ويليام براودر، الرئيس التنفيذي لشركة هيرميتاج كابيتال مانجمنت، خلال جلسة استماع للجنة قضائية في مجلس الشيوخ بعنوان «الرقابة على قانون تسجيل الوكلاء الأجانب ومحاولات التأثير في الانتخابات الأميركية» في مبنى هارت لمجلس الشيوخ على تلة الكابيتول، 27 يوليو 2017 في واشنطن العاصمة (غيتي). بقلم: مايا أوتاراشفيلي** تبيّن الأحداث التي أدت إلى اعتماد قانون ماغنيتسكي في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا مدى استعداد نظام بوتين إلى القيام بكل ما يسمح به لإسكات منتقديه واختزان الأموال. * يذكّر قانون ماغنيتسكي وتأثيره بأن دعم ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في أوروبا الشرقية وأماكن أخرى تقليد أميركي قديم، وأنه يمكن أن يتم بشكل جيد عندما يكون عن قناعة. إذا قلنا إن قمة هلسنكي التي جمعت الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد تسببت في غضب دولي فنحن نبسط بذلك الواقع. فتداعيات القمة على ترمب في المقام الأول كانت شديدة إلى درجة أن الرئيس اضطر إلى التراجع في اليوم التالي عن تصريحٍ أدلى به. ولسوء الحظ، كانت الرسائل المخفية وغير المخفية التي بعث بها هذا الاجتماع وفيرة للغاية بحيث لا يمكن إصلاحها عن طريق استبدال كلمة قال ترمب إنه لم يقصد قولها. وتستحق إحدى هذه الرسائل، التي قالها السيد بوتين بشكل استراتيجي للغاية في المؤتمر الصحافي، أن تعار اهتماماً إضافياً لأنها تحكي قصة الفساد والقتل والتجسس الدولي على أعلى المستويات في روسيا. وتُعد قصة قيام أحد المستثمرين الأثرياء المولودين في الولايات المتحدة منذ عقد من الزمان بحملة ضد بوتين معروفة جداً لمعظم خبراء السياسة الخارجية إلا أنها غير معروفة كثيراً بين الناس. وتبيّن الأحداث التي أدت إلى اعتماد قانون ماغنيتسكي في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا مدى استعداد نظام بوتين للقيام بكل ما يسمح به لإسكات منتقديه واختزان الأموال. كما أنها قصة تعاون دولي ناجح – ولكن أيضاً هش – دعماً لحقوق الإنسان.قتل سيرغي ماغنيتسكي ولد المستثمر بيل براودر في أميركا وعاش في موسكو، حيث ترأس صندوق «هرميتاج» لإدارة الأصول. وكما كتب براودر لاحقاً في قصته في مجلة «بوليتيكو»، فقد كان ناجحاً للغاية ولكنه واجه قدراً هائلاً من الفساد في الشركات الروسية التي استثمر فيها صندوقه. ونتيجة لهذه الشكاوى العامة كتب براودر: «تسبب الرئيس فلاديمير بوتين بطردي من البلاد وأعلن أنني أشكل تهديداً للأمن القومي. وبعد 18 شهراً من ذلك، داهمت الشرطة في يونيو (حزيران) 2007 مكاتبي في موسكو، وتم استخدام الوثائق التي استولوا عليها لإعادة تسجيل ملكية شركاتنا القابضة للاستثمار، فضلاً عن تغريمنا مبلغ مليار دولار من الالتزامات الضريبية الزائفة. وفي ديسمبر (كانون الأول)، استخدم المسؤولون الفاسدون (ملكيتهم) الجديدة لشركاتنا والالتزامات الضريبية المزيفة لاسترداد 230 مليون دولار من الضرائب التي دفعناها للدولة في العام السابق». ووفقاً لبراودر، كان ذلك أكبر خصم ضريبي في تاريخ روسيا.الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكلّف براودر المحامي الشاب سيرغي ماغنيتسكي بتولي الدفاع في القضية بعد المداهمات التي حصلت. وفي 2008. كشف ماغنيتسكي عن شبكة من التزوير الضريبي بقيمة 230 مليون دولار. وأدت تحقيقاته إلى الكرملين مباشرة وإلى دائرة بوتين الداخلية من القلة. وبعدها، أصبح ماغنيتسكي هدفاً للتحقيقات وترهيب الشرطة. وتم اعتقاله دون توجيه اتهامات له وضربه حتى الموت أثناء احتجازه لدى الشرطة. وكما سرد براودر في وقت لاحق: «لم ينكر أحد تعذيب سيرغي وقتله. وخلال 358 يوماً من الاحتجاز، كان سيرغي قد كتب أكثر من 450 شكوى توثق ما قامت به قوات الشرطة من تعذيب. وتلقينا نسخاً من هذه الشكاوى، ومعاً قدمت واحدة من أكثر الحسابات العميقة المتعلقة بانتهاك حقوق الإنسان في روسيا خلال السنوات الـ35 الماضية». وما تلا ذلك كان مرور عقد من الزمن لمعركة يقودها رجل واحد (ثري وغاضب) لتحقيق العدالة على نطاق دولي.قانون ماغنيتسكي وقّع الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش عام 2004 على «إعلان 7750» لتعليق الدخول «كمهاجرين أو غير مهاجرين من الأشخاص المتورطين في الفساد أو المستفيدين منه». وبحسب الإعلان: «لقد قررت أنه من مصلحة الولايات المتحدة اتخاذ إجراءات لتقييد السفر الدولي وتعليق دخول بعض الأشخاص إلى الولايات المتحدة، كمهاجرين أو غير مهاجرين ممن قاموا بأعمال فساد أو شاركوا فيها أو يستفيدون من الفساد في أداء الوظائف العامة إذ يكون لهذا الفساد آثار سلبية خطيرة على النشاط الدولي للشركات الأميركية وأهداف المساعدة الخارجية الأميركية وأمن الولايات المتحدة ضد الجريمة عبر الحدود الوطنية والإرهاب أو استقرار المؤسسات والدول الديمقراطية». وقد ألهم إعلان 7750 براودر لطلب تشريع قانون ماغانيتسكي، وهو عبارة عن تشريع يمكّن براودر من الانتقام لموت ماغنيتسكي بالطريقة المأساوية. ويعمل هذا القانون في إطار إعلان الرئيس بوش 7750. لذا فإن الأفراد الذين شاركوا في مقتله والذين تورطوا في مثل هذا النوع من الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان لن يتمكنوا من الاستفادة من الوصول إلى الدول الغربية لا مادياً ولا جسدياً. وتوجه براودر إلى وزارة الخارجية ورفع قضيته إلى رئيس مكتب الشؤون الروسية وقال: «هذه أكثر حالات انتهاك حقوق الإنسان توثيقا منذ نهاية الاتحاد السوفياتي. لقد تم الاعتراف بشكل مستقل بأن عدداً من المسؤولين الروس كانوا متورطين في موت سيرغي». ولم يكن الاجتماع مؤيداً لسن إعلان 7750. ففي النهاية، حصل ذلك في مارس (آذار) 2010، ولم يكن حينها وعد «إعادة ضبط» الوضع بين الولايات المتحدة وروسيا بقيادة أوباما بلا جدوى كما تبيّن اليوم. وبعد ذلك بفترة وجيزة، التقى براودر مع كايل باركر عضو مجلس الشيوخ في لجنة هلسنكي في الولايات المتحدة، وهي وكالة حكومية أميركية تعزز حقوق الإنسان والأمن العسكري والتعاون الاقتصادي في 57 دولة عبر أوروبا وأوراسيا وأميركا الشمالية. ووصلت قصة ماغنيتسكي إلى وزيرة الخارجية وقتها هيلاري كلينتون وفرع الحكومة الأميركية التشريعي بأكمله وذلك بمساعدة باركر والدعم المباشر من السيناتور بن كاردن، بالإضافة إلى قائمة تضم 60 شخصاً روسياً شاركوا في تخويف ماغنيتسكي وفي اعتقاله وتعذيبه وموته وفقاً لتحقيقات براودر. واستغرق براودر عامين تقريباً من الضغط الدؤوب في واشنطن لتمرير قانون ماغنيتسكي. وأخيراً، وقع الرئيس أوباما على هذا القانون في 14 ديسمبر (كانون الأول) 2012. ويحظر القانون على الأفراد الروس المشتبه في ارتكابهم جرائم قتل وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان دخول الولايات المتحدة ويتم أيضاً تجميد أصولهم الأميركية. ولا يفرض قانون ماغنيتسكي عقوبات على الأشخاص المتورطين بشكل مباشر في قتل المحامي ماغنيتسكي فقط، بل أيضاً على جميع منتهكي حقوق الإنسان في روسيا. ولكن لماذا تهم عقوبات ماغنيتسكي بوتين؟ اتضح أن العقويات قد أغضبت بالفعل العميل السابق في جهاز المخابرات السوفياتي الذي أصبح رئيساً. واضطر بوتين إلى إنشاء قاعدة نخبة معينة في الكرملين ليبقى في السلطة لفترة طويلة. ويشكل «المقربون من بوتين» أو مجموعته من المؤيدين الأثرياء، عاملاً مهماً في الحفاظ على استقرار النظام ودعم الرئيس. وفي المقابل، يضمن بوتين سلامة حساباته المصرفية الأجنبية وثرواته الهائلة، والتي تم الحصول على الكثير منها بطرق الفساد. ويعتبر توفير هذا الغطاء الأداة الرئيسية التي يستخدمها بوتين للحصول على دعم النخبة اللازم للبقاء في السلطة بأمان. وعندما تبدأ الدول الغربية بشكل منهجي بتجميد ومصادرة هذه الأصول، وحرمان مالكيها من التأشيرات حتى لا يتمكنوا من التمتع بكل ما تقدمه الدول الغربية المزدهرة (من لندن إلى نيويورك إلى ميامي ولوس أنجليس)، فإن النخب المستاءة في روسيا لن ترى حافزا للاستمرار في دعم بوتين. وتم تصميم عقوبات ماغنيتسكي للتأثير بأكثر ما يضر ببوتين، وكل هذا حدث قبل العقوبات المتصلة بأوكرانيا أو أي من العقوبات الأخرى التي تم فرضها كما يجب منذ ذلك الحين. وانتقاماً لفرض تلك العقوبات، وقع بوتين في ديسمبر (كانون الأول) 2012 قانوناً يمنع المواطنين الأميركيين من تبني الأطفال الروس. ومنع هذا القانون مغادرة مئات الأيتام في خضم عملية التبني من روسيا. وكانت روسيا حتى عام 2012 واحدة من «الموردين» الرئيسيين للأطفال الذين يتم تبنيهم من قبل الولايات المتحدة. وعند توقيع قانون حظر التبني، كان هناك 120 ألف يتيم في روسيا بانتظار أن تنتهي أوراقهم ليذهبوا إلى الولايات المتحدة، والكثير منهم كانوا من ذوي الاحتياجات الخاصة. وعاش ثلاثة أضعاف هذا العدد في نظام كفالة الأطفال. ويمكن للمرء أن يجادل بأن هذا كان عقاباً للأطفال الأيتام الروس أكثر منه عقاباً للولايات المتحدة، ولكن كما يقول تعليق ورد مؤخراً في مقالة رأي، فقد كانت تلك الخطوة «مثالاً على الحرب الدبلوماسية المتبادلة». ولم يوقف قانون حظر التبني حكومة الولايات المتحدة من تنفيذ العقوبات. وتشمل قائمة الأفراد الروس المستهدفين أكثر من ثلاثين شخصاً حتى الآن والعدد يزداد مع الوقت. وعلاوة على ذلك، حذا حلفاء أميركا الأوروبيون حذوها بعد تمرير قانون ماغنيتسكي. وتبنت الكثير من هيئات الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى عدد من دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك المملكة المتحدة وهولندا وإستونيا وإيطاليا وبولندا، عقوبات مماثلة. في أكتوبر (تشرين الأول) 2013. انضمت كندا إلى تلك القائمة. ومن المقرر أن يصوت برلمان مولدوفا على تبني العقوبات المتعلقة بقانون ماغنيتسكي هذا الخريف.قانون ماغنيتسكي وإدارة ترمب إن قانون ماغنيتسكي أكثر بكثير من مجرد تدبير تم اتخاذه في عهد أوباما. ففي ديسمبر (كانون الأول) 2017. وقع ترمب على قانون ماغنيتسكي العالمي الذي يستهدف منتهكي حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، ويجمد أصولهم في الولايات المتحدة ويحرمهم من الحصول على تأشيرات الدخول للولايات المتحدة. وبالإضافة إلى ذلك، أشرفت إدارة ترمب أيضاً على عملية زيادة وتعميق المزيد من العقوبات على روسيا. فعلى سبيل المثال، مررت حكومة الولايات المتحدة في أبريل (نيسان) 2018 مجموعة أخرى من العقوبات التي فرضتها على كبار المقربين من بوتين. وتستهدف العقوبات الجديدة سبعة من أغنى رجال روسيا و17 من كبار المسؤولين الحكوميين. ومع ذلك، فإن علاقة إدارة ترمب مع روسيا أكثر تعقيداً بكثير. على سبيل المثال، قيل إن الاجتماع المصيري الذي عقد في برج ترمب بين المحامية الروسية ناتاليا فيسلنيتسكايا وموظفي حملة ترمب قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2016 كان حول موضوع القانون الروسي الذي يحظر تبني الأطفال الروس من الولايات المتحدة. ولكن حظر التبني يعني في الواقع العقوبات. وتعمل فيسلنيتسكايا منذ سنوات على قلب قانون ماغنيتسكي. وفي حين أن تفاصيل هذا الاجتماع غير معروفة، من الواضح أن موسكو كانت تبحث عن طرق مختلفة لجعل فريق ترمب يساعد بوتين على الوصول إلى براودر. ولم يعرف بعد ما إذا كان فريق ترمب قد وافق أو تعاون مع هذه المطالب. إلا أن الدليل الحقيقي على مدى تأثير براودر على بوتين قد ظهر للعالم في المؤتمر الصحافي الذي تلا قمة هلسنكي. وقال بوتين حينها: «يوجد اتفاق تعاون في القضايا الجنائية بين الولايات المتحدة وروسيا يعود تاريخه لعام 1999 ولا يزال سارياً». وأضاف: «لدى هذا الاتفاق إجراءات قانونية محددة يمكننا تقديمها. ويستطيع المحقق الخاص روبرت مولر، المكلف بالتحقيق في قضية التدخل الروسي، استخدام هذه المعاهدة كقاعدة صلبة وإرسال طلب رسمي إلينا لنتمكن من التحقيق واستجواب هؤلاء الأفراد الذين يعتقد مولر أنهم مطلعون على بعض الجرائم».تظهر الصورة التي تم التقاطها في 7 ديسمبر 2012، قبر المحامي الروسي سيرغي ماغنيتسكي المغطى بالثلج مع صورته على القبر (في الوسط) في مقبرة Preobrazhenskoye في موسكو (غيتي) وتابع بوتين قائلاً: «يمكننا في الواقع السماح لممثلي الولايات المتحدة، بما في ذلك أعضاء هذه اللجنة ذاتها التي يرأسها السيد مولر، بدخول البلاد. ويمكن أن يكونوا حاضرين عند الاستجواب. وفي هذه الحالة، هناك شرط آخر. يجب أن يكون هذا النوع من الجهد متبادلاً. لذلك نتوقع أن يفعل الأميركيون مثلنا ويستجوبوا المسؤولين، بما في ذلك ضباط إنفاذ القانون وأجهزة الاستخبارات في الولايات المتحدة الذين نعتقد أن لديهم صلة بأعمال غير قانونية أقيمت على أراضي روسيا. ونطالب بوجود موظفي إنفاذ القانون الروسيين». وبعد المقدمة الطويلة التي قالها بوتين وصل أخيراً إلى تفاصيل ما كان يدور في ذهنه وقال: «على سبيل المثال، يمكننا إحضار السيد براودر في هذه الحالة بالذات. فقد كسب شركاء أعمال السيد براودر أكثر من 1.5 مليار دولار في روسيا. ولم يدفعوا أي ضرائب لا في روسيا ولا في الولايات المتحدة. ومع ذلك، يخرج المال من البلاد ويتم نقله إلى الولايات المتحدة. وقد أرسل شركاؤه مبلغا ضخماً من المال، وهو 400 مليون دولار كمساهمة في حملة هيلاري كلينتون. وهذا شأنهم الخاص. وربما يكون الفعل قانونيا، أي المساهمة نفسها. لكن الطريقة التي تم بها كسب المال كانت غير قانونية. ولدينا سبب قوي للاعتقاد بأن بعض ضباط المخابرات قاموا بالإشراف على هذه التحويلات المالية. لذلك لدينا مصلحة لاستجوابهم. ويمكن أن تكون هذه خطوة أولى ويمكننا تمديدها أيضاً. توجد خيارات كثيرة. ويمكن القيام بها جميعاً في إطار قانوني مناسب». وللأسف، فإن ما أثار شعورا بعدم الارتياح هو رد فعل السيد ترمب على هذا «العرض» فقد رد ترمب قائلاً: «لدي ثقة كبيرة في رجالي في الاستخبارات، لكني سأقول لكم إن الرئيس بوتين كان قوياً وثابتاً للغاية في إنكاره اليوم. وما قدمه عرض لا يصدق. وعرض أن يأتي الأشخاص الذين يعملون على القضية للعمل مع محققيهم، فيما يتعلق بالـ12 شخصا. أعتقد أن هذا عرض رائع». وفي حين تسببت تصريحات ترمب بغضب الحزبين في الولايات المتحدة، قالت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض سارة هاكابي ساندرز بعد يومين من القمة إن بوتين قد طلب من دونالد ترمب أن يترك المسؤولين الروس يستجوبون السفير الأميركي السابق في روسيا مايكل ماكفول، بالإضافة إلى أفراد أميركيين آخرين. ويعرف الكثير منهم بنقدهم لروسيا ودفاعهم عن قانون ماغنيتسكي، بما في ذلك موظف الكونغرس، كايل باركر. إلّا أن مجلس الشيوخ الأميركي قد صوّت بالإجماع لقرار يعارض السماح لحكومة فلاديمير بوتين باستجواب الدبلوماسيين الحاليين والسابقين والمسؤولين وأعضاء القوات المسلحة الأميركية. وفي المقابل، قالت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض إن ترمب قد استغرق أياماً للنظر «في العرض» الذي قدمه بوتين قبل رفض طلب موسكو للوصول إلى الأفراد المعنيين. وقد أثار هذا الوضع، وطريقة البيت الأبيض الخرقاء في التعامل مع المناورة الروسية الذكية، التي تتسم بالشفافية الشديدة، الكثير من الأسئلة. هل كان السيد ترمب غير مدرك لجسامة قانون ماغنيتسكي؟ وهل كان ساذجاً بما يكفي ليعتقد أنه يمكن تسليم دبلوماسي أميركي سابق أو أي مسؤول أميركي آخر إلى نظام استبدادي قاتل ليقوم باستجوابه؟ ففي النهاية، وقّع ترمب بنفسه على قانون ماغنيتسكي العالمي، وقال في كثير من المناسبات إنه يتعامل مع روسيا بصرامة أكثر من الرئيس السابق أوباما. وهل يعني هذا أن السيد ترمب كان على علم تام بالقانون قبل ذهابه إلى اجتماعه الخاص مع السيد بوتين ولكنه مع ذلك اختار أن يصف عرض بوتين الساخر، إن لم يكن الخطير، بشأن «تبادل المعلومات الاستخبارية» بأنه «عرض لا يصدق»؟ ويتعلق سؤال هام آخر بمصير السيد براودر نفسه. فمنتقد الكرملين الشغوف هو مركز على رادار بوتين، ومع ذلك فقد استطاع أن ينمّي مهمته بسرعة فائقة ويبقى بأمان. وقد أصبح الكثير من أصدقائه ومؤيديه ضحايا لتلاعب روسيا في الإنتربول أو تم اغتيالهم بالفعل. فهل براودر بمأمن؟ ويقول براودر إن بوتين يريد قتله ولكنه لا يختبئ من الشهرة والاهتمام الذي اكتسبه على مر السنين. وكثيرا ما يظهر على شبكة «سي إن إن»، و«فوكس» وغيرهما من وسائل الإعلام المعروفة. وقد نجح في الحصول على إجماع بين الحزبين في أميركا لدعم حقوق الإنسان. كما تمكن من القيام بنفس الأمر في أوروبا وكندا. وبفضل حملته، أصبح موت شخص رمزاً لقضية أكبر. فهل يمكن قول الشيء ذاته عن آلاف الأوكرانيين والجورجيين الذين قُتلوا في حروب القرن الحادي والعشرين المختلفة التي خاضتها روسيا في بلدانهم؟ وهل ستبقى الولايات المتحدة على موقفها ضد سياسات بوتين بينما تستعد جورجيا لشهر حدادها الوطني في أغسطس (آب) في الذكرى العاشرة للغزو الروسي وتدخل أوكرانيا عامها الخامس في الحرب الأهلية في دونباس؟ يذكّر قانون ماغنيتسكي وتأثيره بأن دعم ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في أوروبا الشرقية وأماكن أخرى تقليد أميركي قديم، وأنه يمكن أن يتم بشكل جيد عندما يتم باقتناع. يوثق كتاب براودر «Red Notice» الذي نشره عام 2015، قصة سيرغي ماغنيتسكي ورحلة براودر الخاصة التي تسعى إلى تحقيق العدالة في قضية وفاة المحامي الشاب. * زميلة الباحثين ومنسقة برنامج الشؤون الأوروآسياوية بمعهد أبحاث السياسة الخارجية… وشاركت في تحرير مجلد معهد أبحاث السياسة الخارجية لعام 2017 تحت عنوان «هل الديمقراطية مهمة؟ الولايات المتحدة ودعم الديمقراطية العالمية». وتشمل اهتماماتها البحثية الجغرافيا السياسية لمنطقة البحر الأسود – القوقاز وبلدان ما بعد الشيوعية وسياسات توسيع الاتحاد الأوروبي
مشاركة :