عمان - كشف وزير الداخلية الأردني سمير مبيضين الاثنين أن أعضاء الخلية الإرهابية الذين قتلوا واعتقل عدد منهم في مداهمة السبت في السلط شمال غرب عمان، هم “تكفيريون ويؤيدون تنظيم الدولة الإسلامية”، وأشار إلى أن هؤلاء كانوا يخططون لعمليات إرهابية أخرى في المملكة. وأعلنت السلطات الأردنية مساء الأحد مقتل أربعة من رجال الأمن وثلاثة “إرهابيين” خلال مداهمة مبنى في السلط تحصّنت بداخله “خلية إرهابية” يشتبه بتورطها في انفجار عبوة ناسفة الجمعة وضعت أسفل سيارة دورية أمنية في منطقة الفحيص التي تبعد 12 كلم غرب عمان. وقال مبيضين خلال مؤتمر صحافي مشترك ضم المتحدثة باسم الحكومة جمانة غنيمات وقادة الأجهزة الأمنية، إن المتورطين “ليسوا تنظيما لكنهم يحملون الفكر التكفيري ويؤيدون داعش” في ما بدا أنه محاولة لنفي أي وجود تنظيمي لداعش داخل أراضي المملكة. وأضاف أن “المداهمة أحبطت مخططات أخرى لتنفيذ سلسلة عمليات إرهابية تستهدف محطات أمنية وتجمعات شعبية” وتم “ضبط مواد تدخل في صنع المتفجرات، عثر عليها في إحدى مناطق السلط” على بعد 30 كلم شمال غرب عمان. وبحسب مبيضين، فإن العملية أسفرت عن مقتل ثلاثة من أفراد القوات المسلحة وعنصر من جهاز المخابرات، كاشفا أنه تم “العثور على عبوات ناسفة مدفونة في مدينة السلط، وتم تفجيرها في موقعها لخطورة التعامل معها عن طريق خبراء المفرقعات”. ومن جهتها، قالت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام جمانة غنيمات خلال المؤتمر إن “كمية المتفجرات التي تم ضبطها بعد العملية كانت كميات مرعبة وكان يمكن أن تحدث عددا كبيرا من الحوادث في المملكة”. وأضافت غنيمات أن المتفجرات “كانت جاهزة (للاستخدام) مربوطة بتايمر (جهاز توقيت)”. مخاوف من أن يكون عدد من الأردنيين الذين انضموا إلى داعش في سوريا والعراق قد نجحوا في التسلل إلى داخل المملكة وحاولت غنيمات كما مدير عام قوات الدرك اللواء الركن حسين الحواتمة خلال المؤتمر الصحافي توضيح بعض النقاط التي أثارت التباسا كبيرا لجهة تضارب المعطيات حولها الأمر الذي شكل إرباكا للأردنيين، خاصة لجهة ما إذا كان الكشف عن الإرهابيين المتحصنين بمبنى بمدينة السلط ناجما عن عمل استخباري أم أنه تم استدراج القوى الأمنية إلى هناك بالنظر للخسائر التي وقعت في صفوف الأمنيين، وهي الراوية التي يتبناها البعض من المحللين. وذكرت المتحدثة باسم الحكومة أن عملية المداهمة لم تكن “فزعة” بل تمت بتنسيق عال جدا بين الأجهزة المشاركة، مؤكدة أن العناصر الإرهابية لا تؤمن بالإنسانية، ولذلك المعركة مع الإرهاب مستمرة ومفتوحة وعملية السلط واحدة منها. ومن جهته ذكر الحواتمة أن سبب الاستعجال في اقتحام المبنى كان يهدف لمنع جريمة كبرى بحق الأردن مهما كان الثمن وقد أخذ بعين الاعتبار ألا تقع هناك إصابات بين المدنيين. وأشار إلى أن عامل الوقت كان مهمّا جدا في عملية المداهمة وتبين أن أتباع الخلية في مناطق أخرى كانوا سيقومون بعمليات إرهابية لذلك تمت مداهمتهم بأسرع وقت. وأكد الحواتمة أن مبنى السلط تم تفخيخه من قبل الإرهابيين وقاموا بتفجيره مما أدى إلى استشهاد 4 من القوة الأمنية، وإصابة 10 آخرين. وعن حادثة الفحيص أوضح الحواتمة أن البيان الأولي والحديث عن انفجار قنبلة غاز بالخطأ لم يصدرا من قوات الدرك بل عن جهات غير مخولة بالتصريح بهذا الشأن. وكان بيان صدر عقب تفجير الفحيص ذكر أن السبب ناجم عن خطأ بشري، ليتم التدارك السبت والإعلان عن أن السبب قنبلة يدوية من صنع محلي. وأدى الهجوم على الدورية المكلفة بحماية مهرجان الفحيص الفني إلى مقتل رجل أمن وجرح ستة آخرين. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه لحد الآن. وذكر الحواتمة أنه “بحسب التحقيقات فإن الخلية نشأت حديثا واتبعت الفكر التكفيري مؤخرا ولا نملك معلومات كثيرة عنها”، مشيرا إلى أن المنتسبين حديثا لهذا الفكر “أكثر اندفاعا ومتسرعين أكثر لتنفيذ عمليات”. وقام العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الاثنين بزيارة عائلات القتلى من الأمنيين لتقديم واجب التعازي، كما أجرى زيارة للمصابين في المستشفيات. وتأتي عملية الفحيص وما تلاها في السلط بعد سنتين من هجوم إرهابي في مدينة الكرك في جنوب المملكة، كلف سقوط 10 قتلى أغلبهم من رجال الأمن العام في اشتباك مع خلية مسلحة تحصّنت داخل قلعة أثرية في المدينة. وحذر مراقبون وخبراء في الجماعات الإسلامية من أن يكون العمل الإرهابي الأخير مقدمة لسلسلة من الهجمات تهدد المملكة. ويملك الأردن خزانا جهاديا خطيرا يضم نحو 7000 آلاف عنصر نجح تنظيم داعش في استقطاب المئات منهم في السنوات الأخيرة خاصة من الفئة العمرية الشابة. ويخشى من أن يكون العديد من الأردنيين الذين انضموا إلى داعش في سوريا والعراق قد نجحوا في التسلل مجددا إلى أراضي المملكة بعد أن انهار التنظيم في كلا البلدين، خاصة وأن أسلوب تنفيذ عملية الفحيص وما تلاها في السلط يعكس عقلية احترافية لدى هؤلاء ما كان ليتم اكتسابها داخل الأردن. ويلفت هؤلاء إلى أن الوضع الاجتماعي المتدهور يشكل بيئة خصبة للتنظيمات المتشددة لاستقطاب المزيد من العناصر، فضلا عن المناهج التعليمية التي تحمل العديد من الثغرات، وأخيرا وليس آخرا وجود العديد من المدارس القرآنية تلقن الناشئة أفكارا مغلوطة تحمل مضامين متطرفة، خارج مدار الرقابة.
مشاركة :