(أعطني مسرحًا أعطك شعبًا عظيمًا).. الدنيا مسرح كبير، والحياة لا تخلو من صورة المسرح اليومي في حياتنا وسلوكياتنا وتصرفاتنا وقيمنا وعاداتنا، لذلك كان المسرح محطة مهمة للطفل، لأنه أشبه بدور الأسرة والمدرسة في تغذية الفكر المتشكل في اللبنة الأولى للأطفال.نظرة الطفل لحركة الجسد ومنطق اللسان بدون حاجز تبقى في ذهنه وذاكرته، ولكن الكارثة عندما يكون (التهريج) هو سيد الموقف في مسرح الطفل.. كيف سيكون موقف أطفال اليوم.. شباب الغد.. من القيم والمبادئ والسلوك.التغافل عن أهمية النصوصذكر المخرج المسرحي ابراهيم الدوسري أن مسرح الطفل هو بمثابة منبر تثقيفي وتوعوي، يقوم المسرحيون من خلاله بصقل شخصية الطفل وتنمية ادراكه ومعالجة السلوكيات السلبية لديه وذلك للحصول على جيل مثقف وواع يدرك اهميته في المجتمع، كما أشار الدوسري الى أن غياب ثقافة المسرح لدى الاهالي وعدم معرفتهم بأن مسرح الطفل سيعود عليهم بالنفع تربويا، وأن معظم المهرجانات تنظر إلى المسرح كعنصر تجاري لجلب الأرباح والتغافل عن اهمية النصوص المعروضة، ويتبلور ذلك في حشو محتوى المسرحية بحوارات واستعراض لا يمت لهوية المسرح بصلة.غياب المنتج الواعيفيما أوضح مدير عام جمعية الثقافة والفنون بالدمام السابق عبدالعزيز السماعيل، ان تعددية احتياجاتنا الهامة لمسرح الطفل تجعله مطلبا في كل الأوقات ومنها أيام الاحتفالات الاجتماعية والاعياد، فمن أجل التعبير عن البهجة بالعيد مثلا يمكن ان تقدم مسرحية تحمل الكثير من المعاني الاجتماعية التي يعنى بها العيد في بعده الاجتماعي، وتكون في نفس الوقت منبها الى بعض السلوكيات السلبية التي تحدث بمناسبة العيد من الأطفال او من العائلة او أحد افرادها، مضيفا: إلا أن مسرح الطفل بقدر ما هو مهم فهو أيضا حساس جدا ويتطلب الحذر الشديد في انتاجه وتقديمه للأطفال، وتابع: مسرح الطفل يفتقر الى الدراسة المتعمقة في طريقة طرح المواضيع، وعدم توافر المكان المخصص والمهيأ لتقديم عروض مسرحية لائقة للطفل، كما لا يتوافر المنتج الواعي لهذا المسرح الذي يعتمد أساسا على الأبعاد النفسية والسيكولوجية الخاصة بالطفل والمراهق، وأضاف: مسرح الطفل يعتمد على الإنتاج المتوافر في المدارس ومراكز الدور الاجتماعية ومراكز الترفيه والجمعيات المعنية بالفنون والثقافة حسب الإمكانات المتاحة، وجهود فردية لا يستطيع من خلالها تقديم مسرح حديث مدروس ومتكامل للطفل، موضحا أننا نلاحظ عدم الاهتمام بالفئة العمرية للأطفال الموجه لهم العرض المسرحي، وإبقاء الطفل المتفرج بصفته متلقيا للعرض أكثر من إشراكه فيه، وحتى عندما يتم إشراكهم أحيانا في بعض ازمان المسرحية يكون ذلك في الغالب عبر تلقين بعض الجمل او العبارات كقيم أو تقاليد ثابتة يحددها المخرج لهم لتكرارها، بدلا من جعل الطفل يبتكرها بنفسه.عدم البحث عن النصوص الجيدةوأشار المخرج المسرحي راشد الورثان، إلى أبرز مشكلات المسارح الخاصة بالأطفال التي تكمن في عدم البحث عن النصوص الجيدة، وعدم اخذ الوقت الكافي في دراسة الأعمال التي تقدم في المناسبات، اضافة إلى عدم وجود الدعم المالي المجزي الجيد الذي يضمن تقديم العمل بكوادر احترافية في مجال مسرح الطفل، عوضا عن المجتهدين والذين لا هم لهم الا الربح المادي فقط، وأضاف: نحن لسنا ضد ذلك اذا كان السعي للربح المالي مصحوبا بعمل راقٍ بكل ركائزه المرتبطة بمسرح الطفل، وقال: عدم التجديد في الأفكار المطروحة وعدم مواكبة طفل اليوم وما يتعلق به، تجعله ينفر عن هذا الجو الذي لا يحترم تفكيره وعقله الإلكتروني، موضحا أن عملية تكرار المواضيع والأفكار وطريقة الطرح يكون لها تأثير كبير في عملية الجذب او النفور.واشاد الورثان بمهرجان الطفل المسرحي الذي تقيمه جمعية الثقافة والفنون بالدمام بعد ان وصفه بالتجربة الفريدة على مستوى الخليج والوطن العربي، وقال: المهرجان هو الوحيد الذي يفرض ان يكون المشاركون في الفعل المسرحي وخصوصا على خشبة المسرح هم من الأطفال انفسهم، وممارسة الطفل لهذا الفعل سوف يقدم له الكثير من بناء الشخصية إلى الثقة في النفس، وقضاء وقت يستفيد منه بشكل تام، مضيفا ان وجود طفل على خشبة المسرح في العرض الكامل له تأثير كبير على الجمهور سواء من الأطفال او الكبار.
مشاركة :