بدأ النظام السوري التمهيد لمعركة إدلب، آخر معقل للمعارضة، بمجزرة نفذها طيرانه على ريف المحافظة وأدت إلى مقتل أكثر من 53 شخصاً، أكثر من نصفهم أطفال. وفيما كثفت إسرائيل عملياتها أرضاً وجواً، أعلن النظام تصدي دفاعاته الجوية ليل الجمعة- السبت لـ «هدف معاد» فوق ريف دمشق، وسط إشارات إلى وجود عناصر من «حزب الله» في المنطقة. وفيما كشف مصدر في السويداء أن النظام يحاور تنظيم «داعش» سراً لإطلاق المختطفين من المحافظة، أشار مصدر ديبلوماسي فرنسي إلى «موافقة» إسرائيل على ما يقوله الروس من أن بقاء الرئيس بشار الأسد يمثل أحد ضمانات خروج القوات الإيرانية كلياً من سورية، في وقت أعلن تمسك باريس بانتخابات رئاسية عام 2021. وتكثّفت الاتصالات السياسية بين أكثر من زعيم، إذ هاتف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الأميركي دونالد ترامب، فيما هاتف الرئيس التركي رجب أردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وكان ماكرون اتصل أول من أمس ببوتين وتناول مطولاً الوضع السوري. وقال مصدر ديبلوماسي فرنسي رفيع المستوى لـ «الحياة» إن اتصال ماكرون- بوتين يصب في إطار مسعى باريس لجمع الموفد الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا مع خبراء من مساري آستانة ومجموعة العمل المصغرة في جنيف في أيلول (سبتمبر) المقبل من أجل دفع حل المسار السياسي. وقال إن مبعوث الرئاسة الفرنسي الجديد لسورية السفير فرانسوا سينيمو يكون إلى جانب الرئيس في قصر الرئاسة ليقوم بجولات إلى البلاد المعنية بالأزمة السورية. وأوضح أن بلاده لم تغير موقفها منذ عام 2017 من أن رحيل الأسد لم يعد شرطاً مسبقاً للمفاوضات مع النظام، مشدداً على أن باريس تريد بوضوح مساراً سياسياً يرتكز إلى إنجاز الدستور والإعداد لانتخابات عام ٢٠٢١، أي بعد 3 سنوات لتجنب إعادة انتخاب الأسد. وتابع أن إسرائيل أبلغت باريس بأنها غير راضية عما قامت به روسيا من إقناع القوات الإيرانية بالتراجع نحو 80 كيلومتراً عن الحدود في هضبة الجولان، واعتبرت أن ذلك غير كاف، مطالبة بـ «خروج القوات الإيرانية من كل سورية». وقال المصدر الفرنسي: «أغرب ما في الأمر أن إسرائيل توافق على ما يقوله الروس لها من أن أحد ضمانات خروج القوات الإيرانية كلياً من سورية هو بقاء الأسد». ميدانياً، عاد الهدوء الحذر إلى محافظة إدلب السورية في الشمال السوري، بعد سلسلة من الغارات التي استهدفت جنوبها وريفها، وخلفت 53 قتيلاً، بينهم 28 طفلاً، فضلاً عن عشرات الجرحى. وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن إدلب قضت ساعات نهار أمس في البحث تحت الأنقاض عن أحياء وانتشال جثث الضحايا الذين قضوا نتيجة استهداف الطائرات الحربية والمروحية مدناً وبلدات عدة في ريف إدلب الجنوبي. وفي غرب دمشق قرب الحدود مع لبنان، تصدّت الدفاعات الجوية السورية ليل الجمعة- السبت لـ «هدف معاد». وأفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن اختراق الأجواء تم فوق منطقة دير العشائر في ريف دمشق، في وقت أشار المرصد السوري إلى وجود عناصر من «حزب الله» في المنطقة. على صعيد آخر، كشف مصدر قيادي في مجلس سورية الديموقراطية (مسد) أن وفداً جديداً من الإدارة الذاتية في الشمال السوري، سيزور دمشق في الأيام المقبلة. لكنه نفى في اتصال أجرته معه «الحياة»، أن تكون قوات سورية الديموقراطية (قسد) تنسق مع النظام في شأن معركة إدلب. وأوضح أن المحادثات لم تتجاوز الإطار العام، وأن أهم الخلافات تناولت «تعديلات في الدستور، وهي عملية تحتاج جسارة وقناعة وتوافقاً». وقال مستشار الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديموقراطي (بي دي دي) ديهانوك ديبو إن وفد الإدارة الذاتية الذي زار دمشق أخيراً، لمس خلافاً كبيراً مع المفاوضين، ما عطل «التوصل إلى اتفاق نهائي حول قضايا الإدارة المحلية». وأكد في اتصال أجرته معه «الحياة»، أن «لا ملامح واضحة للاتفاق لأن الوفدين على درجة كبيرة من الاختلاف». وأشار إلى أن «تشكيل لجنة مشتركة لدرس العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية وقانون الإدارة المحلية يأتي في إطار الترجمة العملية لنتائج زيارة وفد مسد لدمشق». وفي موضوع مخطوفي السويداء، أكد مصدر في المحافظة لـ «الحياة» أن «النظام أبلغ وجهاء المحافظة، عبر مسؤوليه، أنه يعمل على إطلاقهم... هناك محادثات سرية بين النظام والتنظيم (داعش) حول هذه القضية». ولم يستبعد أن «يكون النظام على علم بمكان وجودهم»، لافتاً إلى «تواصل العمليات العسكرية وتقدم قوات النظام باتجاه منطقة الصفا التي أشرفت عليها من ثلاثة محاور، وبدأت تمهيداً مدفعياً وجوياً على المنطقة التي يرجح أن عناصر التنظيم تحصنوا فيها، ما قد يشكل خطراً كبيراً على مصير المخطوفين في حال كانوا في قبضة داعش».
مشاركة :