في لفتة وفاء لماحة، احتفت قناة «أم بي سي» بذكرى مرور عام على رحيل أحد كبار نجوم الكوميديا والمسرح الكويتي والخليجي الفنان عبد الحسين عبد الرضا. فالعادة الجارية هي تغطية نبأ رحيل أي فنان ولو كان حتى أحد إهرامات الفن خلال يوم أو يومين مع بضعة تقارير عامة عنه تمر مرور الكرام على مسيرة إنسانية وفنية عابقة بالدروس والعبر والتحديات والنجاحات والإخفاقات ومن ثم يطويه النسيان رويداً رويداً. لكن هذه المرة وحتى بعد مرور سنة على رحيل النجم الكويتي، بادرت المحطة إلى تخصيص برنامج مطول أشبه بتغطية متكاملة تناولت مراحل حياة الراحل الكبير ومحطاته الفنية وأعماله وإبداعاته التي غدت علامات مضيئة وخالدة في ذاكرة ووجدان ملايين محبي هذا الفنان المعجون بالسليقة والفطرة بالكوميديا الخلاقة والهادفة. فبمجرد إيماءة منه أو جملة في أي مقطع أو مشهد كانت سطوته الإبداعية وروحه الكوميدية العالية تطغى على العمل ككل وتفرض هيبتها الأخاذة وحضورها الآسر. ولعل أعمالاً من طينة «باي باي لندن « و «سيف العرب» و «عزوبي السالمية» غدت من كلاسيكيات المسرح الخليجي والعربي، فضلاً عن أعماله الكوميدية التي أسعدت وامتعت أجيالاً من الخليج إلى المحيط. فالرجل كان من رواد وبناة العصر الذهبي والزمن الجميل للدراما والمسرح في الكويت. البرنامج مثل رصداً لحياته الشخصية والفنية وتخللته شهادات من أفراد عائلته وأصدقائه وزملائه الفنانين في بادرة جديرة بالتحية إذ قلما تتذكر الشاشات الإضاءة على شخوص الفنانين الراحلين عبر برامج تكريمية احتفائية متعوب عليها كحال «عام على الغياب». فأقل ما يمكن أن تفعله تلك الشاشات التي لطالما كان يبث من خلالها البهجة والمتعة النقدية وكذا نحن معشر المشاهدين والمتذوقين لفن ورسالة عبد الرضا الجمالية هو الاحتفاء به وتذكره باحترام وتبجيل كمدرسة قائمة بذاتها في حقول الدراما والمسرح. فأعماله تحتفظ منذ عقود بطزاجتها وقيمتها الجمالية والمعرفية حتى الآن والتي درجت مجموعة محطات «أم بي سي» وغيرها من قنوات على عرضها كل فترة بخاصة إبان مواسم الأعياد والصيف، بخاصة مسرحيته الشهيرة «باي باي لندن»، فضلاً عن «سيف العرب» التي أبدع الراحل خلالها في تجسيد شخصيتين في عمل مسرحي واحد مرة عبر دور المواطن الكويتي أبو خالد وفي الجزء الثاني عبر تقمص دور الديكتاتور العراقي صدام حسين. فالرجل نجح أيما نجاح في تمثل حركات وسكنات الديكتاتور البعثي وفِي التغلغل إلى أعماق مكنونات شخصيته وتشرب خصالها وتمظهراتها الاستبدادية وصولاً حتى إلى تمثيل طريقته في التلفظ بمخارج الحروف وابتسامته الماكرة الصفراء ما كان سبباً أساسياً في حصد العمل ذاك النجاح والتميز في سرد واقعة احتلال بلده الكويت على يد نظام صدام حسين البعثي. يستحق الفنان والإنسان عبد الحسين عبد الرضا الاستذكار دوماً والوقوف كل عام أمام ذكراه العطرة تقديراً وامتناناً لعطائه وإمتاعه اللامتناهيين.
مشاركة :