تظاهر آلاف الفلسطينيين في «ميدان رابين» في تل أبيب ضد قانون القومية الإسرائيلي، بعد أسبوع من مظاهرة مماثلة قادها الدروز احتجاجا على القانون المثير للجدل في نفس المكان.والمظاهرة التي دعت إليها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، أقيمت تحت شعارات «فليسقط قانون القومية» و«نعم للمساواة». وطالب قادة الجماهير العربية بإلغاء القانون العنصري وإسقاط الحكومة القائمة عليه.وينص القانون الذي أقر الشهر الماضي على أن إسرائيل هي «الدولة القومية للشعب اليهودي»، وأن «حق تقرير المصير» فيها هو «حصري» لليهود، كما أنه مس بمكانة اللغة العربية. وأغضب القانون باقي الأقليات غير اليهودية في إسرائيل، وخلق جدلا واسعا داخل المجتمع اليهودي نفسه.وقال محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العربية إن الجمهور العربي متوحد ضد القانون وسيواصل العمل مع القوى الديمقراطية في إسرائيل، حتى إلغاء القانون وإسقاط الحكومة. وأضاف: «هذه الخطوة (المظاهرة) ستكون نقطة البداية، وليست نقطة نهاية الحملة ضد قانون القومية».وأثارت المظاهرة العربية، في وسط إسرائيل، اهتمام وسائل الإعلام العبرية التي وصفتها بمؤشر استفاقة للمجتمع العربي الذي تميز في السنوات الأخيرة، «بعدم الاهتمام بالهيئة التشريعية على وجه الخصوص، والنضالات العامة بشكل عام».وأوردت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن المجتمع العربي في الأسابيع الأخيرة، «بدأ يظهر مؤشرات إلى الاستفاقة ويمارس الضغط على قيادته السياسية والحزبية على خلفية المصادقة على قانون القومية الذي تحول إلى الموضوع الرئيسي للمناقشة على شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية».وخلال الأسبوعين الماضيين، تعرضت القيادة السياسية العربية المحلية لضغوط هائلة للعمل على المستوى الشعبي من أجل إسماع الصوت العربي على كل مستوى ممكن، وأدى هذا الضغط، أيضاً، إلى قرار غير معتاد، وهو عدم إجراء الاحتجاجات في البلدات العربية كما كان عليه الأمر قبل ذلك، وإنما الوصول إلى قلب إسرائيل (تل أبيب). وعبر منظمو المسيرة عن أملهم في أن تتحول إلى علامة فارقة في النضال الشعبي الطويل ضد القانون.وقال رئيس لجنة رؤساء السلطات المحلية العربية ورئيس بلدية سخنين مازن غنايم: «هذا واجبنا، لا يمكن تقبل مثل هذا القانون العنصري - بغض النظر عن وجهات النظر السياسية في المجتمع العربي». وأضاف: «تجندنا للنضال، سواء من خلال تقديم التماس إلى المحكمة العليا، أو تجنيد وسائل النقل إلى المظاهرة هو واجب أخلاقي».وجاءت المظاهرة العربية بعد أسبوع من مظاهرة درزية ضد القانون. وخلال المظاهرة التي شارك فيها عشرات الآلاف، قال الزعيم الروحي للدروز الشيخ موفق طريف: «ما من أحد يمكنه أن يعظنا عن الولاء، والمدافن العسكرية تشهد على ذلك. برغم إخلاصنا المطلق، لا ترانا الدولة متساوين». وأضاف «مثلما نناضل من أجل وجود الدولة وأمنها، فإننا عازمون على النضال سويا من أجل الهوية والحق في العيش فيها بمساواة وكرامة».وشكل غضب الدروز من القانون، أزمة للحكومة الإسرائيلية. وتراجع وزيران إسرائيليان في وقت سابق عن دعم قانون القومية اليهودي المثير للجدل مطالبين بتعديله بطريقة تجعله لا يمس بالأقليات في إسرائيل.وجاء تراجع الوزيرين بعد حملة قادتها الطائفة الدرزية ضد القانون. وقال وزير المالية موشيه كحلون بأنه يجب تعديل القانون معترفا بأنه «أقر بطريقة متهورة»، كما أقر وزير التعليم نفتالي بينت الذي كان من أشد مؤيدي القانون بأنه يمس بشكل كبير بأبناء الطائفة الدرزية، موضحاً: «هذا لم يكن ضمن نوايا الحكومة، لكن المسؤولية عن تصحيح ذلك ملقاة على عاتقها».وكانت الطائفة الدرزية بدأت حملة ضد القانون وشملت تقديم نواب الكنيست من الطائفة التماسات في المحكمة العليا ضد القانون، وشملت أيضا احتجاجات لهم من داخل الجيش.وفي محاولة لتهدئة الخلافات، التقى نتنياهو، بالرئيس الروحي للطائفة الدرزية موفق طريف وشخصيات اعتبارية أخرى من أبناء الطائفة، وحاول نتنياهو إعطاء الدروز امتيازات أخرى من دون أن يجري أي تعديل على القانون لكن طريف رفض الأمر.واقترح نتنياهو إقرار قانون جديد باسم الخدمة العسكرية يمنح بموجبه المُسرّحون من الخدمة الإلزامية امتيازات إضافيّة، من ضمنها «تسهيلات كبيرة» في شراء أراضٍ وشقق والحصول على مناصب في المراكز الحكوميّة.وشملت الحملة الواسعة ضد القانون كذلك سياسيين وأكاديميين ومفكرين ونشطاء يهودا.وبشكل استثنائي، قام رؤساء الكنيسة الكاثوليكية في إسرائيل الذين يمتنعون عادة عن التدخل في القضايا السياسية، بإصدار بيان يدين القانون، كما دعا المؤتمر الأرثوذكسي، وهو هيئة مسيحية علمانية تمثل الطائفة، إلى الانخراط الواسع في التحركات ضد القانون.
مشاركة :