جدد وزير البترول والثروة المعدنية السعودي المهندس علي النعيمي تأكيداته على أن تقلبات السوق لن تؤثر على بشكل ملحوظ وكبير على اقتصاد المملكة، واقتصادات غالبية الدول العربية، حيث إن بلاده لديها اقتصاد كبير، ذو أنشطة متعددة، ومشاريع تنموية عملاقة مستمرة، وعملة قوية مستقرة، وسمعة وعلاقات اقتصادية دولية متميزة، واحتياطيات نقدية عالية، وإدارة حكومية فعالة، واحتياطيات بترولية وفيرة، وصناعة بترولية تعد واحدة من أفضل الصناعات في العالم، وطاقة إنتاجية بترولية فائضة، ومقدرة متميزة في التعامل مع التطورات البترولية كافة. وقال النعيمي أمس من العاصمة أبوظبي: «إنني متفائل بمستقبل المنطقة، لما تزخر به من موارد طبيعية وبشرية متعلمة ومدربة علميا وتقنيا، ومتأكد أن السوق البترولية ستتعافى من جديد، مع تحسن الاقتصاد العالمي، وتحسن الأسعار». وبيّن أن عدم تعاون منتجي النفط المستقلين خارج «أوبك» وتصرفات المضاربين في السوق وراء هبوط أسعار النفط، مشيرا إلى ثقته من أن السوق ستتحسن، ومستبعدا في كلمة أمام مؤتمر «أوابك» في أبوظبي أن يكون للسياسة دور في السياسة النفطية للمملكة، وقال إن عدم تعاون منتجي النفط المستقلين خارج «أوبك» وتصرفات المضاربين في السوق وراء هبوط أسعار النفط، ولكنه واثق من أن السوق ستتحسن، وزاد: «إن السعودية وغيرها من الدول سعت لإعادة التوازن للسوق ولكن عدم تعاون المنتجين المستقلين ونشر معلومات مضللة والمضاربة أدى إلى استمرار الاتجاه النزولي للأسعار». وكان النعيمي يتحدث خلال افتتاح مؤتمر الطاقة العربي الذي انطلقت أعماله يوم أمس في العاصمة أبوظبي تحت رعاية الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، تحت شعار «الطاقة والتعاون العربي». وأوضح الوزير السعودي أن الحديث عن وجود مؤامرة سعودية لأهداف سياسية لا أساس له من الصحة وينم عن عدم دراية، مؤكدا أن السياسة النفطية التي تنتهجها السعودية تستند إلى أسس اقتصادية خالصة لا أكثر ولا أقل. وقال: «انتشرت في الآونة الأخيرة تحليلات ومقالات عن مؤامرة من قبل السعودية، لأهداف سياسية، باستخدام البترول وأسعاره ضد هذه الدولة أو تلك، أو ضد هذا النوع من الزيت أو ذاك»، وتابع أن «الحديث عن مؤامرات مزعومة من قبل المملكة هو قول لا أساس له من الصحة إطلاقا، ويدل على سوء فهم، أو مقاصد مغرضة، أو تخيلات مشوشة في عقول قائليها». وشدد على أهمية التعاون العربي، وتنسيق السياسات البترولية إقليميا ودوليا، والعمل معا، لمواجهة التطورات والتحديات المختلفة، كما أنه يتوجب الاهتمام بتنمية صناعات الطاقة محليا، والتركيز على العنصر البشري المتدرب والمتعلم، وذي الكفاءة والمهارة العالية، والتركيز على الجوانب العلمية والتقنية مع الاستغلال الأمثل للميزة النسبية التي تمتلكها المنطقة والمتمثلة في توفر الطاقة والطاقات الشابة. وأكد أن عام 2014 شهد تطورات مهمة في الاقتصاد العالمي وفي الأسواق البترولية، وبدأ العام بتفاؤل كبير بوضع الاقتصاد العالمي، ونمو الطلب على البترول، حيث قدر نمو الاقتصاد العالمي بنحو 3.7 في المائة، ونمو الطلب على البترول بنحو 1.2 مليون برميل يوميا، وفي الربع الثالث من العام اتضح أن هذا التفاؤل أعلى من الواقع، حيث لم يتجاوز نمو الاقتصاد العالمي 3 في المائة، مع استمرار المشكلات الاقتصادية في بعض الدول الرئيسية مثل أوروبا، واليابان، وروسيا، وانخفاض النمو عما كان متوقعا في الكثير من الدول الناشئة كالصين والهند والبرازيل. وأشار إلى أنه بالنسبة إلى البترول فقد انخفضت توقعات زيادة الطلب إلى 700 ألف برميل يوميا، وحدث هذا الانخفاض نتيجة لتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، في وقت يزداد فيه إنتاج البترول من عدة مصادر، مثل الزيت الصخري، والزيت الرملي، والمياه العميقة جدا (ما بعد طبقة الملح البحرية)، وأغلبها مناطق ذات تكلفة عالية، مؤكدا أن الأسعار المرتفعة خلال السنوات الثلاث الماضية، والتطورات التكنولوجية، أسهمت في توسع إنتاجها. ولفت إلى أنه نتيجة لهذه العوامل انخفضت أسعار البترول بشكل حاد، ومتسارع، وسعت السعودية ودول «أوبك» إلى إعادة التوازن إلى السوق، إلا أن عدم تعاون الدول المنتجة الرئيسية خارج «أوبك»، مع انتشار المعلومات المضللة، وجشع المضاربين، أسهم في استمرار انخفاض الأسعار. وتوقع ألا تستمر المناطق ذات التكلفة العالية في زيادة الإنتاج، كما سيدرك المنتجون خارج «أوبك» أن في صالحهم التعاون لضمان أسعار عادلة للجميع، والأسعار الحالية غير محفزة على المدى البعيد للاستثمار في مجال الطاقة بمختلف أنواعها. وأشار الوزير النعيمي إلى 3 محاور رئيسية تمثل الأبعاد الرئيسية للسياسة البترولية للدول العربية المنتجة والمصدرة للبترول، وقال: «أولا، المستوى العالمي، فعلى الدول العربية المنتجة للبترول الاستمرار في دورها الإيجابي نحو استقرار السوق، وتعزيز التعاون الدولي في هذا الشأن، وندرك أن الوقود الأحفوري، ومن أهم مصادره البترول، سيستمر في القيام بدور رئيسي كمصدر للطاقة، ولعدة عقود قادمة. ومن جانب آخر ومن منطلقات بيئية فإن علينا أن نعمل لجعل البترول صديقا للبيئة من خلال التقنيات المتقدمة، وعلينا أن يكون حضورنا ومشاركتنا الدولية قوية، وأن نستمر في تنسيق المواقف فيما بيننا بشكل إيجابي وعلمي في القضايا التي تهم البترول والبيئة». وأضاف: «ثانيا، على المستوى الإقليمي، تواجه الدول العربية تحديات وقضايا متشابهة في الصناعة والسياسة البترولية، وفي مجالات الطاقة بشكل عام، وهذا يعني ضرورة تعاونها، وأكد أنه لا بد أن نسعى إلى تشجيع وتسهيل المشاريع والاستثمارات المشتركة التي يقوم بها القطاع الخاص، وأن نسعى إلى تطوير التعاون في التعليم الفني والدراسات والأبحاث في صناعة الطاقة وتبادل الخبرات في هذا المجال، وأن نتذكر دائما أن العنصر البشري المتعلم والمتدرب هو من أهم ما نملك، ولذا يجب أن يعد واحدا من أكبر اهتماماتنا». وبيّن أن ثالث تلك الأبعاد ينظر إليه على المستوى المحلي، حيث يختلف الأمر من دولة إلى أخرى، وقال: «إلا أن لدينا جميعا مسؤولية خاصة تجاه شعوبنا، وإن القطاع البترولي يعد محورا رئيسيا في الاقتصاد السعودي لما يزيد على 80 عاما، ولا يزال يشكل الحصة الكبرى من الناتج المحلي الإجمالي، ومن صادرات المملكة، ومن الإيرادات الحكومية». وأوضح أن الدول العربية لها أهمية عالمية كبرى، نظرا لما تمتلكه من احتياطيات البترول والغاز، وتشكل احتياطياتها من البترول 56 في المائة، ومن الغاز الطبيعي 28 في المائة من إجمالي الاحتياطي العالمي، مع احتمالات عالية جدا بوجود احتياطيات من البترول والغاز لم تكتشف، وهذا يعني أن هذه المنطقة ستظل تحظى بأهمية خاصة في صناعة وتجارة البترول والغاز العالمية، ولعدة عقود قادمة. وأشار إلى أن السعودية استطاعت المحافظة على مركزها الريادي في الصناعة البترولية كأكبر مصدر للبترول في العالم، وباحتياطيات تصل إلى نحو 265 مليار برميل من إجمالي الاحتياطيات العالمية، كما طورت قدرتها الإنتاجية والتصديرية، واستمرت في تطوير احتياطياتها من الغاز الطبيعي لتصل إلى نحو 300 تريليون قدم مكعب، أما في جانب التكرير فسترتفع الطاقة التكريرية لدى السعودية بشكل تدريجي من 2.1 مليون برميل يوميا عام 2014 إلى 3.3 مليون برميل في عام 2017. وأكد أن السعودية تسعى لأن تكون مركزا عالميا رئيسيا في مجال الأبحاث ودراسات الطاقة، من خلال الجامعات ومراكز البحوث المتخصصة، التي تقدم الدراسات العليا والأبحاث العلمية، وترتبط مع المؤسسات المماثلة حول العالم، وتعد جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية إحدى أكثر جامعات العالم تقدما في مجال الأبحاث العلمية والاختراعات، وتشمل اهتماماتها مجالات الطاقة، كما يعد مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية خطوة مهمة بهذا الصدد، وتعد جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وعلى مدى أكثر من نصف قرن، علامة بارزة لإعداد وتطوير الخبرات المؤهلة والقيادية في مجالات البترول والاقتصاد. من جهته قال سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي إنه على الرغم من التحديات كافة، التي تواجه الأسواق البترولية، فإن بلاده لديها الثقة الكاملة في أن قرار منظمة أوبك الأخير الذي يهدف إلى إعطاء السوق فترة للاتزان كان صائبا واستراتيجيا ومفيدا للاقتصاد العالمي، وقال: «نعتقد أن المنتجين الآخرين سيقومون بضبط مساهماتهم المستقبلية في السوق لتحقيق ذلك التوازن الذي نأمل أن نصل إليه قريبا ومن ثم ستستعيد السوق نموها تدريجيا خلال السنوات المقبلة وبالتالي يتحسن أداء الأسواق كافة إلى الأفضل». وقال إن هدف المنظمة الرئيسي هو تعاون الأعضاء في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي في صناعة البترول وتحقيق أوثق العلاقات فيما بينها في هذا المجال بجانب توحيد الجهود لتأمين وصول البترول إلى أسواق استهلاكه بشروط عادلة ومعقولة وتوفير الظروف الملائمة لرأس المال والخبرة للمستثمرين في صناعة البترول في الدول الأعضاء، والذي تمخض عنه تأسيس مجموعة من الشركات العربية معنية بالعمل في أنشطة مختلفة متعلقة بقطاع النفط في وطننا العربي. وأضاف أنه من هذا المنطلق يأتي مؤتمر الطاقة العربي العاشر هذا العام تحت شعار «الطاقة والتعاون العربي» ويكون المؤتمر بذلك قد مر عليه 35 عاما منذ انعقاده للمرة الأولى في أبوظبي في عام 1979. من جهته بدا وزير الطاقة القطري محمد السادة متفائلا، إذ اعتبر أن أسعار النفط تمر في مرحلة تصحيح مؤقت، محذرا من أن الأسعار المنخفضة الحالية قد تضعف الاستثمار في تعزيز القدرة الإنتاجية لملاقاة الطلب في المستقبل، ومشددا على أن «الطلب المتزايد على الطاقة يتطلب استثمارات هائلة». وكانت أسعار الخام تحسنت بشكل ملحوظ في تداولات يوم الجمعة الماضي على الرغم من المخاوف من وفرة العرض والاقتصادات الضعيفة في أوروبا والصين، وقفز سعر برميل تكساس إنترميدييت تسليم يناير (كانون الثاني) بمقدار 2,41 دولار، وأغلق عند 56,52 دولار، أما سعر برميل البرنت بحر الشمال المرجعي، فقد استقر عند 61,38 دولار مرتفعا بمقدار 2,11 دولار عن سعره يوم الخميس الماضي وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية. من جهته قال عبد الله الحمد مدير عام الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي إن القمم العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الأولى في الكويت والثانية في شرم الشيخ والثالثة في الرياض جاءت لاستكمال مسيرة العمل العربي المشترك وتشجيع التعاون بين الدول العربية في مختلف المجالات الاقتصادية. ونوه بأن البيان الختامي للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة «إعلان الرياض» تضمن رؤية الدول العربية لمواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة والمستقبلية وتحقيقا لها، فقد أعلنت القمة عن مجموعة من القرارات ذات 4 محاور «اقتصادية وتنموية وصناعية وصحية». وأكد أن الصناعة البترولية تعد المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي وتتربع على عرش موارد الطاقة العالمية وتعتبر المصدر الأساسي للدخل القومي لمعظم الدول العربية، حيث تشكل الاحتياطيات المؤكدة من النفط في الدول العربية ما يقارب 56 في المائة من الاحتياطي العالمي المؤكد ويمثل إنتاجها نحو 30 في المائة من الإنتاج العالمي. وأشار إلى أن الاحتياطيات العربية من الغاز تشكل نحو 27 في المائة من الاحتياطي العالمي المؤكد ويشكل الغاز المسوق من الدول العربية نحو 17 في المائة من كميات الغاز المسوقة عالميا.
مشاركة :