توقع خبراء قانونيون استئناف محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك وابنيه ووزير داخليته حبيب العادلي و6 من مساعديه في قضية قتل المتظاهرين، خلال 15 يوماً أمام دائرة جديدة تحددها محكمة استئناف القاهرة، بعدما تنحت محكمة جنايات القاهرة أمس من نظر القضية لاستشعارها بالحرج. وقال الفقيه القانوني عضو مجلس الشورى الدكتور رمضان بطيخ لـ"الوطن" إن التنحي كان عادياً نظراً لأن رئيس المحكمة المستشار مصطفي حسن عبدالله فصل من قبل في قضية موقعة الجمل ولم يكن هناك رضى عن الحكم في الشارع وأمام الرأي العام فكان من الطبيعي أن يتنحى لاستشعاره الحرج. واستبعد الإفراج عن مبارك لأنه محبوس على ذمة قضية فساد أخرى. وكان قرار المحكمة أمس برئاسة المستشار مصطفى حسن عبدالله بالتنحي عن نظر القضية فجر موجة من الجدل حول مستقبل المحاكمة وما يدور في كواليسها. وقال المتحدث الإعلامي لاتحاد محامي مصر محمد رشوان إن المستشار مصطفى حسن عبدالله تقدم باعتذار رسمي إلى رئيس محكمة الاستئناف، لعدم نظر القضية، نظرا لظروف صحية إلا أن طلبه قوبل بالرفض، وأكد أن القاضي جاء أمس وقد تكونت لديه عقيدة ثابتة بالتنحى. أما فريق الدفاع الكويتي عن مبارك فقالوا إنهم جاؤوا متطوعين للدفاع عن مبارك، لأن الكويتيين شعب لا ينكر الجميل ولا يمكن أن ينسى موقف المصريين والجيش المصري في التسعينيات ووقوفهم بجوار الجيش الكويتي، وأنهم لا علاقة لهم بالأمور السياسية، ولكنهم رجال قانون وقضاء. في غضون ذلك أثارت ابتسامات وتلويحات الرئيس المصري السابق حسني مبارك لمحبيه داخل قفص الاتهام أمس في أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس أثناء محاكمته، دهشة وتساؤلات السياسيين وأطباء النفس وحتى الجمهور. ورصدت عدسات كاميرات التلفزيون المصري، الرئيس السابق في حالة نفسية وبدنية جيدة، ولم يظهر متأثراً بوجوده داخل قفص الاتهام، بل راح يوزع ابتساماته علي الحضور في قاعة المحكمة، ويلوح لمحبيه ويتجاذب أطراف الحديث مع نجليه علاء وجمال، في مشهد بات مختلفاً تماماً عن المشهد السابق لمحاكمته الذي كان في حالة نفسية سيئة. وأرجع سياسيون وخبراء في الطب النفسي في تصريحات إلى"الوطن"، هذا المشهد إلى عوامل عدة لعل أهمها شعور مبارك بحالة من رد الاعتبار لاسيما بعد الأخطاء المتعددة والجرائم للنظام الحالي، إضافة إلى شعوره بقرب الإفراج عنه ورؤية الشارع من جديد. وعلي الرغم من أن مبارك لم يتخل عن سريره الطبي، إلا أنه لوحظ أمس أنه جلس معتدلاً، ولم يستلق على ظهره كما كان في السابق، كما أنه بدا من المثير للدهشة تخلي نجليه علاء وجمال عن الوقوف أمامه وإخفاء والدهما عن عدسات الكاميرا، بل على العكس أفسحا الزاوية للكاميرا لالتقاط الصور. من جهته أكد استشاري الأمراض النفسية والعصبية مدير مستشفى "العباسية" للأمراض النفسية الدكتور أحمد البحيري، أن مبارك ظهر مبتسماً وصابغا شعره، ووجه التحية للحضور داخل القاعة، مرجعاً أسباب ذلك إلى الإفراج عن آخرين من رجاله وبالتالي فكرة أنه لن يرى الشارع مجدداً أصبحت مستحيلة. والسبب الثاني في رأي البحيري هو شعور مبارك بأنه تأكد واتضح للناس أيضا أنه لم يكن الوحيد الذي يخطئ لأن أصحاب الحكم في مصر الآن يخطئون سواء المؤيدون للنظام أو المعارضون له، وأخيراً أن حالته الصحية جيدة على ما يرام لم يحدث لها تدهور، وبالتالي هذا لم يؤثر في نفسيته سلبيا. وتابع "مبارك لديه ثقة في نفسه أن مثله مثل غيره وأصبح علي يقين أن فترته كانت أفضل كثيرا من الآن". إلى ذلك قال الخبير السياسي بمركز"الأهرام" للدراسات الاستراتيجية الدكتور حسن أبوطالب، إن هناك فارقًا بين المشهدين، فمبارك في المرة الأولي كان الرئيس الذي أطاحت به الثورة ويحاكم من قبلها، وكان هناك شعور عارم بالغضب ضده، ومن الجرائم التي ارتكبها في حق المتظاهرين. وأشار أبو طالب إلى أن مبارك في الحالة الثانية بدا أكثر سعادة لأنه يشعر برد الاعتبار بعد أن ارتكب النظام الحالي جرائم أسوأ من تلك التي ارتكبها، بل إن الكفة ربما تميل لمصلحة الرئيس السابق عند عقد بعض المقارنات"، حسب رأيه. وبدوره أكد أستاذ السياسة بجامعة القاهرة المدرس بكلية الإعلام الدكتور سيف عبد الفتاح، أن المشهد أمس بأكمله دليل علي الفشل الذريع والساحق للنظام الحالي، والشعور بأن البلاد بينما كانت تتطلع لثورة العدالة الاجتماعية لم يتحقق شيء منها، مشيراً إلى أن مبارك تابع وعن قرب خلال الفترة الماضية ما يعانيه الشارع المصري، وتراجع شعبية الإخوان، وبالتالي ظهر في موقف المنتصر الذي اعتبر حكمه أفضل علي الشعب من أيامه الحالية. أما بالنسبة لوزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، والذي رصدت الكاميرات أمس قيام أحد الضباط الحاليين بأداء التحية العسكرية له رغم أنه محكوم عليه، إلا أن الوضع مختلف، فهو في المرة الماضية كان واثقًا من نفسه، ويشعر بأن وزارة الداخلية تقف بجانبه، وهي لم تعد كذلك، وربما يعتقد أن الرئيس السابق، سيحصل علي البراءة، وأنه تحديدًا سيكون كبش فداء، وقد يشعر الضباط بقلق مماثل، بأنهم سيحصلون علي إدانات في مقابل الذين ارتكبوا جرائم. في سياق متصل، وفور دخول الرئيس السابق مبارك إلى قفص الاتهام ارتفع صوت مؤيديه "بنحبك يا ريس" فلوح لهم بيده، وعلى وجهه ابتسامة صغيرة فيها علامات الحزن والأسى. وظل جمال مبارك واقفا بجانب والده طوال الوقت حتى دخول هيئة المحكمة للقاعة دون كلام، بينما وقف علاء يتحدث مع مساعدي وزير الداخلية الحاصلين على حكم البراءة. من جانب آخر أكد الرئيس المصري محمد مرسي أن بلاده تمر بلحظة فارقة من تاريخها، مبيناً أن مصر تنطلق نحو مستقبل أفضل في ظل نظام ديموقراطي مدني يرنو إلى بناء مجتمع الغد مجتمع العلم والمعرفة الذي تتحقق فيه العدالة الاجتماعية لكل مواطن. وقال مرسي في كلمة له خلال لقائه أعضاء مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية أمس "مصر تواجه تحديات كبيرة في إطار سعيها لتحقيق نهضة شاملة وسط ظروف محلية وإقليمية ودولية دقيقة". على صعيد آخر قررت السلطات المصرية تزويد المراكز الأمنية في جنوب شبه جزيرة سيناء بالأسلحة الثقيلة، وذلك لكي تكون أكثر استعدادا لمواجهة الخارجين على القانون والعصابات المسلحة.
مشاركة :