ابن الديرة مسلسل الموت على الطرقات، متتابع، وكلّما توقعنا الحلقة الأخيرة منه، يظهر جزء جديد، ولا يكاد يعطينا فرصة لنتنفس الصعداء، ونشعر بالاطمئنان والهدوء.فهواة السرعة في القيادة، أو التلوّي والانعطافات المفاجئة، وعدم ترك مسافة أمان، والإصرار على التجاوز الخطر، وإزعاج سائق السيارة الأمامية بإضاءة المصباح العالي، أو البوق المتواصل، لإجباره على فسح المجال، حتى لو لم يكن لديه أي إمكانية، هؤلاء «الهواة» المغامرون المتهوّرون، كثر، ولا يبالون بقوانين أو أنظمة، أو إشارات محددة للسرعات أو تحذيرية، وكأنهم يمشون وحدهم، أو كأن الطرق ملك ورثوه عن آبائهم.بعد الدراسات المتأنية والعميقة، والمقارنات المعيارية الدقيقة لمؤشرات الحوادث المرورية، والخصائص الهندسية، وكثافة الحركة المرورية على الطرق، التي أجراها فريق متخصص من القيادة العامة لشرطة أبوظبي، ودائرة النقل، ودائرة التخطيط العمراني والبلديات، حللت الحوادث المرورية بمراعاة الخصائص الهندسية للطرق المختلفة والأحجام المرورية على تلك الطرق، قررت إلغاء هامش السرعة على الطرق في الإمارة، وتعديل السرعات المعمول بها حالياً، وتوحيد سرعة ضبط الرادار، مع سرعة اللوحات المرورية على الطرق، وبدأ تنفيذه 12 أغسطس الجاري.الخطوة جريئة وموفقة، وتأتي في وقت الحاجة إليها، والمرتجى والمأمول، أن تسهم بشكل كبير، في وقف هذا المسلسل المحزن الذي يذهب بشباب في أعمار غضّة يانعة، ينتظر منهم مستقبل زاهٍ حافلٌ بالعطاء والإنجاز، لأن تطبيق هذا القرار في بلدان أخرى، أعطى نتائج جيدة، بتقليل نسبة الحوادث، وتقليل عدد الأرواح التي تزهق على الطرقات، أو بين حديد المركبات.المنتظر والمأمول الآن، أن تحذو بقية الإمارات، حذو قرار أبوظبي، فالمركب واحد، والخوف على أبنائنا يشمل الجميع، فأي ذرة تراب في هذا الوطن، غالية وثمينة، فما بالنا بأزهارنا وزهراتنا الذين هم الأغلى والأثمن، والحرص عليهم في كل المناطق والأماكن، واحد، والمستقبل المرجوّ من الجميع في كل أنحاء الوطن، واحد أيضاً. يحلو لبعض قصيري النظر، أن يحللوا وينظّروا ويتخيّلوا، ويتوهّموا، أن القرار، هدفه، توقيع المزيد من المخالفات، لتحصيل أموال إضافية؛ أقول هذا هراء، ووهم، فلا أحد يجبرك أيّها السائق، على التجاوز، ولا أحد يتصيّدك، إذا كنت ملتزماً بالقوانين والأنظمة، وكما أن هناك مخالفات وغرامات، تطال المتهوّرين، فإن جوائز ومكافآت، تنتظر الملتزمين، الذين تخلو صفحاتهم من العبث والاستهتار، والأمثلة كثيرة. نتمنّى على جميع أبناء وطننا، وبخاصة شبابنا، أن يغتنموا هذه الفرصة، ويتمثّلوها جيداً، فالهدف منها الحفاظ عليهم وإعدادهم لمستقبل مزهر مشرق، والإسهام في نشر السعادة في هذا الوطن المعطاء. ebnaldeera@gmail.com
مشاركة :