محميّات مصر الطبيعية بوابة الاستثمار في التنمية

  • 12/22/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تمثّل المحميّات الطبيعيّة 20 في المئة من مساحة مصر، ويقطنها قرابة مليون نسمة من إجمالي السكان البالغ قرابة 90 مليون نسمة. وتضمّ المحميّات أفضل نماذج الثروات الطبيعيّة، كما تحقّق عائداً يقدر بما يزيد على 15 بليون دولار سنوياً، باعتبارها مقصداً سياحياً. وكذلك تحتوي جنباتها على تنوّع بيولوجي وجيني لا يقدر بثمن، ما يجعلها كياناً استثمارياً يساهم بفاعليّة في التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة، ضمن مفهوم التنمية المُستدامَة. يؤكّد تلك الأبعاد الدكتور مصطفى فودة، مستشار التنوّع البيولوجي في «جهاز شؤون البيئة» في مصر، ضمن كِتابه «محميّاتنا الطبيعيّة»، الصادر حديثاً ضمن سلسلة «الثقافة العلمية» عن «الهيئة المصريّة العامة لقصور الثقافة». ووفقاً للقانون المصري، توصف المحميّة الطبيعيّة بأنها مساحة من الأرض أو المياه الساحليّة أو الداخليّة، تتميز بما تحتويه من كائنات حيّة (نبات، حيوانات، أسماك...)، أو ظواهر طبيعيّة لها قيمة علميّة وسياحيّة وجماليّة. لذا، يحظر القانون القيام بأعمال ونشاطات وإجراءات من شأنها تدمير البيئة الطبيعيّة وإتلافها وتدهورها، أو الإضرار بالحياة البريّة والبحريّة والنباتيّة، والمساس بمستواها الجمالي. ووفق الكِتاب، تضمّ مصر 30 محميّة، أشهرها: «رأس محمد» و «سانت كاترين» (جنوب سيناء)، و «قارون» و «وادي الريان» (الفيوم)، و «الجلف الكبير» و «الصحراء البيضاء» (الوادي الجديد)، و «الواحات البحريّة» (الجيزة)، و «وادي دجلة» (المعادي - جنوب القاهرة). ويعيش البدو في صحارى مصر، خصوصاً في نطاق المحميّات الطبيعيّة، وهم يعملون في الزراعة والصيد والرعي، ولهم عادات وقوانين عرفيّة، ولغات خاصة. ويمتلك البدو معارف تقليديّة تقدم خبرات أجيال سابقة في طُرُق تكيّف البشر مع البيئة، كما تعطي حلولاً عمليّة للمشاكل التي تواجه الانسان في تعاملاته مع البيئة. ووفق الكِتاب عينه، يعتبر البشر جزءاً من التراث الطبيعي، لذا تتوافر المهارة اليدويّة التقليديّة لدى المجموعات الدائمة الاتصال بالطبيعة، إذ استطاع الانسان ان يسخّر ثروات الطبيعة لتلبية حاجاته. وكذلك يرتبط التراث الثقافي بالطبيعي بشكل عضوي، ما يعني أن فقدان التنوّع البيولوجي يسير بالتوازي مع «نظيره» في التراث الثقافي لدى الشعوب. منذ معارف الصخور يعتقد فودة أن المحميّات الطبيعيّة ساهمت في حماية التراث الثقافي والمناظر الطبيعيّة الخلابة والمعارف التقليدية، كما شجّعت مشاركة المجتمعات المحليّة في الحفاظ على ثقافتها التي تعبّر عن النُظُم البيئية المتمثّلة في المحميّات، إذ تضمّ الأخيرة رسوماً من مراحل ما قبل التاريخ، كما في محميّات «الجلف الكبير» و «وادي الجمال» و «وادي علبة»، والآثار الفرعونيّة والرومانيّة في محميّات قارون وسيوه والزرانيق و «وادي الجمال»، والآثار المسيحية في محميّة «سانت كاترين»، والإسلامية في محميّة الزرانيق. كما يتمثل التنوّع الثقافي في المجتمعات المحلية (قبائل العبابدة والبشارية والبدو) الذي يتجسد في اللغات والرقص واللهجات المحلية والأشغال اليدوية والفولكلور والأدوات التقليدية وغيرها. ولا يخفي فودة أن أول المعوقات التي تواجه المحميّات هو عدم تفهم السكان المحليين والسلطات المحليّة للفوائد التي تعود عليهم من إنشاء المحميّات. ويذكّر فودة بأن تاريخ صون التنوّع البيولوجي وإنشاء المحميّات الطبيعيّة لا يعود كما يدعي الغرب إلى نهاية القرن التاسع عشر حين أُنشئت محميّة «الصخرة الصفراء»، بل إنه ممتد منذ عصور ما قبل التاريخ، قبل ما يزيد على عشرة آلاف عام، حين كانت المعارف تنقش على الصخور. ولتسهيل عملية التوثيق، يقترح المؤلف تقسيم ذلك التاريخ إلى 5 مراحل وهي: - نقوش ما قبل التاريخ - الحضارة المصريّة القديمة - الحضارة القبطيّة والإسلاميّة - عصر محمد علي باشا وأولاده («مصر الحديثة») - منتصف القرن العشرين وما بعده. ويختتم فودة كتابه بالإشارة إلى أن التنوّع البيولوجي يعتبر مُصطلحاً حديثاً نسبياً، صيغ كي يكون إطاراً عاماً لصورة تضمّ أنواع الكائنات الحية، من النبات والحيوان وحتى الكائنات الدقيقة الموجودة في نُظُم بيئيّة مختلفة، ما يعني أن التنوّع البيولوجي مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى البشر كلّهم.

مشاركة :