عن أحوال الماضي .. السهيمي: حكاية عمي الذي خرج للحج ولم يعد!

  • 8/15/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يقلب الكاتب الصحفي محسن علي السهيمي؛ صفحات التاريخ والماضي القريب، وهو يروي ويتدبر حكاية عمه (محمد بن سالم)؛ الذي خرج للحج منذ 60 عاماً، ولم يعد، كاشفاً عن مخاطر وأهوال تلك الرحلة في الماضي، وكيف تمكنت قيادة المملكة في العهد الحاضر، عهد الأمن والرخاء، من تحويل الحج إلى جولة سريعة أقرب للنزهة؛ عبر توفير الأمن والوسائل والخدمات كافة لخدمة ضيوف الرحمن. رحلةٌ لا تتأكّد معها العودة في مقاله "رحلة الحج.. خرج عمي ولم يعد!" بصحيفة "المدينة"، يبدأ السهيمي؛ بذكر أحوال رحلة الحج في الماضي، ويقول "رحلةٌ لا تتأكد معها العودة، وتكتنفها المخاطر، ويعقبها -في أحايين كثيرة- الفقدُ والحزن والوجد، رحلة تعني فيما تعني الوداع والمفارقة، وانقطاع الأمل في العودة للأهل والمرابع، تعني فيما تعني ركوب الصعاب، وسلوك مسالك الخوف، والتعرض لقطَّاع الطرق، وانقطاع الخبر، وتحري ساعة القَدَر، فإما عودة مظفرة للحجيج وفتح صفحة جديدة مع الحياة، وإما وقوع النبأ العظيم برحيله عن حياة الدنيا إلى عوالم الآخرة نتيجةَ سلبِ قُطّاع الطرق متاعَه ثم موته جوعاً وعطشاً في متاهات الفيافي أو مغارات الجبال أو بطون الأودية، أو نتيجةَ مرضٍ عضال، أو نتيجةَ تدافُعٍ على مفحص إحدى الجمرات، أو تزاحم في مضائق الطواف والسعي، أو توهان بين الجموع على صعيد عرفات". حكاية عمي ثم يضرب الكاتب مثلاً بحكاية عمه من الماضي ويقول "ذات يوم -بحسب رواية الوالد رحمه الله والوالدة حفظها الله- وقبل ما يربو على (60) سنة عزم صاحب الابتسامة الدائمة والقلب الطيب عمي (محمد بن سالم)؛ شقيق والدي، على أداء فريضة الحج، وخرج مع مَن خرج قاصدِين بيت الله الحرام. ودَّعه ذووه بالدموع خوفاً من أن يكون هذا الخروج هو الخروج النهائي، ومن يوم مغادرته انقطعت أخباره وأخبار رفاقه، وظل أهله مدةً ينتظرون عودته مع شروق شمس كل يوم ومع غروبها، حتى كان عصر ذات يوم صادف بعضُ أهله نفراً من الحجاج الذين حج عمي برفقتهم وهم في طريق عودتهم إلى قريتهم المجاورة لقرية عمي، سألوهم والخوف يكاد يلجم ألسنتهم: (وين محمد؟) رد أصحابه: الله يرحمه! لقد مات محمد في المشاعر وتمّ دفنه واستقبل عالم الآخرة وانتقل إلى جوار ربه". ذلك فيما مضى ويعلق السهيمي؛ قائلاً "تلك صورة من صور الحج في الماضي القريب، صورة من صور المعاناة والنَّصَب، وانقطاع الخبر، وانتظار حكم القَدَر، وانتفاء وسائل الراحة ووسائط الاتصال، وانتفاء أي نوع من أنواع الخدمات، صورة من صور الخوف والمعاناة، وضعف الإمكانات في المشاعر المقدّسة. رحلة الحج كان عنوانها العريض (الذاهب مفقود والعائد مولود) ولذا كان الاحتفال بالحاج العائد مختلفًاً ومبالغًاً فيه؛ لأنه أشبه بمن كان مفقوداً ثُم عُثر عليه". الآن .. الحج غير ويعود السهيمي؛ إلى الحاضر ليضعنا في مقارنة مع ذلك الماضي ويقول "دعونا نطوي صفحة الماضي ونفتح صفحة الحاضر اللتين لا مقارنة بينهما؛ ففي العهد الحاضر عهد الأمن والرخاء عهد (المملكة العربية السعودية) صار الحج جولة سريعة أقرب للنزهة؛ فطرق الوصول متنوعة ومريحة، والخدمات على امتدادها متوافرة، ووسائل النقل متطورة، ووسائط الاتصال مدهشة، والخيرات تترى على الحجاج، والأمن يضرب بأطنابه على الوطن الغالي، والسكينة والخدمات والاستعدادات والنظافة في المدينتين المقدّستين والمشاعر في أكمل حال، وما على قاصدها إلا التفرغ لعبادته ومناجاة ربه وترك ما أهمَّه لقيادةٍ حريصة، وقائمِين بأمر الحج مخلصِين، ورجال أمنٍ يقظين، وعاملِين متفانِين، ومن خلفهم شعبٌ جسده بامتداد الوطن وروحه وعقله مع قيادته في السهر والاهتمام بضيوف الرحمن". اقرأوا التاريخ وينهي السهيمي؛ ناصحاً الجميع أن يقرأوا التاريخ ليتعلموا درس السعودية ممثلاً في الحج، ومحذراً من الانحراف بهذه العبادة إلى لعبة سياسية، ويقول "قلِّبوا صفحات التاريخ وتدبروها، واقرؤوا عن أدب الحج، واستوعبوا قصص الآباء والأجداد تجدوا البون شاسعاً بين ما كان وما هو كائن، فلنحمد اللهَ، ولْيُخلصْ مَن أراد الحجَّ نيتَه، وليتحرَّ الصوابَ في مناسكه، ولْيَنصرف لعبادته. أما مَن نوى غير ذلك فله عاقبة السوء، ومَن أراد أن يجعل من الحج وسيلة للعبة السياسة القذرة، فليس له إلا حصاد الوهم، ومَن أخذته العزة بالإثم على (إجراءاتٍ ضرورية) هدفُها تنظيمُ الحجِّ وإراحُة الحجيجِ فلن يضر إلا نفسَه".

مشاركة :