بعد صيف ساخن استمتعنا خلاله بمنافسات كأس العالم 2018 بروسيا، انطلق الموسم الجديد للدوري الإنجليزي الممتاز مساء الجمعة الماضية بالمباراة التي فاز فيها مانشستر يونايتد على ليستر سيتي بهدفين مقابل هدف وحيد لنستمع مرة أخرى بمباريات الدوري الأقوى والأكثر إثارة في العالم.لكن هناك بعض الأسئلة التي يجب طرحها في هذا الصدد، فإذا كانت إنجلترا هي مهد كرة القدم، كما كان يتغنى الجمهور الإنجليزي في كأس العالم، فهل يُعقل أن المديرين الفنيين للأندية الستة الأولى في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي لم يكن من بينهم أي مدير فني إنجليزي؟ وهل لنا أن نتخيل أن الدوري الإنجليزي الممتاز، ونحن في النسخة السابعة والعشرين منه بشكله الجديد، لم يحصل عليه أي ناد بقيادة مدير فني إنجليزي؟ وهل يمكن أن نتخيل أن لاعبا إنجليزيا واحدا، وهو واين روني، هو الذي حصل على لقب أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز من قبل رابطة لاعبي كرة القدم المحترفين خلال الـ12 موسم الأخيرة؟ورغم أن أندية الدوري الإنجليزي الممتاز قد ظهرت 14 مرة كمشترين أو بائعين في أكبر 20 صفقة انتقال في العقد الأخير، فإن هذه الصفقات لم تضم أي لاعب إنجليزي! ومع انطلاق الموسم الجديد للدوري الإنجليزي الممتاز فإن ما يقرب من ثلثي الأندية ستكون تحت ملكية أجنبية، كما أنه لا يوجد سوى أربعة مديرين فنيين إنجليز فقط في المسابقة. وفي الحقيقة، لا يعد هذا وضعا صحيا أو جيدا بالنسبة لكرة القدم الإنجليزية، وبالتالي من الطبيعي أن يحذر النقاد من أن اللاعبين الإنجليز الشباب، مثل فيل فودين وريان بروستر، يجب أن يخوضوا عددا كافيا من المباريات حتى يكونوا جاهزين للمشاركة مع المنتخب الإنجليزي في كأس العالم القادمة. وعلاوة على ذلك، جاء تعاقد مانشستر سيتي مع النجم الجزائري رياض محرز ليقلل ربما من فرص مشاركة رحيم ستيرلينغ، وبالتالي عدم مشاركته في عدد كاف من المباريات لكي يكون جاهزا لكأس العالم القادمة!ومع ذلك، فإن المنافسة الشديدة بين الأندية هي التي تجعل الدوري الإنجليزي الممتاز قويا للغاية ويستحق المشاهدة. ودعونا نتفق على أن الدوري الإنجليزي الممتاز لا يُلعب لكي يسهل من مهمة المديرين الفنيين الإنجليز أو يضمن مشاركة المواهب الإنجليزية الصاعدة لكي تشق طريقها في اللعبة وتتألق بعد ذلك مع المنتخب الإنجليزي. وتنبع قوة وإثارة الدوري الإنجليزي الممتاز من عدم القدرة على توقع أي شيء. وعلاوة على ذلك، بات يُنظر إلى اللاعبين المعتزلين حديثا مثل ستيفن جيرارد وبول سكولز على أنهم من نوعية اللاعبين الذين عفا عليهم الزمن لأنهم قضوا مسيرتهم الرياضية بالكامل في ناد واحد.وعلاوة على ذلك، رحل المدير الفني الفرنسي أرسين فينغر عن نادي آرسنال بعد 22 عاما في القيادة الفنية للمدفعجية، وهو ما يعني أيضا أن فكرة بقاء أي مدير فني مع ناد واحد لعقدين من الزمان قد أصبحت جزءا من الماضي.لقد أصبح كل شيء في الدوري الإنجليزي الممتاز يتعلق بالوقت الحاضر. قد يكون الدوري الإنجليزي الممتاز قادرا على جذب أفضل المديرين الفنيين في العالم، وبعضهم بمبالغ فلكية، لكن المدير الفني لمانشستر يونايتد غوزيه مورينيو، على سبيل المثال، سوف يقال من منصبه لو استمر فريقه يلعب في ظل منافسه وجاره اللدود مانشستر سيتي ولم يحصل على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز. والأمر نفسه بات ينطبق على المدير الفني الألماني يورغن كلوب، الذي نجح في قيادة ليفربول للوصول للمباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، لكن بات يتعين عليه أن يتجاوز مرحلة إنهاء الدوري الإنجليزي الممتاز ضمن المراكز الأربعة الأولى فقط، خاصة أن النادي قد فتح خزائنه ودعم صفوفه بصفقات من العيار الثقيل وأضاف لاعبين أقوياء لخط وسطه وتعاقد مع حارس مرمى المنتخب البرازيلي مقابل 65 مليون جنيه إسترليني ليضيفه إلى أغلى مدافع في العالم أيضا وهو الهولندي فيرجيل فان ديك.وكان ليفربول هو الفريق الإنجليزي الوحيد الذي سبب كثيرا من المتاعب والمشكلات لمانشستر سيتي الموسم الماضي، ويبدو أنه عازم على المنافسة بقوة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز خلال الموسم الحالي. لكن فوز مانشستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي بمائة نقطة كاملة في إنجاز لم يتحقق من قبل في تاريخ كرة القدم الإنجليزية يعني صعوبة المهمة بكل تأكيد على كلوب ولاعبيه.وفي ظل وجود مديرين فنيين جديدين في آرسنال وتشيلسي - اللذين فشلا في التأهل لدوري أبطال أوروبا الموسم الماضي - لن يكون إنهاء الموسم الحالي ضمن المراكز الأربعة الأولى بالشيء السهل، على الرغم من أنه يمكن للمرء أن ينظر إلى الأمور بطريقة مختلفة ولا يحكم على أوناي إيمري أو ماوريسيو ساري بالفشل في حال عدم نجاحهما في قيادة آرسنال وتشيلسي إلى تحقيق نتائج أفضل في أول موسم لهما في الدوري الإنجليزي الممتاز.وهناك اختلاف واضح بين إيمري وساري، فقد صنع إيمري اسمه في عالم التدريب من خلال قيادة نادي إشبيلية الإسباني للفوز بلقب الدوري الأوروبي ثلاث مرات متتالية، لكنه لم يثبت حتى الآن أنه قادر على ترك البصمة نفسها مع فريق أكبر، في حين أن ساري لم يفز بأي بطولة من قبل، لكنه نجح في إعادة نادي نابولي للمنافسة بقوة على لقب الدوري الإيطالي الممتاز خلال ثلاث سنوات. ومن حيث إنهاء الموسم ضمن المراكز الأربعة الأولى في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، يبدو من شبه المؤكد أن أحدهما سيغيب عن المربع الذهبي.ودائما ما يتسم الدوري الإنجليزي الممتاز بالإثارة والمتعة بسبب لعبة «الكراسي الموسيقية» بين الأندية والمهارات الكبيرة من قبل أبرز اللاعبين في عالم الساحرة المستديرة. ولا يوجد أدنى شك في أن الفرق الستة الكبرى قد دعمت صفوفها بصورة كبيرة وملحوظة منذ المفاجأة المدوية التي حققها ليستر سيتي بفوزه بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز عام 2016، وبات هناك مؤشرات واضحة على أن الدخول ضمن صفوة الأندية الإنجليزية في المقدمة قد أصبح أكثر صعوبة من ذي قبل.وفي معظم الدوريات في جميع أنحاء العالم يكون هناك عدد محدود من الفرق التي تستطيع الفوز باللقب، لكن كرة القدم الإنجليزية محظوظة حقا لأن لديها أربعة أو خمسة أندية تنافس بقوة على اللقب كل موسم، على الرغم من أن هذا يعني أيضا أن غالبية الأندية الأخرى تلعب فقط من أجل البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز.ومع ذلك، لا يكون الصراع من أجل تجنب الهبوط مملا دائما وهناك بعض الأندية التي تصارع من أجل البقاء لكنها تلعب كرة قدم جميلة وأنيقة مثل نادي بيرنلي الذي نجح في نهاية المطاف في التأهل للمشاركة في بطولة الدوري الأوروبي. وقد بدأ بيرنلي، بقيادة شون دايش، الموسم الماضي بالفوز على حامل اللقب تشيلسي على ملعب «ستامفورد بريدج» وواصل تحقيق النتائج الإيجابية حتى احتل المركز السابع في جدول الترتيب.وكانت الأندية الستة الأولى في جدول الترتيب يقودها مديرون فنيون أجانب، ثم جاء بعد ذلك دايش أول مدير في الدوري الإنجليزي في المركز السابع مع بيرنلي. وفي الحقيقة، هناك شيء يبعث على الارتياح الكبير حول أداء بيرنلي الجيد في الدوري الإنجليزي الممتاز، ويتعين على المرء أن يقوم فقط بزيارة إلى ملعب «تيرف مور» لكي يدرك أن الأموال لا تعني كل شيء في عالم كرة القدم.والآن، عاد نادي وولفرهامبتون واندررز، وهو أحد الأندية العملاقة والعريقة في تاريخ كرة القدم الإنجليزية، إلى اللعب مع الكبار مرة أخرى بعدما قدم أداء مميزا وفاز بلقب دوري الدرجة الأولى بفارق كبير عن أقرب منافسيه. ومن المؤكد أن وولفرهامبتون واندررز، بقيادة المدير الفني البرتغالي نونو إسبيريتو سانتو، لن يجد نفسه في نزهة في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن بطولة دوري الدرجة الأولى في إنجلترا معروفة على المستوى العالمي بأنها اختبار صعب لأي فريق، ولذا فإن النادي الذي يفوز بها بفارق تسع نقاط كاملة عن أقرب منافسيه يستحق الاحترام والتقدير.ومن الممكن أن نرى وولفرهامبتون واندررز ينافس على احتلال أحد المراكز المؤهلة للبطولات الأوروبية ومن الممكن أيضا أن نراه يكافح من أجل عدم الهبوط لدوري الدرجة الأولى مرة أخرى. وعلى الرغم من عدم المساواة بين الأندية وبعض المشكلات الأخرى، يبقى الدوري الإنجليزي الممتاز هو الأقوى والأكثر متعة في العالم نتيجة عدم القدرة على التنبؤ بما سيحدث به.
مشاركة :