حدت أمطار المصايف الغزيرة التي هطلت مساء الأحد الماضي، على منطقة الباحة وغابة رغدان، من عدد الجمهور المتحفز لحضور أمسية الشاعرين عبدالرحمن الشهري ومسفر الغامدي، ما دفع المنظمين لنقل من تبقى منهم إلى خشبة المسرح ومتابعة الأمسية عن قرب في ظل حميمية ودفء العلاقة الشاعرة بين مرسل ومتلقٍ.وكعادة قصيدة النثر في إنسانيتها التفت الشهري إلى عمّال النظافة بنص استعرض فيه ما يعانون طيلة يوم كامل، ما يوجب أن نقول لمثلهم شكراً، وخص الطفولة في استوديو التصوير بمقطوعة (لمن سوف نضحك)، ولَم ينس الجدات وهو يهدي لهن (النوم على مقربة من الحكاية)، وبقراءة تأملية استعاد الشهري (توم وجيري) في نص يحدث في أفلام الكارتون، فيما سجل الحضور إعجابهم باستنطاقه كرسي الشاعر الشهير (محمد بن ثايب) وضمن النص شيئاً من كاريزماه ومطلع قصيدة له، ولَم يغب المشاهير عن نصوص الأمسية، إذ استعاد الشهري المطربين فوزي محسون من خلال نص (يا عيني حظنا تعبان)، وطاهر الأحسائي عبر (نخلة الأحساء)، وألقى من مجموعة جديدة (وسادة مريحة للنوم، والجمال الذي تصدقه يكذب عليك، حديقة خلفية للحنان، عبدالله الجزار، وميرفت أمين، وغمزة أخرى).فيما بدأ الشاعر مسفر الغامدي بتلويحة ذكرى للراحل طلال مداح، واستعاد (زمان الصمت) من خلال نص (الساحة)، كما أضاف بعداً رابعاً لقريته (الحلة) في بني ظبيان، ولامس الغامدي علاقة براءة الطفولة بالأشياء والأشخاص عبر نصوص (تفاحة تفاحة، والصاغي)، فيما أبدع في سرد مشاهد من ليلة ماطرة وأمه تتفادى خرير الماء داخل المنزل الطيني بالأواني، ما يحيل المساء إلى سمفونية فاتنة له ولإخوته لتقوم في الصباح بصب ماء (الأغاني) في أحواض الشجر. واختتم بنص (هنا، والبيت) على أنغام عود الفنان محمد العتيق الذي شدا بأغنيتين للراحل طلال مداح (تمنيت من الله، ووعدك متى). من جهته، ثمن مدير فرع جمعية الثقافة والفنون في منطقة الباحة علي البيضاني للشاعرين حضورهما البهي وحسّهما الإنساني في تناول قضايا بسيطة بلغة فارهة، ما يعزز حضور قصيدة النثر كونها لغة عالمية إنسانية مشتركة بمضامينها وموضوعاتها وموسيقاها الداخلية. واختتمت الأمسية التي قدمها الزميل علي الرباعي بتكريم المشاركين وتوقيع مجاميع الشاعرين.
مشاركة :