فقدت الأمة الإسلامية علماً من أعلامها ، وجنداً من جنودها البواسل في ميدان الثقافة الإسلامية. الحديث عن العظماء يطول ، فهم القادة إلى طريق الخير والفلاح. ومن أولئك العظماء الشيخ أبوبكر جابر الجزائري ،العالم الرباني ، من اغترف من بحورالعلم ، فصيح اللسان ، ذوالموهبة والعطاء. شهدت طيبة الطيبة نتاج فكر الشيخ الجزائري منذ نزوله إليها قادما من الجزائر ، ولتكون مقرة حياته بجوار مسجد النبي عليه الصلاة والسلام واعظاً ومدرساً ومرشداً وموجهاً. فعند افتتاح الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ممن كان لهم الفضل في إحياء رسالة التعليم فيها أكثر من ربع قرن. أشرف على كثير من الرسائل الجامعية ، وتخرج على يديه جيل كبير من أبناء العالم الإسلامي يقودون بلدانهم في ميادين مختلفة. ترك مكتبة ذات ثروة علمية عظيمة في جميع الفنون ، وأعظم كتاب ذاع صيته لدى العالم ( منهاج المسلم) إذ أنه أراد توجيه المسلم توجيهاً سليماً مستنيراً من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا كان العالم الإسلامي يفتقد اليوم فقيهاً من الفقهاء ومحدثاً ومؤرخاً فإن طيبة الطيبة وبالأخص مسجد رسول الله يبكي على من كان يتسابق إلى حلقته بجانب الروضة الشريفة الفقراء إلى الله ، طلبة العلم الذين أتوا من كل فج عميق لينهلوا من ينابيع مسجد الحبيب وليعودوا إلى بلدانهم دعاة خير وصلاح. وبفضل الله عزوجل كنت ممن عاصروا الشيخ اثناء وجودي في رحاب الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في مطلع الثمانينيّات ، فسلسلة المحاضرات السنوية كان للشيخ نصيب فيها ، فأعظم محاضرة من محاضراته أكثر فيها حضوراً للناس ، كانت تحت عنوان ( المدينة خير لهم لوكانوايعلمون). ومن بين الطلبة الحاضرين في ذلك الوقت معي سعادة معالي وزير خارجية جزر القمر المتحدة المكلف بالعالم العربي الحالي الدكتور حامد كرهيلا حفظه الله. فما من قطر من أقطار العالم الإسلامي إلا والشيخ ترك بصمات من علمه ، كما في فرنسا التي كان يزورها في كل صيف لإلقاء دروس ومحاضرات بالعربية والفرنسية. فالمملكة العربية السعودية ، بدورها الفعّال في خدمة العلم واهله ، وجد الشيخ من خلالها الدعم المتواصل ، والإحترام الفائق من لدن القادة الأخيار إلى المواطنين الأبرار. رحم الله شيخنا رحمة واسعة ، وألحقه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا . بقلم : الشيخ نورالدين محمد طويل إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بدرانسي شمال باريس متخرج من كلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
مشاركة :