كل الوطن- متابعات- المصريون حسم الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى، اليوم، الخلاف الدائر حول الإصلاحات المثيرة للجدل، بشأن حزمة من القوانين المستلهمة من الشريعة الإسلامية، ولا سيما فيما يرتبط بمادة الميراث. وأعلن «السبسى»، أنه سيحيل مشروع القانون، الذى وصفه بـ«مستقبل تونس»، إلى البرلمان؛ كى يقر بالمساواة فى الميراث بين الجنسين تطبيقًا لمبدأ المساواة المنصوص عليها فى دستور تونس الجديد الصادر عام 2014. وقال فى خطاب ألقاه اليوم بمناسبة احتفال تونس بعيد المرأة: «احترامًا للدستور وقوانينه الآمرة فإن اقتراحى كالآتي، يجب أن نغير أحكام مجلة (قانون) الأحوال الشخصية وأن تصبح المساواة فى الإرث قانونًا». الرئيس التونسي، أوضح أنه سيمرر مشروع القانون إلى مجلس نواب الشعب، حال انتهاء العطلة الصيفية البرلمانية، على الرغم من اعترافه بوجود تحفظات من قبل حركة النهضة الإسلامية – القوة الأولى فى البرلمان. وتابع: «حركة النهضة لها مرجعية دينية، لكن لديها مسعى مشكور لأن تتطور إلى حركة مدنية وهى اليوم لها دور بارز فى اتخاذ القرارات فى البرلمان باعتبارها تضم 68 نائبًا». وأضاف: «الفصل الثانى للدستور يقول إن تونس دولة مدنية تقوم على المواطنة وإرادة الشعب وعلوية القانون، وهو حجر الزاوية ولا يمكن تعديله»، متابعًا: «لا شيء أعلى من الدستور، ويجب أخذ هذا بعين الاعتبار بغض النظر عن المرجعيات الأخرى، المواطنون والمواطنات متساوون أمام القانون من غير تمييز». الدكتور محمود مزروعة، رئيس قسم العقائد والأديان بكلية أصول الدين، جامعة الأزهر، قال إن مثل هذه المسائل لا رأى فيها ولا اجتهاد، مشيرًا إلى أن ما جاء به الشرع بنص قطعى، إما أن يؤمن به المسلم كما جاء، أو يخرج من دين الله تبارك وتعالى. وخلال حديثه لـ«المصريون»، أضاف «مزروعة»، أن المسائل والقضايا التى أتى بها الشرع، نوعان، الأول، ما لم يأت فيه نص قطعي، وهذا يحتمل الاجتهاد والرأي، بينما الآخر، ما جاء فيه نص قطعى الثبوت والدلالة، وذلك لا يجوز الاجتهاد، مثل القضية التى يصددها الآن. رئيس قسم العقائد، أوضح أن القول بغير ما جاء به الشرع، يعتبر تصادمًا بالشرع مصادمة رأسية، مشيرًا إلى أن ذلك لا يجوز أن يخرج من أى أحد، سواء رجل أو دولة أو رئيس، بل يجب الإيمان به كما جاء. وأشار، إلى أن قضية الميراث، وأن للمرأة نصف الرجل، نص عليها القرآن الكريم فى سورة النساء، فى قوله تعال: «يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين»، ومن ثم لابد من تنفيذ الأمر، وإذا لم ينفذ الإنسان فليذهب إلى حيث شاء، ولا يمكن اعتباره مسلمًا. «مزروعة»، تابع: «هناك فرق بين من يشرب الخمر ويعتبرها حلالاً، وبين من يشربها ولكنه يقر بحرمانيتها، وكذلك هناك بعض الرجال يعطون للمرأة مثل الرجل، لكنهم يعلمون أنهم مخالفون وآثمون، وهؤلاء يختلفون عن من يعتبر ذلك دينًا، وينكرون الآية». واستطرد: «يجوز أن يجتهد الشخص فى الحكمة من هذا الأمر، ولماذا جعل الله للأنثى نصف حظ الرجل، ولو وصلنا للحكمة من وراء ذلك فخيرًا، وإذا لم نصل فلا بأس وليس هناك مشكلة». أما، الدكتور عبد الحليم منصور، أستاذ الفقه المقارن، ووكيل كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، استنكر ما قام به «السبسي»، مضيفًا: «هناك نصوص كثيرة ثابتة سواء من ناحية السند أو الدلالة بشأن ذلك»، ومن ثم تعتبر تلك الخطوة باطلة ومخالفة للنصوص الشرعية ولثوابت الدين، وبمثابة تجنٍ على الله سبحانه وتعالى. وأوضح لـ«المصريون»، أن «مساواة الرجل بالمرأة لا تجوز ودعوات باطلة، ولا يمكن أن يقوله مسلم أو عاقل على الإطلاق، وتُعد مخالفة صريحة للقرآن وللسنة النبوية المطهرة»، مشيرًا إلى أنهم بذلك يتعدون على أحكام الله التى شرعها وحددها. وتابع: المولى سبحانه وتعالى يقول «ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارًا خالدًا فيها وله عذاب مهين»، وهم لا يعصون الحق فقط، بل يتعدون على سلطانه وتوزيعه المواريث على البشر، معتبرًا أن الدعوة للتجديد لا تعنى التجنى على ثوابت الدين وتغييرها – بحسب رأيه. وكان «السبسي»، اقترح سابقًا، فى تونس – إجراء مراجعة قانونية تضمن المساواة فى الميراث بين الرجل والمرأة مع احترام إرادة الأفراد الذين يختارون عدم المساواة، قائلًا: «نقترح أن تصبح المساواة فى الميراث بين الرجل والمرأة قانونًا لكن بما أن رئيس الدولة رئيس الجميع ومن واجبه التجميع أكثر من التفرقة نقترح أن المورث الذى يريد تطبيق القواعد الشرعية فى ورثته له ذلك».
مشاركة :