بغداد - جاء إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن قرار بلاده الالتزام بتنفيذ العقوبات الأميركية المفروضة حديثا على إيران، ليضع طموحاته في الحصول على ولاية ثانية بمنصبه، في “مهب الريح”، فيما شرعت قوى عراقية صديقة لطهران في تسويق بديل، يتولى تشكيل الحكومة الجديدة. وفي محاولة لامتصاص غضب الجارة الشرقية الوصية على الشأن العراقي، يتوجه العبادي، الأربعاء، إلى طهران. وأعلن مسؤول سياسي عراقي أن العبادي سيزور الأسبوع المقبل كلا من طهران وأنقرة، الحليفتين الاقتصاديتين اللتين تتعرضان لعقوبات أميركية جديدة. وكان العبادي أعلن، الثلاثاء، أن العراق مضطر إلى التزام العقوبات الأميركية على إيران رغم عدم “تعاطفه” معها، مذكرا بأن بلاده عانت الحظر الدولي طوال 12 عاما. وقال في مؤتمره الصحافي الأسبوعي “لا نتعاطف مع العقوبات ولا نتفاعل معها لأنها خطأ استراتيجي لكننا نلتزم بها” مشيرا إلى أن “العقوبات ظالمة بشكل عام وقد أعلنت موقفي منها”. وعلمت “العرب” أن “إيران وجهت عبر قنوات غير رسمية، لوما شديدا للعبادي، لدى إعلانه التزام العراق بالعقوبات الأميركية”، متهمة إياه “بالسعي إلى إرضاء واشنطن، أملا في ولاية ثانية”. وقالت مصادر سياسية مطلعة في بغداد إن “أطرافا عراقية مقربة من إيران نقلت للعبادي انطباعات بالغة السوء في طهران، بسبب موقفه من العقوبات”. ووفقا للمصادر، فإن “الإيرانيين كانوا يعتقدون بأن العراق ربما يتجنب إعلان موقف من العقوبات الأميركية، بالرغم من معرفتهم المسبقة بأنه سيلتزم بها”. وتقول المصادر إن “العبادي رد على اللوم الإيراني مؤكدا للوسطاء أنه أعلن موقف العراق من العقوبات الأميركية بعدما تم رفض طلب استثنائه منها”، فيما أشار رئيس الوزراء إلى أن بلاده عادت وفاتحت الولايات المتحدة للحصول على استثناءات تتعلق ببعض قضايا التبادل التجاري بين العراق وإيران. وبالرغم من مساعي بغداد للحصول على استثناءات أميركية من العقوبات على إيران، إلا أن العراق بدأ فعليا الامتثال لمتطلبات هذه العقوبات. وعمم البنك المركزي العراقي، وهو أعلى سلطة نقدية في البلاد، أمرا على المؤسسات البنكية العراقية كافة، ينص على منع التعامل بالدولار الأميركي، مع نظيراتها الإيرانية. رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لم يعد لديه ما يراهن عليه للحصول على ولاية ثانية باستثناء الدعم الأميركي وبمجرد صدور هذا التعميم، توقفت عمليات تحويل الملايين من الدولارات الأميركية من مصارف العراق الحكومية والخاصة، التي كانت تتم بشكل يومي، تحت مختلف الذرائع، إلى نظيراتها الإيرانية. وتقول المصادر إن هذا الإجراء أغضب الإيرانيين بشدة، وعزز قناعتهم بأن “العبادي صار جزءا من المعسكر الأميركي في العراق”. ووفقا لمصادر وتقديرات شخصيات سياسية عراقية بارزة، فإن “إيران ستتخذ موقفا مشددا من ترشح العبادي لولاية ثانية”. وفيما يمكن أن يكون خطوة أولى للرد الإيراني على العبادي، تواصلت قوى سياسية عراقية مقربة من طهران، مع أطراف مختلفة “لاستمزاج رأيها، بشأن المرشحين لمنصب رئيس الوزراء الجديد”. وتقول مصادر مطلعة في بغداد إن “ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وتحالف الفتح بزعامة هادي العامري، باشرا التسويق لمرشح جديد لمنصب رئيس الوزراء”. وتؤكد المصادر أن طهران تدعم ترشيح طارق نجم، وهو قيادي في الصف الثاني من حزب الدعوة الإسلامية، شغل منصب مدير مكتب رئيس الوزراء في ولاية المالكي الأولى بين 2006 و2010. وتلقت قوى سياسية، سنية وكردية، اتصالات من شخصيات قيادية في دولة القانون والفتح، للسؤال عن إمكانية دعم ترشيح طارق نجم لمنصب رئيس الوزراء. وبالرغم من أن العبادي هو المرشح الوحيد فعليا لمنصب رئيس الوزراء، إلا أن حظوظه تراجعت كثيرا منذ إعلان نتائج الانتخابات العراقية العامة في مايو، حيث حل ثالثا بعد قائمة “سائرون” التي يدعمها رجل الدين مقتدى الصدر، وقائمة “الفتح” التي تدعمها إيران. ويقول مراقبون إن “العبادي لم يعد لديه ما يراهن عليه للحصول على ولاية ثانية باستثناء الدعم الأميركي”. وتضم الساحة السياسية الشيعية خمس قوى رئيسية، حققت الفوز خلال انتخابات مايو، هي على التوالي؛ سائرون، والفتح، والنصر، ودولة القانون، والحكمة بزعامة عمار الحكيم. وبينما فشل العبادي، حتى الآن، في بناء أي تحالف سياسي واضح لدخول البرلمان الجديد، أبرم الفتح ودولة القانون اتفاقا للعمل السياسي المشترك، فيما يؤكد الصدر والحكيم تطابق مواقفهما بشأن مفاوضات تشكيل الحكومة. ويقول مراقبون إن “الصدر ربما ألمح في رسالة طرحها على القوى السياسية مؤخرا، إلى إمكانية تفاهم الفتح ودولة القانون على مرشح جديد، مؤكدا استعداده الذهاب إلى خانة المعارضة”، بالرغم من فوز القائمة التي يرعاها بالمركز الأول في الانتخابات.
مشاركة :