في زمنٍ، كَثُر فيه مَنْ تراهم يرمون نفاياتهم مِنْ نوافذ سياراتهم. تجد مَنْ يقوم بتنظيف الوادي، والشارع، والحي، والمدينة، قد تراه مشهداً عادياً، إنْ رأيت مَنْ يُلقي بنفايته على قارعة الطريق، وتستغرب وأنت ترى فتية نذروا أنفسهم لتبقى مدينتهم نظيفة، أتدري لماذا؟ لأنّ الفعل الحسن أصبح غريباً في هذا الزمن! قد تستغرب من جارك وهو يطرق بابك، ويدلف إلى مجلسك، وعند سؤاله، أو عدم سؤاله، تستنج أنه جاء، فقط، للسلام عليك، ولتقوية روابط الجِيرة بينكما، وقد يدور في رأسك ألف سؤالٍ وسؤال، وبالمقابل، قد لا تستغرب وأنت تسمع أن جاراً سطا على دار جاره بدافع السرقة، أو بأيّ دوافع أخرى، أتدري لماذا؟ لأن الفعل الحسن أصبح غريباً في هذا الزمن! أمّا أن تجد شباباً في سن الزهور، وقد ارتدوا معاطف النظافة، وحملوا عدتها، وذهبوا إلى واديهم المجاور لتنظيفه، مما ابتلاه به السّيئون، فلا شك، أنك ستشد شعر رأسك، إلى حد النتف، لغرابة الفعل، بل، لدهشتك من هول المنظر، أتجد مثل هؤلاء الشباب وأنت في مثل هذا الزمن؟ أن تجد هؤلاء الشباب وهم يدعُونك، بكل أدب، لتشاركهم في ورشة عصف ذهني، لاستخلاص أفضل الأفكار لنظافة البيت الكبير (الحي)، فستجد أنك ما زلت في مضمار الدهشة العارمة، التي ستجعلك تفكر في سلامة عقولهم، أيعقل هذا؟ أيُضحّي هؤلاء الشباب بأوقاتهم لمثل هذا العمل التطوعي؟ أيتنازل، أصلاً، هؤلاء الشباب، مِنْ هذا الجيل، ويُمسك أحدهم بعصا المكنسة، ويكنس الشارع المجاور لبيته، أيعقل كل ما أرى؟ نعم، يعقل كل هذا الفعل الجميل، من شباب منطقة نجران، أعضاء الفريق الأهلي التطوعي بنجران، في حملاتهم التطوعية التي بدأوها بحملتهم «وادينا ينادينا» حيث حققت نجاحاً كبيراً، مما شجعهم لانطلاق حملتهم الثانية «فلتبقَ نجران نظيفة»، والآن، هم، في طور التخطيط لحملتهم الثالثة «بيتنا الكبير .. كيف يبقى نظيفاً؟»،التي يُعَدّ لها بدعوةِ أصحاب الفكر والتغيير والقدوات المجتمعية، للمشاركة في جلسة عصف ذهني، تهدف إلى إيجاد حلول عملية للمحافظة على نظافة الحي، باعتباره «البيت الكبير». لقد قطعوا على أنفسهم عهداً لمدينتهم، لتبقى نظيفة، تباهي العالم المتحضّر، وشعارهم ، «فلتبقَ نجران نظيفة»، لهؤلاء الفتية، أرفع العقال إجلالاً وإكباراً!
مشاركة :