لفت الأنظار خبر مفاده أن الهيئة العامة للغذاء والدواء سعرت أحد الأدوية بما يضمن توفره في السوق المحلية بأسعار عادلة ومتاحة للمريض، داعية المرضى إلى الإبلاغ عن الأدوية التي تباع بالسعر القديم. وانخفض السعر من 42.90 ريالا إلى 25.60 ريالا (لاحظ معي هذا الانخفاض الهائل الذي يصل لـ 40%!). واستطرد الخبر مفيدا بأن الهيئة تعمل على تحديث الضوابط والإجراءات التي تنظم تسجيل وتسعير المستحضر الصيدلاني بما يحقق التوازن المطلوب لأسعار المستحضرات الصيدلانية في السوق السعودية، إذ يتم تسعير المستحضرات الصيدلانية حسب لوائح وقواعد تسعير الأدوية المعتمدة من قبل مجلس إدارة الهيئة. مؤكدة أن لجانا فنية تضم في عضوياتها مختصين من مختلف الجهات الحكومية تراجع أسعار المستحضرات الصيدلانية، في ضوء اللوائح والقواعد، تماشيا مع رؤية المملكة 2030، في تعزيز حماية الصحة العامة بتوفير الدواء الفعال والآمن وبالسعر المناسب. وأجدني أتحفظ كثيرا على أداء الهيئة، خاصة فيما يتعلق بأسعار الأدوية؛ فالتفاوت الرهيب في الأسعار يجعل المرء في حيرة من أمره، متسائلا عن الأسباب التي أدت إلى مضاعفة السعر إلى حد لا يمكن قبوله، فبعض الأسعار ربما تتضاعف أربع مرات لدينا وربما فاقت ذلك، في ظل انفلات السوق وعدم ضبطه. وفي المقابل أجدني متفائلا بتحركها مؤخرا وتخفيضها لبعض أسعار الأدوية، وأتمنى أن يشمل ذلك جميع الأدوية التي يحتاجها المرضى، خاصة المتعلقة بالأمراض المزمنة كالسكري والضغط والقلب والكبد وغيرها من الأمراض، وأن يمتد للأدوية التي لا غنى عنها والمتعلقة بالأمراض الموسمية كالرشح والزكام والكحة وغيرها. أما أدوية المضادات الحيوية فحدث ولا حرج، فالخيارات لدينا متعددة - وتفاوت الأسعار ظاهرة صحية في هذا الحقل - لكن حتى بعد هذا التفاوت تجد أن الأسعار أضعاف ما هي عليه في بلد المصدر، فالسعر مقبول إذا ما قورن بغيره، لكنه أضعاف سعره في بلده المنتج له! وهنا حقيقة عجيبة أن الأدوية المصنعة لدينا فشلت في منافسة غيرها من المستورد، ولا نعلم السبب! إن الأدوية يفترض أن ترضخ بالفعل لرقابة صارمة، فقد عانى المرضى - ولا يزالون - من الأسعار المبالغ فيها، حتى إن بعضهم ذكر بالحرف الواحد أن من أسباب مرضه هو ارتفاع سعر علاجه! ومطالبة منطقية لوزارة التجارة في أن تتدخل وتضع حدا لهذا الجشع في الصيدليات، خاصة فيما يتعلق بالمستحضرات غير الطبية والأجهزة وأدوات التجميل وغيرها، كحليب الأطفال والفوط الصحية وغيرها، فالتفاوت واضح بين الصيدليات، ووزارة التجارة يفترض أن تكون حاضرة وبقوة في المشهد، فالمواطن لا يعلم عن هذا التفاوت الكبير، وما يتداول أحيانا في برامج التواصل الاجتماعية وبرامج الجوال يثبت هذه الحقيقة المرة والواقع المؤسف، ويستدعي تدخل وزارة التجارة العاجل لوضع حد لهذه الفوضى. كما أناشدها أن تراقب ما يعرف بتاريخ الانتهاء، بحيث يتم التعامل مع الصيدلية مثل التعامل مع غيرها، ومصادرة ما يتم ضبطه من منتجات منتهية الصلاحية أو على وشك الانتهاء (فالدواء ليس كغيره). لا أفشي سرا إذا قلت إن المواطن يشعر بأن الصيدليات تعيش في منأى عن الرقابة، ولذا تفشت هذه الظاهرة (تفاوت الأسعار)، مع أن المفترض أن تكون تحت رقابة صارمة، فهي تتعامل مع أغلى ما يملكه المرء في حياته بعد دينه ألا وهي صحته، ولذا يجب ألا تكون مجالا للتلاعب بها مهما كانت الدواعي. وفي ختام المشهد فإن الكم الهائل من الصيدليات في مجتمعنا يشكل علامة استفهام عند المتأمل، إذا تجد صيدلية تتبعها صيدلية وبينهما صيدلية، في منظر يصعب تفسيره، وتواجد يستحيل تبريره! aalqash1@gmail.com
مشاركة :