أطلق بيت الشعر التابع لجمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية، “جائزة عوشة بنت خليفة السويدي للشعر الشعبي” تخليداً لذكرى الشاعرة الراحلة المعروفة بـ “فتاة العرب” وتكريماً لإرثها الشعري؛ وتمنح الجائزة كل عام لإحدى الشخصيات التي أثرَت وطوّرت الشعر الشعبي في دولة الإمارات والوطن العربي عموماً. جاء ذلك، خلال الأمسية التأبينية للشاعرة الراحلة عوشة السويدي، التي نظمها “بيت الشعر” في مقر غرفة تجارة وصناعة الفجيرة، بحضور سعادة خليفة خميس مطر الكعبي رئيس مجلس إدارة الغرفة، وسعادة محمد علي الملا نائب رئيس جمعية الفجيرة الخيرية، وسعادة الدكتور حامد بن محمد خليفة السويدي مؤسس ورئيس معهد أبوظبي للفنون حفيد شقيق الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي وفاخرة بن داغر المنسق العام لمهرجان قيّظ في الفجيرة وجمع غفير من المسؤولين وممثلي وسائل الإعلام ومحبي الشعر والثقافة. وشارك في الأمسية، التي قدمتها الشاعرة سليمة المزروعي مديرة بيت الشعر في الفجيرة، كل من: خبيرة التراث الشعبي فاطمة المغني، والباحث الدكتور مصطفى الهبرة، ورئيسة منتدى شاعرات الإمارات الشاعرة مريم النقبي، والمستشارة آمنة الظنحاني، والشاعرة صوغة. وأكدت سليمة المزروعي في مستهل الأمسية، أن “فتاة العرب” لها إرث ثقافي وشعبي زاخر، كان نتاج تربيتها في بيت علم ودين، ومعاصرتها لأهم الشعراء والشخصيات الإماراتية، فقد عاصرت المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والتقت صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وبعد رحيلها، أثارت عوشة حالة من الحزن الشديد في قلب كل من عاصرها ومن أثرت فيه. وأضافت المزروعي: إن الشاعرة عوشة أسست للأدب الإماراتي، فأصبحت مرجعاً للشاعرات الإماراتيات، ومهما قلنا عن أثرها لن تفيها كلمات الرثاء والتأبين، فعوشة من القامات الكبيرة في الأدب والثقافة الاماراتية التي أثرت في ذلك الوقت، وستظل تؤثر في الأجيال القادمة، بمفردتها والقضايا الشعرية التي طرحتها وناقشتها في قصائدها”. وخلال الأمسية، تناولت الشاعرة صوغة مقتطفات شعرية من كتابات الشاعرة الراحلة عوشة السويدي، منها قصيدتي “سلامٍ رضايف والشموت يموت”، و”يا فهيم في تعابيره” وغيرهما. بدوره، أوضح سعادة خليفة مطر الكعبي أن “فتاة العرب” علم من أعلام دولة الإمارات المشهود لها بالإنجاز والعطاء والتميز، وهذا ما أعطى ابنة الإمارات الثقة في نفسها فتبوأت مراكز عليا في السفارات والوزارات، بفضل الثقافة التي غرسها فينا أباؤنا الذين ورّثونا المسؤولية والآن يتوارثها أبناؤنا، والمرأة اليوم بفضل إنجازاتها أصبحت مثالاً يحتذى به، ويُضرب بها المثل في كل بقاع الأرض، فرحم الله فتاة العرب التي سيظل أثرها فينا متجسداً. ومن جهته، قال سعادة الدكتور حامد السويدي: “الوالدة عوشة أُمُّنا جميعاً، لقد تركت فينا قيم النبل والعطاء والوفاء لهذا الوطن وقيادته الرشيدة، فهي شاعرة بانتمائها لوطنها، وعروبتها، وهي الوفية الكريمة الشاعرة الملهمة، تربت وسط أسرة متواضعة، محبة للخير يرحمها الله”. وأشارت الباحثة فاطمة المغني، إلى أن المرحومة عوشة إحدى الشخصيات المؤثرة في مسيرة حياة المرأة الإماراتية، فهي كريمة ودودة وخدومة ترحب بالقريب والبعيد، صاحبة الكلمة الطيبة، كلماتها لامست قلوب النساء والرجال جميعاً، تقبلها المجتمع لأنها كانت تعي العادات والتقاليد ولا تتجاوزها سنظل، وسنظل نتذكر عوشة للأبد، ونترحم عليها وعلى والدها أحد رجال الدولة العِظام الذين رسموا حدود هذا الوطن، وغرس في “فتاة العرب” قيماً نبيلة أصيلة”. وقال الدكتور مصطفى الهبرة: “نحن اليوم نحتفي بتأبين امرأة عظيمة تميزت بشعرها وفكرها ونهجها الوطني العربي، ترعرعت في بيت عربي إسلامي بفكر عريق، وقد حرصت رحمها الله على أن تتعمق في قراءة الشعر للعديد من الشعراء المخضرمين، وقرأت الشعر العربي الفصيح والنبطي.. ذلك أن “فتاة العرب” لها تاريخ يزخر بالإنجازات في مجال الشعر النبطي، الذي ستظل تتوارثه الأجيال عبر الزمن”. وأكدت الشاعرة مريم النقبي، بأن الشاعرة الراحلة لها أثر كبير في نفوس شاعرات الإمارات، حيث تركت أثرها في كل جيل، وأنها رمز وقاعدة انطلقت منها حركة الشعر لدى نساء الإمارات، مضيفة: “نهِلنا من عوشة لأجيال طويلة، وفي فترة لم يكن الإعلام فيها حاضراً، ولا التقبل المجتمعي لخوض المرأة هذا المجال، مهدت عوشة السبل للشاعرة الإماراتية لتنطلق، فنرجو أن نكون خير خلف لخير سلف”. من جهتها، أوضحت آمنة الظنحاني أنن وفاة عوشة السويدي أثار ضجة كبيرة في المجتمع، فهي مثل يحتذى به لابنة الإمارات، فقد استطاعت أن تجعل لها ذِكراً طيباً بين الناس، فهي مثال في الإصرار والتمسك بالعادات والتقاليد والعزم والعطاء والتواضع، وحب الخير بمواقفها التي لا تعد ولا تحصى”. بدورها، لفتت فاخرة بن داغر إلى إننا لا نستطيع أن نوفي الشاعرة العظيمة عوشة حقها، فهي قريبة من الجميع، أبيات شعرها لها معانٍ تعبر عن المحبة والعاطفة والتسامح والعطاء، ورسائلها عبر قصائدها تصل لقلوبنا، وقد جسدت عوشة قوة وعزيمة المرأة الإماراتية منذ الأزل، فالمرأة الإماراتية استطاعت أن تثبت نفسها وقدراتها برغم التحديات، فكانت عوشة مثال لهذا التحدي والتميز”. وفي ختام الأمسية، كرمت جمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية، الدكتور حامد السويدي، بدرع بيت الشعر، عرفاناً بحضوره ومشاركته في ليلة التأبين.
مشاركة :