توسع دائرة الشكوك بشأن حياد الجيش في الجزائر

  • 8/15/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الجزائر - شكلت الرسالة الجريئة التي توجهت بها النائبة البرلمانية عن جبهة القوى الاشتراكية المعارضة سليمة غزالي، للرجل الأول في المؤسسة العسكرية الجنرال أحمد قايد صالح، مؤشرا قويا على تصاعد وتيرة الشكوك في خطاب الجيش، بشأن الحياد خلال الاستحقاقات الانتخابية. وأوحى التضارب في القراءات بشأن موقف المؤسسة العسكرية، إلى أن خطاب المؤسسة لم يعد محل إجماع وتوافق لدى الطبقة السياسية، لا سيما وأن الإشارات لم تعد خفية، لضرورة اضطلاع المؤسسة بدور معين، لإعانة البلاد على الخروج من أزمتها السياسية وحالة الانسداد التي تتخبط فيها. وكانت حركة مجتمع السلم الإخوانية، أول الأحزاب المبادرة بتوجيه دعوة صريحة للمؤسسة لمرافقة الطبقة السياسية، من أجل تحقيق انتقال سياسي واقتصادي في البلاد، وهي الدعوة التي قابلتها مواقف مستهجنة لأحزاب السلطة، واعتبرتها “دعوة للانقلاب على المؤسسات الشرعية”، وأن “رسالة الجنرال قايد صالح هي رد مباشر على قادة حمس”. إلا أن رئيس الحركة عبد الرزاق مقري، كان من ضمن المرحبين أيضا بـ”حياد الجيش”، وقدم قراءة معاكسة توحي بما أسماه بـ”تخلي العسكر عن أحزاب السلطة، وهو ما سيفضح عدم شرعية النتائج الانتخابية التي تحوزها في البرلمان والمجالس المنتخبة، ويحرمها من تكرار فرصة التلاعب بنتائج الاستحقاقات المقبلة”. وجاءت الرسالة الجريئة لسليمة غزالي، لتؤكد على توسع دائرة المشككين في حياد المؤسسة العسكرية، وفي شكلية الخطاب المسوق، خاصة وأن الرسالة اعتبرت المؤسسة “حامية لنظام سياسي فاسد، يصر على إرباك المجتمع وتدمير السياسي واستعمار الجيش”. ويعد الخطاب الموجه لقائد أركان الجيش ونائب وزير الدفاع الوطني الجنرال قايد صالح، الأول من نوعه، حيث امتزجت فيه مشاعر الأمل والخيبة في آن واحد. ووصفت سليمة غزالي، احتفال المؤسسة بذكرى المناضل التاريخي والقيادي في ثورة التحرير عبان رمضان، بـ”الشكلي والخاوي من المعاني الأساسية”. وقالت “كان يمكن الاعتقاد، بمناسبة هذا الحدث الذي تم عشية الاحتفال بالاستقلال الوطني في 5 يوليو، وتحسبا لاحتفالات الذكرى السنوية لانتفاضة 20 أوت 55 ومؤتمر الصومام، أن تكون الإشادة بأحد المهندسين الرئيسيين لهذه الوقفة الأساسية في مسار الثورة الوطنية، مقدمة وفتحا جديدا ومناسبة تستعيد فيها القيادة العسكرية العليا الوعي بالأهمية التاريخية للتوصيات الرئيسية لمؤتمر 20 أغسطس 56”. وأضافت “غير أن خطابكم بهذه المناسبة لم يشر إلى الوثبة الاستراتيجية الهائلة في بلورة الفكر والعمل الوطني المعاصر الذي كانت تعنيه، بموضوعية، توصيات هذا المؤتمر الذي انعقد بعد أشهر من انطلاق الكفاح المسلح من أجل الاستقلال الوطني. ولفتت إلى أن ذلك “تم والبلد في حالة حرب، ومنهك على كل المستويات، وعلى الخصوص في بنيته السياسية وتخلفه الاجتماعي والثقافي والتي زادتها رواسب متحجرة بفعل قرن من الاستعمار الهمجي”. وأشارت إلى أن “الكثير من الجزائريين يشك في ذلك، خاصة وأن الفضائح بتكاثرها تعزز الاعتقاد في أن الانحراف أصبح هو القاعدة، ويبرز ذلك بصفة دراماتيكية من خلال ‘فضيحة الكوكايين’، حيث تمكن مسؤولون كبار، قضاة وجنرالات، من توحيد الوظائف العسكرية والسياسية، في إطار واحد هو الجريمة، لتحويل الثروة الوطنية لصالحهم”. ورغم محاولات التظاهر بالحياد في الشأن السياسي الداخلي، والالتزام بالمهام الدستورية، المتمثلة في الدفاع عن سلامة ووحدة التراب الوطني وحماية الحدود الجغرافية، إلا أن محللين سياسيين يعتبرون المؤسسة هي الفاعل الرئيسي في القرارات السياسية الكبرى في البلاد، ولا سيما في ما يتعلق بمنصب رئيس الجمهورية. وإلى غاية التحويرات العميقة التي أجراها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في المؤسسة العسكرية منذ العام 2013، خاصة بعد حل جهاز الاستخبارات وإحالة كبار ضباطه ومسؤوليه على التقاعد أو القضاء، فإن الجيش في الجزائر يبقى هو الصانع الأول لرؤساء البلاد. وانقلب ما يعرف بـ”جيش الحدود” على الحكومة المؤقتة في مطلع الاستقلال، وانقلب أيضا العقيد هواري بومدين وقائد أركان الجيش حينها على الرئيس الأول أحمد بن بلة في جوان 1965. وفرضت المؤسسة نفسها العقيد الشاذلي بن جديد، كرئيس للبلاد في 1979، واستقدمت محمد بوضياف ثم علي كافي واليامين زروال لقيادة البلاد خلال حقبة العشرية الحمراء، ثم استقدمت الرئيس الحالي بوتفليقة عام 1999.

مشاركة :