حقوق الإنسان عندما تتحول إلى ابتزاز سياسي

  • 8/14/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

منذ منتصف عقد تسعينات القرن الماضي تحولت ملفات حقوق الانسان إلى اداة ابتزاز سياسي وضغط غير مشبوه للوصول إلى أهداف أبعد ما تكون عن حقوق الانسان التي يدفعون بها إلى واجهة ابتزازهم. هذا التحول المريب بلغ ذروته مع ما يسمى بالربيع العربي وانتقلت الملفات من كونها ملفات حقوقية ينبغي ان تدرس وتناقش وتتم تداولاتها وفق القوانين والأنظمة والدساتير وأدوات القضاء إلى أوراق متطايرة ومتناثرة يتم تداولها بصخب اعلامي وضجيج خطابي زاعق وعبر برامج من نوع صراع الديكة، ودخلت على خط حقوق الانسان اجندات ومشاريع ملتبسة ومشبوهة ليختلط حابل الحقوق بنابل السياسة والتسييس بطعم الفوضى. وفقدت الصفات صفاتها والمقاييس مقاييسها واختلت المعادلات والتبست المفاهيم وانزاحت المصطلحات في سيولة جرفت معها المعايير الحقيقية التي يمكن من خلالها الفصل بين الفوضى والتمرد والغوغائية وحقوق الانسان التي غدت يافطة كبيرة وثوبا واسعا فضفاضا يمكن ان يختبئ في زواياه كل الاجندات وإن تتصارع فتصرع حقوق الانسان الحقيقية التي راحت ضحية لهذه الفوضى الممنهجة. حقوق الانسان ليست بازارًا للمزايدات السوقية من يدفع يربح وليست سلعة للبيع والشراء والمقايضات الرخيصة والصفقات السرية والمشبوهة الأهداف. وعندما تتحول ملفات حقوق الانسان إلى وسيلة رخيصة للابتزاز السياسي الفاشل فإنها تحطم أول ما تحطم وتدوس أول ما تدوس حقوق الانسان الحقيقية والنبيلة، وفي مقدمتها حق الفرد والجماعة في حياة مستقرة آمنة لا يهددها غوغائيون وعابثون فوضويون خرجوا بلافتات حقوقية ليغتالوا ويذبحوا أبسط حقوق الانسان في حياة آمنة. وملفات حقوق الانسان ملفات شائكة متداخلة ومعقدة لا يمكن طرحها هكذا في وسط صخب الشوارع وتظاهراتها ومسيراتها وتجمعات ميادينها ودواراتها وتناولها في خطابات سياسية حماسية زاعقة واستغلالها للتجييش والتعبئة وإثارة العنتريات الحماسية للجماهير وللعامة التي تقف مستفزة في تخندقنات الخلافات السياسية بين الفرق والأحزاب والتنظيمات وحتى الميليشيات التي تسيدت المشهد ورفعت الكلاشنكوف بيد ويافطة حقوق الانسان بيد ليكون الانسان ذاته كبش فداء عنتريات حقوق الانسان وابتزازاتها الرخيصة. تحولت حقوق الانسان في مشاريع البعض إلى مسدس وسلاح كاتم للصوت، يوضع ويضغط على زناده فوق رأس السلطة التي يراد ابتزازها وباسم حقوق الانسان ترتكب الجريمة خلسة فيما دكاكين واطراف وحتى دول ترفع قميص الحقوق وتبتز اعلاميا في تقاسم كعكة حقوق الانسان المزعومة التي ربما كانت عنوانا من عناوين القوة الناعمة الضاغطة باسم الحقوق والمبتزة باسم الحقوق. ومن حمل في بلاده سلاح التخريب والفوضى والتدمير وسلاح الخروج على القوانين والانظمة والشرعية والشريعة وسلاح الحرائق والقتل أو التحريض على القتل باختصار من مارس كل أشكال الارهاب والانقلاب ثم هرب إلى الخارج وتسلل إلى الغرب حمل هناك لقب حقوقي أو ناشط حقوقي أو مدافع حقوقي وتمسكن حتى تمكن من اقناعهم «بمظلومية» مزعومة ليستثمروا بدورهم ملفه الحقوقي في ابتزاز لصالحهم ولأناس من تقاسم المصالح والتفاهم حولها وراء كواليس بعيدة وداخل غرف مغلقة. لم نكن ولن نكون يوما ضد حقوق الانسان الحقيقية النبيلة والانسانية في أهدافـها ومقاصدها، ولكننا حتما كنا وسنظل حقـوق الابتزاز أيا كان نوعه باسم حقوق الانسان.

مشاركة :