترونات التي تشكّل الغلاف الجوّي للشمس والعواصف الشمسية، يأمل العلماء أن يتمكنّوا من تحديد السرعة والكثافة لهذه التدفقات العنيفة. ويساعد ذلك في جعل العلماء قادرين على التنبّؤ بالعواصف الشمسية التي تضرب الأرض، بحسب جاستن كاسبر الباحث في جامعة ميشيغن والمسؤول عن عمل هذا الجهاز. وتثير ظاهرة العواصف الشمسية اهتمام العلماء وقلقهم أيضا لأنها تؤثر أحيانا بشدّة على عمل الأجهزة التكنولوجية، ولا سيما الأقمار الاصطناعية وأجهزة الملاحة وشبكات التيار الكهربائي وغيرها. وسيركّز جهاز “إيسويس” على دراسة الإيونات الثقيلة، وهي الجزيئات التي تحمل قدرا كبيرا من الطاقة. ويقول تييري دودوك “إنها جزيئات مشحونة بقدر كبير من الطاقة، تتجه إلى الأرض بسرعات هائلة تقترب من سرعة الضوء، ويمكن أن تصل من الشمس إلى الأرض في ما بين نصف ساعة وساعة”. ويضيف “ينبغي أن نفهم هذه الجزيئات قبل إرسال رحلات إلى المريخ، لأنها يمكن أن تكون ذات آثار قاتلة”. ويعرف العلماء أن الجزيئات هذه تأتي من هالة الشمس، لكنهم لا يفهمون حتى الآن السبب الذي يجعلها تتسارع بهذا الشكل. أما جهاز “ويسبر” فهو آلة تصوير متقدّمة ستكون مهمتها مراقبة سطح الشمس. ويأمل العلماء في أن يلتقط “ويسبر” صورا من الانبعاثات في هالة الشمس، وحركة الجزيئات الإيونية وجزيئات المادة وكلّ أنواع التقلّبات.
مشاركة :